القمم العربية.. محطات تاريخية في دعم الحقوق الفلسطينية العادلة والمشروعة
تستضيف مملكة البحرين، اليوم الخميس، أعمال الدورة العادية الثالثة والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها الساحة العربية فإن الأمر يتطلب اتخاذ مواقف عربية عاجلة لمواجهة مختلف الأخطار والتحديات التي تعرضت لها المنطقة العربية، خاصة على مستوى القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى.
وتتبعت صحيفة بننسولا تاريخ القمم العربية منذ تأسيس الجامعة العربية في مارس 1945، فقد عُقدت 44 قمة، منها 32 قمة عادية - آخرها عام 2023، في جدة، و12 قمة استثنائية - آخرها عام 2019، في مكة، كما عُقدت أربع قمم عربية تنموية (اقتصادية واجتماعية)، بالإضافة إلى عدة قمم عربية مع التجمعات والتكتلات الإقليمية.
وشكلت القضية الفلسطينية نقطة محورية وحجر زاوية ثابتا في مختلف دورات القمم العربية، العادية وغير العادية والإقليمية، إذ كانت قرارات القمم العربية دائما تتضمن قرارات تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية، باعتبارها القضية العرب كافة من أجل استعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة وغير القابلة للتصرف.
وعقد اجتماع القمة العربية الأول في قصر إنشاص في مايو 1946 بالإسكندرية بمصر، بعد عام من تأسيس الجامعة العربية. وشاركت سبع دول فقط، من الدول المؤسسة للجامعة العربية، في الاجتماع الأول الذي خصص لدعم القضية الفلسطينية وتم في ختامه التأكيد على عروبة فلسطين، وارتباط مصيرها بحال جميع دول الجامعة العربية، مؤكدا أن ما يصيب الفلسطينيين يصيب شعوب الأمة العربية جمعاء. وكان ذلك قبل الإعلان الرسمي عن قيام ما يسمى بـ"دولة إسرائيل" عام 1948.
وفي نوفمبر 1956 - بعد عقد من الزمن - انعقدت قمة بيروت في لبنان لمساندة مصر ضد العدوان الثلاثي. ودعت القمة إلى الوقوف إلى جانب مصر ضد العدوان، وتأكيد سيادتها على قناة السويس وفقا لمعاهدة 1888، وكذلك المبادئ الستة التي أقرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 13 أكتوبر 1956.
وشهدت قمة القاهرة التي انعقدت عام 1964 تحولا تاريخيا في مسيرة العمل العربي المشترك، حيث اكتسبت القمم العربية صفة رسمية وتقرر عقدها بشكل دوري. وشددت القمة ضمن قراراتها على ضرورة تنقية الأجواء العربية من الخلافات، ودعم وترسيخ التضامن العربي، واعتبرت قيام ما يسمى "إسرائيل" تهديدا للأمة العربية، إضافة إلى الدعوة إلى إقامة دولة عربية. قيادة موحدة لجيوش الدول العربية.
وفي سبتمبر 1964، انعقد مؤتمر القمة العربي الدوري الثاني في الإسكندرية، ودعا إلى تعزيز القدرات الدفاعية العربية، ورحب بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية واعتمادها ممثلًا للشعب الفلسطيني.
وعلى النهج الذي اتبعه القادة العرب في عقد القمة بشكل سنوي، استضاف المغرب القمة العربية العادية الثالثة في سبتمبر 1965 بالدار البيضاء، والتي توجت خلالها بالموافقة على ميثاق التضامن العربي والالتزام به، ودعم القضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية، ودعم نزع السلاح، ومنع انتشار الأسلحة النووية، وحل النزاعات الدولية بالوسائل السلمية.
ومثلت القمة العربية الرابعة، التي عقدت عام 1967، في الخرطوم بالسودان، إحدى أبرز القمم العربية المعروفة تاريخيا بقمة "اللاءات الثلاثة"، بعد حرب يونيو 1967، واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة. القطاع والجولان السوري وشبه جزيرة سيناء المصرية من قبل القوات الإسرائيلية.
وانعقد مؤتمر القمة العربي الدوري الخامس في ديسمبر 1969 في الرباط بالمغرب، وتم التركيز خلاله على جريمة إحراق متطرف للمسجد الأقصى في 21 أغسطس 1969 وظلت القضية الفلسطينية الشغل الشاغل للزعماء العرب ومحور اهتمام القمة العربية العادية السادسة بالجزائر التي انعقدت في نوفمبر 1973، وكذلك القمة العربية العادية السابعة التي عقدت في أكتوبر 1974 بالرباط، والتي اعتمدت منظمة التحرير الفلسطينية كمنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وفي أكتوبر 1976، انعقدت القمة العربية العادية الثامنة في القاهرة، ودُعيت خلالها الدول العربية، كل حسب قدراته، للمساهمة في إعادة إعمار لبنان والالتزام بدعم التضامن العربي.
