"نيويورك تايمز" توصي محرريها بعدم استخدام "الإبادة الجماعية" و"فلسطين" في مقالات غزة
كشف موقع إنترسبت المتخصص في التحقيقات الاستقصائية عن مذكرة داخلية مسربة من صحيفة نيويورك تايمز تطالب المحررين والصحفيين بتجنب استخدام كلمات "الإبادة الجماعية" و"التطهير العرقي" و"الأراضي المحتلة".
ويأتي الكشف عن ذلك وسط المعركة الداخلية حول تغطية صحيفة نيويورك تايمز المنحازة للحرب الإسرائيلية الانتقامية في قطاع غزة، وأصدر كبار المحررين مجموعة من التوجيهات.
وكتب جيريمي سكاهيل، ريان جريم، في موقع إنترسبت: "بينما يغمر المتظاهرون المؤيدون لفلسطين ردهة مكاتب صحيفة نيويورك تايمز ويغلقون المداخل الأمنية خلال حراك واسع النطاق ينتقد تغطية الصحيفة للحرب بين إسرائيل وحماس في مدينة نيويورك، وهو الاحتجاج الذي استمر قرابة الساعتين وأسفر عن اعتقال حوالي 100 شخص، أصدرت التايمز تعليمات للصحفيين الذين يغطون الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بتقييد استخدام مصطلحي "الإبادة الجماعية" و"التطهير العرقي" و"تجنب" استخدام عبارة "الأراضي المحتلة" عند وصف الأراضي الفلسطينية، وفقا لنسخة من مذكرة داخلية حصل عليها موقع الصحافة الاستقصائية".
وتطلب المذكرة أيضًا من المراسلين عدم استخدام كلمة فلسطين "إلا في حالات نادرة جدًا" والابتعاد عن مصطلح "مخيمات اللاجئين" لوصف مناطق غزة التي استوطنها الفلسطينيون النازحون تاريخيًا الذين طردوا من أجزاء أخرى من فلسطين خلال الحروب الإسرائيلية العربية السابقة وتعترف الأمم المتحدة بهذه المناطق كمخيمات للاجئين وتأوي مئات الآلاف من اللاجئين المسجلين.
وعن المذكرة - التي كتبتها سوزان ويسلينج، محررة معايير التايمز، والمحرر الدولي فيليب بان، ونوابهما – قال موقع الصحافة الاستقصائية: "إنها عبارة عن مذكرة داخلية تقدم إرشادات حول بعض المصطلحات والقضايا الأخرى التي تعامل معها محررو التايمز منذ بداية الصراع في أكتوبر".
وبينما يتم تقديم الوثيقة كمخطط عام للحفاظ على المبادئ الصحفية الموضوعية في تغطية حرب غزة، قال العديد من العاملين في التايمز للموقع أن بعض محتوياتها تظهر دليلًا على انحياز التايمز للرواية الرسمية لسلطات الاحتلال الإسرائيلية.
وقال أحد محرري نيويورك تايمز: “إنه نوع من الأشياء التي قد تبدو احترافية ومنطقية بالنسبة للمبتدئين فقط، إذا لم تكن لديك معرفة بالسياق التاريخي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
وقال مصدر في غرفة الأخبار في صحيفة التايمز، طلب عدم الكشف عن هويته خوفا من احتمالات انتقام إدارة الصحيفة منه بسبب تصريحاته، عن مذكرة غزة: "أعتقد أن هذا النوع من الأشياء يبدو احترافيا ومنطقيا إذا لم تكن لديك معرفة بالسياق التاريخي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولكن إذا كنت تعرف، فسيكون من الواضح مدى انحياز صحيفتنا لإسرائيل".
تم توزيع التوجيهات لأول مرة على صحفيي التايمز في نوفمبر، وتم تحديث التوجيهات – التي جمعت وتوسعت في التوجيهات النمطية السابقة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني – بانتظام خلال الأشهر التالية.
وصرح تشارلي ستادتلاندر، المتحدث باسم التايمز بأن “إصدار توجيهات كهذه لضمان الدقة والاتساق والفروق الدقيقة في كيفية تغطيتنا للأخبار وهو ممارسة معتادة؛ ففي جميع تقاريرنا، بما في ذلك الأحداث المعقدة مثل هذه، نحرص على التأكد من أن اختياراتنا اللغوية حساسة وحديثة وواضحة لجمهورنا”.
وكانت القضايا المتعلقة بتوجيه الأسلوب من بين مجموعة من الخلافات الداخلية في التايمز حول تغطيتها لغزة.
وفي يناير الماضي، نشر موقع إنترسبت، تقارير سابقة عن خلافات في غرفة الأخبار في صحيفة التايمز حول قضايا تتعلق بقصص استقصائية تتعلق بطوفان الأقصى وأدى التسريب إلى إجراء تحقيق داخلي غير عادي وواجهت نيويورك تايمز انتقادات شديدة بزعم استهدافها موظفيها من أصول شرق أوسطية وشمال إفريقية، وهو ما نفاه المسؤولون في التايمز ثم انتهى التحقيق في التسريب دون نتائج.
ومباشرة بعد هجمات 7 أكتوبر وبدء حرب الأرض المحروقة التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد غزة، بدأت التوترات تغلي داخل غرفة الأخبار بسبب تغطية التايمز.
وقال بعض العاملين إنهم يعتقدون أن الصحيفة كانت تبذل قصارى جهدها للإذعان للرواية الإسرائيلية الرسمية حول الأحداث ولم تطبق حتى أدنى المعايير المهنية في تغطيتها ثم سرعان ما بدأت الاحتجاجات تتأجج داخل تطبيق سلاك ومجموعات الدردشة الأخرى.
أصبحت المناقشات بين الصحفيين في مجموعة الواتساب التي يديرها مكتب القدس، والتي ضمت في وقت ما 90 مراسلًا ومحررًا، شديدة لدرجة أن بان، المحرر الدولي، تدخل وكتب بان في نوفمبر: "نحن بحاجة إلى القيام بعمل أفضل في التواصل مع بعضنا البعض أثناء نقلنا للأخبار، بحيث تكون مناقشاتنا أكثر إنتاجية وخلافاتنا أقل تشتيتًا للانتباه".