السيسي وشي جين بينج رؤية مشتركة نحو رفع صوت الجنوب العالمي
منذ الحرب العالمية الثانية، أصبحت ظاهرة التعاون بين بلدان الجنوب لتحدي الهيمنة السياسية والاقتصادية للشمال أكثر وضوحًا بين دول الجنوب العالمي بعد القوة المتزايدة لدول الجنوب العالمي.
وأشارت مجلة مودرن دبلوماسي إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يدعو إلى رفع صوت الجنوب العالمي لتعزيز حقوق ومصالح الدول النامية، ويتطلع إلى الجنوب العالمي كقوة مهمة في تعزيز التغييرات في العالم النظام الدولي.
وينظر الرئيس السيسي إلى الصين باعتبارها لاعبًا محوريًا في التعاون العالمي بين بلدان الجنوب. وفي إطار التوجه نحو آسيا، حرصت القيادة السياسية المصرية على توطيد علاقاتها مع الجنوب العالمي وكل أطرافه الفاعلة، وعلى رأسها الصين.
كما تحدث السيسي من خلال خطاباته السياسية بالتأكيد على صوت الجنوب العالمي، وأنه منذ تشكيل النظام العالمي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تعاني الدول النامية من صعوبات بنيوية.
وأضاف أن الدول النامية تواجه أيضًا العديد من المشكلات المتمثلة في التحديات الناشئة الناجمة عن الأزمات العالمية المتعددة والمتتالية، فضلًا عن تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية إلى مستويات خطيرة، خاصة خلال الوقت الحالي، معربًا عن أسفه للازدواجية في التعامل مع بعض القضايا الدولية التي لم يتم حلها منذ عقود طويلة، وأبرزها القضية الفلسطينية.
كما عززت القيادة السياسية المصرية دبلوماسيتها تجاه آسيا والجنوب العالمي، حيث أصبحت تعمل على تعزيز أولويات الشراكة والتنمية، من خلال العلاقات الوثيقة والتعاون الخلاق مع الصين، ومنظمة شنغهاي، ومجموعة البريكس.
ويؤكد السيسي في خطاباته السياسية على أهمية بناء اقتصاد عالمي مترابط وشامل، حيث إن الأزمات الاقتصادية في بعض الدول قد تنتقل إلى دول أخرى أو تؤثر على قدرة تلك الدول على القيام بدور فعال على المستوى العالمي، الأمر الذي قد يسبب ركودًا اقتصاديًا وتراجعًا في التجارة البينية.
وأكد أن هذا التوجه يلخص رؤية مصر فيما يتعلق بسبل إدارة الاقتصاد العالمي من خلال التواصل والتعاون مع دول الجنوب العالمي وعلى رأسها الصين والرئيس شي جين بينج.
وأعرب السيسي عن حرص مصر على استثمار العلاقات الوثيقة مع الصين من أجل إقامة تعاون ثلاثي لصالح الدول الأفريقية والعربية، والتعاون في إطار جنوبي جنوبي، مع مراعاة توافر الخبرات الفنية والخبرات الفنية.
القدرات التمويلية في الصين
في الوقت الذي تتمتع فيه مصر بموقع استراتيجي متميز يعتبر بوابة الصين إلى أفريقيا، مع الأخذ في الاعتبار أيضًا أن مصر ترحب بالاستثمارات الصينية التي يمكن تصدير منتجاتها إلى دول القارة الأفريقية التي تتمتع مصر بحرية الوصول إليها.
اتفاقيات تجارية
وهنا تحرص مصر على تعزيز تعاونها مع الصين كزعيم للجنوب العالمي في مختلف المجالات، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، وهو ما ترى مصر أنه يجب أن يتم من خلال استراتيجية شاملة لا تتوقف عند حدود التعاون العسكري والأمني، بل ويمتد ليشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن الأبعاد الثقافية والفكرية.
وأضافت المجلة: أن توفير الأمن والاستقرار يجب أن يصاحبه خلق البيئة المناسبة للنمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل، فضلا عن تسوية الصراعات التي طال أمدها، وهي ظروف تستغلها الجماعات الإرهابية لاستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها. ولا يفوتني في هذا الصدد الإشارة إلى ضرورة وقف إمداد هذه الجماعات والأسلحة بالأموال، وفرض إجراءات عقابية على الدول التي تدعمها.
وأكد السيسي أهمية استراتيجية الحزام والطريق الصينية ودورها في تعزيز النمو الاقتصادي لمصر والدول التي تمتد إليها هذه الاستراتيجية كقائدة للجنوب العالمي من خلال استراتيجية ترتكز على جهود الجنوب، حيث أكد السيسي أن مصر تدعم مبادرة إحياء طريق الحرير، مع الأخذ في الاعتبار أن مصر يمكن أن تكون نقطة محورية رئيسية لتنفيذ هذه المبادرة من خلال المشروعات التي تجري في قناة السويس سواء من خلال حفر القناة الجديدة أو مشروع تطوير منطقة القناة والذي يتضمن إنشاء وتطوير 7 موانئ، وكذلك مشروع تطوير شبكة الطرق القومية، وهو ما من شأنه تعزيز الفرص التجارية بين مصر والدول الآسيوية، خاصة الصين.