خلال القمة العربية الثالثة والعشرين التي عقدت في بغداد بالعراق في مارس 2012، دعا القادة العرب إلى حوار بين السلطات السورية والمعارضة، وطالبوا دمشق بتنفيذ خطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، كوفي عنان، على الفور.
وفي مارس 2013، انعقدت الدورة العادية الرابعة والعشرون للقمة العربية في الدوحة، أكد خلالها قادة الدول العربية على ما ورد في ميثاق الجامعة العربية والمعاهدات والاتفاقيات المكملة له، مما يثبت الارتباط الوثيق والروابط العديدة التي تربط بين البلدين. ملزم لجميع الدول العربية. كما أكدوا الحرص على توطيد هذه الروابط وتعزيزها وتوجيهها نحو ما فيه خير الدول العربية كافة.
وانعقدت القمة العربية الخامسة والعشرون في مارس 2014 في الكويت، وتوجت بإصدار إعلان الكويت الذي جدد تعهد قادة الدول العربية بإيجاد الحلول اللازمة للأوضاع الدقيقة والحرجة التي يمر بها العالم العربي. من خلال رؤية عميقة وبصيرة مفتوحة. كما أعرب القادة عن رفضهم المطلق والقاطع للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، واستمرار الاستيطان، وتهويد مدينة القدس المحتلة، سواء بانتهاك مقدساتها الإسلامية والمسيحية، أو بتغيير ديمغرافيتها. والوضع الجغرافي، واعتبار الإجراءات الإسرائيلية لاغية وباطلة بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وشدد إعلان شرم الشيخ، الذي اختتمت القمة العربية السادسة والعشرين في مارس 2015، على التضامن العربي قولا وفعلا في التعامل مع التطورات التي تمر بها المنطقة، والضرورة القصوى لبلورة مواقف عربية مشتركة في مواجهة كافة التحديات.
وانعقدت القمة العربية السابعة والعشرون في يوليو 2016 في موريتانيا واختتمت بإصدار إعلان نواكشوط الذي أكد على مركزية القضية الفلسطينية في العمل العربي المشترك، والمضي قدما في دعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي الممنهج.
وانعقدت الدورة الثامنة والعشرون للقمة العربية في مارس 2017، في منطقة البحر الميت بالأردن، وأكدت على مواصلة العمل من أجل إعادة إطلاق مفاوضات سلام فلسطينية إسرائيلية جادة وفاعلة تنهي المأزق السياسي.
وانعقدت القمة العربية التاسعة والعشرون في أبريل 2018 في الظهران بالمملكة العربية السعودية، وشدد بيانها الختامي على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك لمواجهة المخاطر التي تواجه الدول العربية وتهدد أمنها واستقرارها. كما أعلن القادة العرب رفضهم لكافة الخطوات الإسرائيلية الأحادية التي تغير الحقائق وتقوض حل الدولتين، وبطلان وعدم شرعية اعتبار القدس (القدس المحتلة) عاصمة لإسرائيل، مطالبين دول العالم عدم قيام العالم بنقل سفاراته إلى القدس المحتلة، أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
وانعقدت القمة العربية الثلاثون في 31 مارس 2019 في مدينة تونس العاصمة، أكد خلالها القادة العرب أن ما يجمع الدول والشعوب العربية أكبر بكثير مما يفرقهم، وذلك بفضل قوة الروابط الحضارية القديمة والتاريخ وأواصر الأخوة ووحدة الثقافة والمصالح المتبادلة.
واستضافت الجزائر القمة العربية الدورية الحادية والثلاثين في نوفمبر 2022، وتصدرت القضية الفلسطينية جدول أعمال القمة، مما جدد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية جمعاء، بالإضافة إلى تمسك العرب بالسلام كخيار استراتيجي، وحل النزاعات. الصراع العربي الإسرائيلي وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002 بكافة عناصرها.
وفي عام 2023 انعقدت القمة العربية الثانية والثلاثون في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، وشدد خلالها قادة الدول العربية على مركزية القضية الفلسطينية، معربين عن إدانتهم الشديدة للممارسات والانتهاكات التي تستهدف الفلسطينيين وتقوض جهود إقامة دولتهم المستقلة على الأرض. حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما أكدوا أهمية تعزيز العمل العربي المشترك والتضامن والتعاون، وحماية سيادة الدول وتماسك مؤسساتها، وتحقيق الاستقرار والتضامن.
حماية سيادة الدول وتماسك مؤسساتها، وتحقيق المزيد من الارتقاء بالعمل العربي لمواكبة تحديات العصر الجديد، بما يخدم الأهداف والتطلعات نحو مستقبل أفضل للأجيال العربية القادمة.
ولا تزال القمم العربية وقراراتها وبياناتها تؤكد تمسك الأمة العربية دولا وشعوبا بخيار السلام على أساس الشرعية الدولية، وأن الحل العادل للقضية الفلسطينية، باعتبارها قضية العرب الأولى وتسويتها تعتبر مفتاح السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.