الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

تقارير عن احتمال اتخاذ المحكمة الجنائية الدولية إجراء بشأن غزة تثير الانزعاج في تل أبيب

الرئيس نيوز

يشعر مسؤولون بحكومة الاحتلال الإسرائيلي بقلق متزايد من أن المحكمة الجنائية الدولية تخطط لإصدار أوامر اعتقال بحق قادتهم العسكريين والسياسيين للاشتباه في ارتكابهم جرائم حرب وتشير التقارير إلى أن بنيامين نتنياهو قد يكون من بينهم.

وكانت المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها في لاهاي، تقوم بالتحقيق في تصرفات إسرائيل في الأراضي المحتلة طيلة الأعوام الثلاثة الماضية ـ ومؤخرًا أيضًا في تصرفات حركة حماس بوصفها جهة الحكم بقطاع غزة، إذ تتمتع المحكمة بسلطة توجيه الاتهامات إلى الأفراد ومحاكمتهم لارتكابهم أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي وأصدرت في السابق مذكرات اعتقال بحق زعماء من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومعمر القذافي الليبي والأوغندي جوزيف كوني.

ووصف نتنياهو احتمال انضمام شخصيات إسرائيلية بارزة إلى قائمة المطلوبين بأنه "أمر مثير للغضب ذو أبعاد تاريخية"، متهما المحكمة الجنائية الدولية بمحاولة شل قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها ولكن حقيقة اختياره للإدلاء بمثل هذه التعليقات العلنية الحادة تشير إلى أن مثل هذا السيناريو تجري مناقشته بنشاط خلف الكواليس.

وفي حين أن المحكمة الجنائية الدولية لم تؤكد المزاعم الإسرائيلية، إلا أنه عندما زار المدعي العام كريم خان دولة الاحتلال والضفة الغربية المحتلة في ديسمبر الماضي، كانت رسالته واضحة، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي وقام المحامي البريطاني بجولة في مواقع هجمات حماس في القرى الإسرائيلية القريبة من سياج غزة، والتي اقتحمها مسلحون بقيادة حماس في 7 أكتوبر، كما التقى بالقادة السياسيين، وسافر إلى رام الله للتحدث إلى عائلات الضحايا الفلسطينيين حول تجاربهم في غزة والضفة الغربية. وأدان أعمال العنف التي تعرض لها المدنيون من الجانبين، ووعد بالتحقيق في الأمر.

وفي حالة إسرائيل، كانت مخاوفه ذات شقين. وشدد على ضرورة تنفيذ عمليتها العسكرية في غزة وفق "المعايير القانونية الواضحة التي تحكم الصراعات المسلحة" واتهم إسرائيل بالفشل في توفير الحماية الكافية للمدنيين خلال قصفها المستمر منذ أشهر، على الرغم من إصرارها على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتجنب وقوع إصابات، وصرحت وزارة الصحة في القطاع بأن أكثر من 34500 استشهدوا منذ بدء الحرب، وأن العديد من هذا العدد هم من الأطفال كما دمر القصف الجوي الإسرائيلي العديد من منازل الفلسطينيين في قطاع غزة.

وشدّد خان أيضًا على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث يعد الحصول على الغذاء والماء والإمدادات الطبية حقًا أساسيًا للمدنيين "دون مزيد من التأخير، وبالوتيرة وعلى نطاق واسع". كما حث حماس على عدم تحويل أو إساءة استخدام الإمدادات عند وصولها، بعد اتهامات من إسرائيل بأن أعضائها ينهبون الشاحنات ويسرقون المساعدات، مما يمنعها من الوصول إلى السكان على نطاق أوسع.

الجدير بالذكر أن إسرائيل ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية وتقول إن المحكمة ليس لها اختصاص عليها ولكن المحكمة قضت بأنه منذ عام 2015 لها في الواقع ولاية قضائية على الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة بعد أن صدّق الفلسطينيون على المعاهدة التأسيسية للمحكمة، نظام روما الأساسي، باعتبارها دولة فلسطين.
ولم تصدر أي ديمقراطية على النمط الغربي مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بحق زعيمها من قبل وإذا حدث ذلك لنتنياهو، فسيكون الأول ولدى الإسرائيليين مخاوف خاصة بشأن الوصمة والعزلة المحتملة التي قد تصاحبها.