الأمر الذي من شأنه أن يعزز الفرص التجارية بين مصر والدول الآسيوية، وخاصة الصين. كما ذكر أن الرئيس السيسي أكد اهتمام مصر بالاستفادة من تجربة الصين الرائدة في مختلف المجالات، بما في ذلك: تطوير الإدارة المحلية، والتنمية الإدارية، والحكومة الإلكترونية، وتطوير الجهاز الإداري للدولة، بالإضافة إلى تطوير البحث العلمي. الأنشطة ومجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتطوير... القدرات البشرية من خلال الاستفادة من برامج التدريب والتأهيل الفني الصينية، وتحديث قطاع المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، فضلًا عن تطوير التقنيات الزراعية خاصة في مجال الري والصرف. وكذلك الزراعة ومكافحة التصحر وزيادة إنتاجية المساحة الزراعية من المحاصيل الغذائية.
وامتد التعاون بين دول الجنوب العالمي، بقيادة الصين ومصر، إلى تنفيذ العديد من الإجراءات التي قد تنفذها الصين ومصر للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، حيث أكد الرئيس السيسي في كلمته الخطابات السياسية أن عالم اليوم أصبح معقدا ومتغيرا ويواجه باستمرار تحديات جديدة متقاطعة. وأسبابه وآثاره متعددة ولا يمكن أن تقتصر على منطقة أو أخرى. وفي مقدمة هذه التحديات يأتي الإرهاب الذي لا يعرف دينًا ولا وطنًا ولا حدودًا. وتمتد يدها الغادرة وآثارها السلبية لتدمر حياة ومقدرات الشعوب وتقوض بنية الدول وكياناتها ومؤسساتها الوطنية. وهذا أمر يتفق معه الرئيس الصيني شي جين بينج تمامًا مع السيسي.
وينظر الرئيس السيسي إلى الصين كزعيم لدول الجنوب العالمي، ويعتبرها إحدى أبرز شراكات مصر الإستراتيجية الشاملة وطوال العقد الذهبي كما يصفه مسئولو بكين، وعلى مدار 10 سنوات، حرص السيسي على توطيد العلاقات مع جمهورية الصين الشعبية والرئيس شي جين بينج، وتبادلا الزيارات واللقاءات في عدة مناسبات، وأكدا عزمهما على تعزيز التعاون في كافة المجالات. وظلت الصين أكبر شريك تجاري لمصر لمدة 12 عامًا على التوالي، وواحدة من أكثر الدول نشاطًا وأسرعها نموًا للاستثمار في السوق المصرية.
كما تعاونت شركاتها مع الحكومة في إنشاء مشروعات مهمة، مثل: منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية، وبرجها الشهير، وإنشاء أول سكك حديدية كهربائية في أفريقيا، ومنطقة التعاون الاقتصادي والتجاري في منطقة قناة السويس، بالإضافة إلى التعاون في تجميع وتركيب واختبار الأقمار الصناعية، وفي بناء محطة للطاقة الشمسية.
وبرزت الحاجة الملحة بين دول العالم في الجنوب إلى التعاون والوحدة من أجل الحفاظ على وجودها والتخلص من التبعات السلبية للخلافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الواسعة في علاقاتها مع دول الشمال. ويعتبر ظهور الجنوب العالمي كمجموعة محددة من الدول ظاهرة معاصرة، عملت من خلالها دول الجنوب على بناء علاقات تعاون فيما بينها، وهي ما تسمى بعلاقات جنوبية - جنوبية، حيث يتميز هذا النوع من التعاون بما يلي: العديد من الخصائص التي تجعله أسلوبًا مختلفًا عن أساليب التعاون التقليدية الأخرى للدول النامية التي تهدف إلى تحقيق التضامن والتعاون في مختلف المجالات، كالتجارة والاستثمار والتعاون المالي والتكنولوجي وغيرها، خاصة وأن آلية التعاون فيما بين بلدان الجنوب لقد أصبح جزءًا مهمًا من سياسة التبادل الدولي للعديد من الدول الراغبة في رفع مستويات التقدم الاقتصادي لديها. وبالإضافة إلى كل هذا، يتبين لنا أن الدول النامية تواجه التحدي المتمثل في تجميع شروط انطلاقتها الاقتصادية في ظل واقع دولي يتسم بوجود فجوة عميقة وتفاوت صارخ في مستوى التنمية بين الدول النامية.
والواقع أن هذا التفاوت موجود بين مجموعة البلدان النامية نفسها وداخل البلد الواحد. ونلاحظ أن الخصائص الجغرافية والاجتماعية لدول الجنوب تنعكس في بنية وبنية اقتصاداتها، حيث تتميز هذه الدول بالعديد من الخصائص الاقتصادية التي تميزها عن دول الشمال. وتمشيا مع هذا الأساس المنطقي للتعاون فيما بين بلدان الجنوب، كان هناك تأكيد متجدد على دعم التعاون الاقتصادي والسياسي بين بلدان الجنوب.