جيش الاحتلال يقصف رفح رغم موافقة حماس على مقترح الهدنة.. ماذا بعد؟
ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أن سكان رفح تحولوا من الفرح بموافقة حركة حماس على مقترح الهدنة إلى خيبة الأمل في غضون ساعات عندما أعلنت حماس، مساء الإثنين، قبولها اقتراح حل الأزمة، فاعتقد سكان مدينة جنوب قطاع غزة أن معاناتهم قد انتهت، ولكن القصف من جانب الاحتلال اشتد خلال الليل وفي الساعات الأولى من صباح الثلاثاء مع تحرك جيش الاحتلال صوب رفح وسيطرته على المعبر الحدودي الواقع على الجانب الفلسطيني.
ونشرت لوموند صورًا لفلسطينيين بينما كانوا يحتفلون في الشوارع بعد إعلان حماس قبولها اقتراح وقف إطلاق النار في دير البلح بقطاع غزة مساء الاثنين الموافق 6 مايو 2024، ولكن ذلك الاحتفال انته بسرعة ولاذ المحتفلون بالمناطق التي يعتقدون أنها آمنة وانتشر الكر والفر والتدافع فور سماع دوي الانفجارات ووصول دبابات جيش الاحتلال.
وكان يوم الاثنين، يوم أمل ثم ألم واستسلام لأهل رفح وفي المساء، وصفت مواطنة فلسطينية الارتياح الممزوج بالقلق الذي شعر به سكان غزة من حولها، بعد الإعلان عن قبول حماس لاقتراح وقف إطلاق النار وكتبت الشابة الفلسطيني البالغ من العمر 20 عاما في رسالة إلى صحيفة لوموند: "نأمل ألا نشعر بخيبة أمل مرة أخرى ولكن الوضع صعب حقا."
وخرج آلاف الغزيين إلى شوارع غرب رفح للاحتفال بإعلان إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، تمهيدًا لما اعتقدوا أنه سيكون نهاية القصف وبدت نهاية المحنة التي استمرت سبعة أشهر قاب قوسين أو أدنى، حيث هتف السكان وأطلقوا أبواق سياراتهم وأطلقوا أعيرة نارية في الهواء وقال الصحفي رامي أبو جاموس لصحيفة لوموند عبر تطبيق الواتساب: "أضاءت وجوه أطفالنا فجأة، والجميع سعداء".
لكن في الوقت نفسه، في شرق رفح، كان هناك فلسطينيون آخرون يفرون من نيران المدفعية وفي ساعات الصباح، ألقت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منشورات تأمر فيها نحو 100 ألف مواطن بإخلاء أحيائهم، بما في ذلك الأحياء المجاورة للمعبر الحدودي وقالت الفلسطينية إيناس لافي، التي تعيش في مخيم الشابورة وسط رفح، "نخشى أن يتم اجتياح المنطقة دون سابق إنذار وإذا هبط الجنود علينا، ليس لدينا أي فكرة عن المكان الذي سنذهب إليه ومنذ بداية الحرب، ونحن نتصارع مع المجهول ويطاردنا الخوف".
أين من المفترض أن نذهب؟
مساء الاثنين، اشتدت عمليات القصف، مما أسفر عن استشهاد نحو 20 فلسطينيا وأعلن جيش الاحتلال أنه هاجم نحو مائة هدف في المدينة ومحيطها وفي نهاية المطاف، صباح يوم الثلاثاء، غزت دبابات الاحتلال معبر رفح، وهو المركز الحدودي الذي يفصل الأراضي الفلسطينية عن مصر وبالنسبة لسكان غزة الذين ما زالوا يأملون في الفرار من العملية الإسرائيلية الانتقامية، يبدو أن طريق الهروب الوحيد الممكن قد أغلق.
المعبر الحدودي في قبضة الاحتلال
مصير المساعدات الإنسانية
قال متحدث باسم هيئة المعابر في غزة لوكالة رويترز للأنباء اليوم إن معبر رفح الحدودي بين القطاع ومصر مغلق من الجانب الفلسطيني بسبب وجود الدبابات الإسرائيلية وذكرت ثلاثة مصادر في الإغاثة الإنسانية لرويترز أن مرور المساعدات عبر المعبر تعطل وصباح الثلاثاء، نشر وائل أبو عمر، مدير الاتصالات في المعبر الحدودي، صورا على موقع إنستجرام لمركبة مدرعة إسرائيلية تستعد لسحق علمين فلسطينيين مزروعين أمام مكتب الوافدين، والذي وصفه بأنه "شريان الحياة الوحيد لسكان المعبر". قطاع غزة: "توقف مرور الأشخاص ودخول المساعدات الإنسانية بشكل كامل... أكثر من مليون فلسطيني بلا طعام".
تطورات اليوم الـ214
دخلت الحرب على قطاع غزة يومها الـ214 على التوالي، وسط قصف عنيف على مدينة رفح، وغارات طالت مدينة غزة وشمالها في محيط منطقة اليرموك وشرقي جباليا وبيت لاهيا، وبيت حانون، ما أسفر عن مقتل وإصابة فلسطينيين، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، وكشفت مقاطع فيديو وصور حصلت عليها شبكة سي إن إن، حدوث عدة انفجارات في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وذكرت حسابات محلية على وسائل التواصل الاجتماعي أن الانفجارات وقعت شرق رفح، وهي المنطقة التي أمر فيها الجيش الإسرائيلي بإجلاء المدنيين في وقت سابق من الاثنين وسُمع دوي إطلاق نار بمعبر رفح الحدودي من الجانب الفلسطيني، بحسب مشاهد بثتها قناة "القاهرة الإخبارية" المصرية المملوكة للدولة من الجانب المصري للمعبر.