وفي تصريحات لبي بي سي، أشار مايكل أورين سفيرا لإسرائيل لدى الولايات المتحدة بين عامي 2009 و2013، إلى القضية الأخيرة التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، والتي اتهمت إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد السكان الفلسطينيين في غزة - وهو اتهام تنتقده إسرائيل بشدة. 

وفي يناير، أصدرت المحكمة حكمًا مؤقتًا أمرت إسرائيل باتخاذ خطوات لمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة، لكنها لم تصل إلى حد مطالبتها بوقف هجومها العسكري وقال أورين لبي بي سي: "لقد خرجت إسرائيل من تلك الإجراءات سالمة نسبيًا، لكن حقيقة عقد الإجراءات على الإطلاق تعني أن إسرائيل خسرت المعركة" وأضاف: "لم يكن ينبغي احتجازهم على الإطلاق، ومن المؤكد أنها ضربة موجعة لسمعة إسرائيل على الساحة الدولية، ولم يكن ينبغي احتجازهم على الإطلاق، ومن المؤكد أن هذه ضربة لمكانتنا الدولية وأمننا لأن الدولة التي يُتهم قادتها بارتكاب جرائم حرب، تكون أكثر عرضة للخطر من دولة ليست كذلك".

أما السير جيفري نيس كيه سي، وهو محامٍ بريطاني آخر قاد محاكمة الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش بتهمة ارتكاب جرائم حرب في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، فأشار إلى أن تصرفات كلا الجانبين في هذا الصراع تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وذكر في تصريحات لبي بي سي: "أي تحقيق لن يشمل قوات الاحتلال الإسرائيلية والقيادة السياسية والعسكرية فحسب، بل حماس أيضا".

وأضاف سير جيفري أن المحكمة الجنائية الدولية قد تتعرض لضغوط سياسية لإعادة النظر في عملية صنع القرار و"الحكومات في جميع أنحاء العالم، وخاصة الحكومات الكبيرة والقوية، موجودة لحماية مصالح بلادها.. لذا، إذا رأوا أن هناك محاكمة أو تحقيقًا قادمًا، فإن ذلك من شأنه أن يلحق بهم كدولة ضررًا كبيرًا بسمعتهم، وإذا اعتقدوا أن بإمكانهم التدخل في المحاكمة أو عمليات التحقيق أو المحاكمة لإنقاذهم من هذا الضرر الذي يلحق بسمعتهم". ثم سيفعلون ذلك، لأنهم يتصرفون من أجل مصلحة بلادهم".


يمكن أن يختلف الإطار الزمني لإصدار أوامر الاعتقال، مع مرور أسابيع وحتى أشهر في بعض الأحيان بين اللحظة التي يطلب فيها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ذلك، ويوافق عليه القضاة وفي بعض الأحيان يمكن الحفاظ على سرية التفاصيل إذا رئي أن نشرها على الملأ من شأنه أن يقلل من احتمالية الاعتقال.

وتابع تقرير بي بي سي: "إن مثل هذه الخطوة ضد نتنياهو أو زملائه السياسيين أو القادة العسكريين الإسرائيليين ستكون لها آثار عملية أيضًا ومن شأنها أن تؤثر على قدرتهم على السفر على نطاق واسع، حيث أن الدول بموجب نظام روما الأساسي ملزمة بتسليم الأفراد الزائرين الذين لديهم أوامر اعتقال معلقة ضدهم ومع ذلك، فقد تجاهلت بعض تلك الدول أوامر المحكمة الجنائية الدولية في السنوات الأخيرة.

يعتقد السفير الإسرائيلي السابق مايكل أورين أن التأثير النهائي سيكون أوسع بكثير، وسيغير رواية المجتمع الإسرائيلي، وقال "كل هذه الإجراءات تميل إلى تحريك الإبرة السياسية في هذا البلد إلى اليمين وليس الاتجاه الآخر وسيكون لها تأثير مرتد، وبدلًا من فتح مسارات لعملية دبلوماسية محتملة، فمن المرجح أن تقيدها".