محكمة يونانية تسقط قضية غرق سفينة مهاجرين ضد تسعة مصريين
ذكرت صحيفة كاثمريني اليونانية أن محكمة، في مدينة كالاماتا جنوب اليونان، أسقطت التهم الموجهة لعدد من المصريين، على خلفية حادث انقلاب قارب كان يُقل مهاجرين، ما أسفر عن مقتل المئات في يوليو الماضي، في كارثة وصفت بأنها الأكثر فداحة في البحر المتوسط منذ أكثر من 10 سنوات، وقضت المحكمة اليونانية، أمس الثلاثاء، بعدم الاختصاص في نظر القضية، نظرًا لوقوع الحادث في المياه الدولية، وتعود تفاصيل الحادث إلى غرق سفينة الصيد المعروفة باسم أدريانا بينما كانت مكتظة بالمهاجرين قبالة سواحل اليونان قبل نحو عام، في أثناء رحلتها من ليبيا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، ما أسفر عن وفاة 600 مهاجرًا كانوا على متن السفينة وواجه المتهمون عقوبة السجن مدى الحياة، إذا أُدِينوا بتهريب البشر والتسبب في غرق القارب.
وسبقت المحاكمة انتقادات واسعة من منظمات حقوقية أوروبية، من بينها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، قائلة إن لديها تحفظات قوية بشأن نزاهة التحقيق والأدلة اليونانية، متسائلين عن مدى عدالة المحاكمة التي كان المتهمون سيخضعون لها وخلال تحقيق سابق لهيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي، اتهم ناجون قواتِ خفرِ السواحل اليوناني بالتسبب في انقلاب القارب إثر محاولة فاشلة لإنقاذه وقال الناجون إن هذه القوات أجبرتهم على تقديم أدلة تدين المتهمين المصريين بتهمة الاتجار بالبشر وعلت الهتافات خارج المحكمة بعد أن أصبح قرار القضاة بإسقاط القضية أمرا نافذا.
وقال سبايروس بانتازيس، وهو محامٍ لأربعة من المتهمين للإذاعة البريطانية، إن قرار إسقاط التهم يعد انتصارًا لحقوق الإنسان، وإنه يأتي بعد عام مما وصفه بالمعاناة والألم، التي تعرض لها المتهمون وقالت جوديث ساندرلاند مديرة قسم أوروبا ووسط آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، إن قرار إسقاط التهم يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة ومحاسبة خفر السواحل اليوناني لمعرفة السبب وراء مقتل المئات من المهاجرين وطالبي اللجوء.
ومن جانبه، نفى خفر السواحل اليوناني ضلوعه في الكارثة، ورفضت السلطات جميع مزاعم ارتكاب أي مخالفات أو تستر، وتنظر المحكمة البحرية اليونانية في هذه الاتهامات.
500 مهاجر في عداد المفقودين
تتراوح أعمار المتهمين المصريين التسعة، بين 20 و41 عاما، وقد مَثَلوا جميعًا أمام المحكمة صباح الثلاثاء.
وكان المتهمون على متن قارب الصيد أدريانا الذي غرق في المياه الدولية في 14 يونيو/حزيران من العام الماضي.
ومع ذلك، وقع الحادث في منطقة الإنقاذ التي تخص اليونان، والتي تُعَدُّ من أعمق مناطق البحر الأبيض المتوسط وتشير التقديرات إلى أن القارب كان يحمل ما يصل إلى 750 مهاجرًا عندما انطلق قبل نحو أسبوع من وقوع الحادث، من ميناء طبرق في ليبيا.
وتمكنت السلطات من انتشال 82 جثة، لكن الأمم المتحدة تعتقد أن 500 آخرين كانوا على متن القارب لقوا حتفهم، وكان من بينهم 100 امرأة وطفل.
وأكدت المحكمة إنه لا يمكنها توجيه اتهام للرجال المصريين بإنشاء منظمة إجرامية والتسبب في غرق سفينة؛ نظرًا لحدوث ذلك بعيدًا عن الساحل اليوناني ونتيجة لذلك، أعلنت المحكمة براءتهم من التهم الأخرى المتعلقة بالدخول غير القانوني إلى اليونان وحكمت بأنهم ليسوا مهربين.
وكان المدعي العام قد أقر في وقت سابق بالحجة التي ساقها الدفاع، بعدم وجود أساس قانوني لمحاكمة الرجال؛ نظرًا لأن السفينة سقطت خارج المياه الإقليمية اليونانية، وإن كان ذلك في منطقة الإنقاذ الخاصة باليونان.
وكان خفر السواحل اليوناني يتابع القارب لمدة سبع ساعات على الأقل قبل وقوع الغرق، لكنه قال في وقت لاحق إنه لم يحاول الإنقاذ؛ لأن السفينة كانت تُبحر في أمان بسرعة ثابتة وفي مسار ثابت باتجاه إيطاليا، كما أن الركاب لم يكونوا في خطر.
ولكن تحقيقًا سابقًا لهيئة الإذاعة البريطانية ألقى شكوكا جدية بشأن صحة هذه الادعاءات، وعرضت بي بي سي ما توصلت إليه على رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في نوفمبر الماضي، والذي قال إنه يجري التحقيق فيها، لكن المسؤولية تقع على عاتق المهربين وقال ميتسوتاكيس: لقد أنقذ خفر السواحل اليوناني عشرات آلاف الأرواح في البحر، وعلينا أن نكون ممتنين للعمل الذي يقومون به.
حالة القارب
وتكشف لائحة الاتهام، التي حصلت عليها بي بي سي، أن المدعين اليونانيين اتهموا المصريين التسعة بالتسبب في الكارثة من خلال قيادة سفينة مكتظة للغاية، والتي كانوا يعلمون أنها تشكل خطرًا واضحًا على حياة من فيها.
وجاء في الاتهام: لم تكن سفينة الصيد صالحة للإبحار لأنها كانت قديمة وسيئة الصيانة ولا تصلح لنقل هذا العدد الكبير من الأفراد، خاصة لهذه المسافة الكبيرة، في حين لم تكن هناك سترات نجاة.
وقال الادعاء إن المتهمين تناوبوا على توجيه السفينة، وكانوا جميعًا على علم بأن الاكتظاظ الشديد على سطح السفينة وفي الداخل كان له تأثير سيء على ثباتها.
وزعمت لائحة الاتهام أيضًا أن الرجال المصريين التسعة كانوا جزءًا من عصابة تهريب، وفرضت على كل راكب مبلغًا يتراوح من 4000 إلى 8000 دولار (أي ما يعادل 3100 جنيه إسترليني و6300 جنيه إسترليني) مقابل مكان على متن القارب استندت اتهامات الادعاء إلى مقابلات أجراها خفر السواحل نفسه مع تسعة ناجين آخرين في الأيام التي تلت الكارثة ويبدو أنه لم يُقدَّم أي دليل من الناجين الـ 95 الآخرين إلى المحكمة.
وقال ناجيان سوريان إن خفر السواحل أمرهما بالتزام الصمت بشأن العوامل الأخرى المسببة للكارثة، والاكتفاء بإلقاء اللوم على هؤلاء الرجال التسعة وفي مقابلات منفصلة في أثينا، قال أربعةٌ آخرون من الناجين إنهم يعتقدون أن المصريين كانوا مجرد ركاب مثلهم، دفعوا أموالًا مثل بقية المهاجرين، وجرى تلفيق التهمة لهم.