وأعلن الدفاع المدني الفلسطيني أن عدد من الفلسطينيين استشهدوا، وأصيب آخرون، جراء غارات جوية على مدينة رفح ووفقا لما نقله محلل الشؤون السياسية والعالمية في سي إن إن، باراك رافيد، عن مصدرين فإنه من المقرر أن تسيطر القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في الساعات القليلة المقبلة.
وكان مكتب رئيس وزراء سلطات الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أصدر، في وقت سابق من الاثنين، بيانا قال فيه إن العملية العسكرية في رفح ستستمر، بعد قرار تم اتخاذه بـ"بالإجماع".
وفي بيان مقتضب في وقت متأخر الاثنين، بعد أن أعلنت حركة "حماس" أنها قبلت اتفاق وقف إطلاق النار، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي: "قرر مجلس الوزراء الحربي بالإجماع أن تواصل إسرائيل عمليتها في رفح من أجل ممارسة الضغط العسكري على حماس".
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية باستشهاد 4 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرقي مدينة رفح، وأن غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا آخر وسط رفح، تسببت في استشهاد أحد أفراد العائلة وإصابة آخرين واستهدفت القوات الإسرائيلية بعدة غارات المناطق الشرقية لبلدتي بيت حانون وجباليا شمالي قطاع غزة.
وشن الطيران الحربي الإسرائيلي عدة غارات في مدينة غزة وشمالها في محيط منطقة اليرموك وشرقي جباليا، حيث قتل 3 فلسطينيين وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي استهدف منزلا لعائلة الدريلمي في حي الصبرة جنوبي مدينة غزة وتمكنت طواقم الدفاع المدني من انتشال عدد من الشهداء ونقل عدد من المصابين من تحت أنقاض منازل قصفتها الطائرات الحربية الإسرائيلية الليلة وفجر اليوم، في محافظة رفح وفي وقت سابق، الليلة، استشهد 5 فلسطينيين وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي تل السلطان غرب مدينة رفح، ومنزلًا غربي المدينة، ما أسفر عن 3 شهداء، بينهم طفل.
ونشر جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم، لقطات لدباباته وهي تسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح على الحدود المصرية ويقول الجيش الإسرائيلي إنه تم "الاستيلاء" على المعبر خلال "عملية دقيقة" ضد حماس في "مناطق محدودة شرق رفح" وأعلن أنه يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الفاصل بين قطاع غزة ومصر، وأن قواته تفتش المنطقة وقال: "في الوقت الحالي لدينا قوات خاصة تقوم بمسح المعبر ولدينا سيطرة عملانية على المنطقة والمعابر الأخرى ولدينا قوات خاصة تقوم بمسح المنطقة" وأوضح: "نحن نتحدث فقط عن الجانب الفلسطيني من معبر رفح".
كما أعلن أن "معبر كرم أبو سالم مغلق لأسباب أمنية وسيعاد فتحه عندما يسمح الوضع الأمني"، ويزعم الجيش الإسرائيلي أن لديه "معلومات استخباراتية تفيد بأن أعضاء حماس يستخدمون منطقة المعبر لأغراض قتالية وقبل إطلاق العملية الليلية، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه قام بـ"التنسيق مع المنظمات الدولية العاملة في المنطقة، لطلب التحرك نحو المنطقة الإنسانية، كجزء من الجهود المبذولة لإجلاء السكان".
ملف الرهائن
وتعتزم حماس إدراج رفات العديد من الرهائن القتلى ضمن الأسرى الـ 33 الذين تقول إنها ستطلق سراحهم في المرحلة الأولى من صفقة الرهائن والهدنة التي اقترحتها، ووفقًا لتقرير صحيفة نيويورك تايمز، نقلًا عن مصادر مطلعة على المحادثات، أبلغت حماس الوسطاء أنه ليس كل من سيتم إطلاق سراحهم ما زالوا على قيد الحياة وكان من المتوقع أن تشمل المرحلة الأولى النساء والأطفال وكبار السن والمرضى.
وكانت حكومة نتنياهو قد أصرّت في السابق على أن المرحلة الأولى تشمل فقط الرهائن الأحياء وخفضت طلبها من 40 رهينة، على أساس أنه ليس كل من في هذه الفئة ما زالوا على قيد الحياة، وأعلنت حماس أمس إنها قبلت الاتفاق الذي طرحه الوسطاء ولكن حكومة نتنياهو زعمت إن ما طرحته حماس يختلف بشكل كبير عما وافقت عليه إسرائيل.
وقال مسؤولون في حماس إن المرحلة الأولى ستشمل فترة هدنة مدتها 42 يوما، حيث ستطلق حماس سراح 33 رهينة إسرائيلية مقابل إطلاق سراح أعداد كبيرة من السجناء الأمنيين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
ويقول مكتب نتنياهو إن عرض حماس "بعيد كل البعد" عن تلبية مطالب إسرائيل الأساسية، لكنه سيُرسل مفاوضين لمواصلة المحادثات مع الوسطاء الأمريكيين والمصريين والقطريين.