مساعدات مقابل إصلاحات.. فرص نجاح الاتفاق المصري الأوروبي كبيرة
لا يزال الاتفاق المصري الأوروبي الذي أبرم مؤخرًا في القاهرة يحتل صدارة اهتمام الصحافة الغربية، وكان أحدث ما نشر في هذا الصدد هو تحليل أجراه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن عن شراكة استراتيجية جديدة مع مصر تتضمن حزمة مساعدات بقيمة 7.4 مليار يورو.
ويعد هذا الاتفاق محاولة لتعزيز استقرار مصر وجهود مكافحة الهجرة وتعزيز الطاقة الخضراء في وقت تواجه فيه البلاد ضغوطًا اقتصادية وأمنية متزايدة بسبب الحرب في غزة، ولفت المجلس الأوروبي إلى أنه من أجل نجاح الاتفاق المصري الأوروبي ينبغي أن يتم الاتفاق على إصلاحات وشروط ذات مغزى.
الاقتصاد والهجرة
وجاء الاتفاق المصري الأوروبي في إطار سلسلة من اتفاقيات الاتحاد الأوروبي مع دول شمال أفريقيا بهدف السيطرة على الهجرة إلى أوروبا، ولكن جوهر الشراكة الاستراتيجية المصرية هو اقتصادي: فمعظم التمويل يأخذ شكل مساعدات مالية كلية.
ويأتي هذا الاتفاق في أعقاب اتفاقات أخرى توصلت إليها مصر في الأسابيع الأخيرة لمعالجة الأزمة الاقتصادية وارتفاع التضخم، ونقص العملات الأجنبية. وفي فبراير، وافقت الإمارات على استثمار 35 مليار دولار في تطوير منتجع ضخم في رأس الحكمة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في مصر. وفي وقت سابق من هذا الشهر، زاد صندوق النقد الدولي اتفاق التمويل الحالي إلى 8 مليارات دولار بعد أن وافقت القاهرة على خفض قيمة العملة.
ولفت المجلس الأوروبي إلى أن الهجرة المباشرة من مصر إلى أوروبا لا تذكر، ولكن عدد المصريين الذين يسافرون عبر ليبيا لعبور البحر الأبيض المتوسط آخذ في الازدياد - في عام 2023، وصل 13639 مصريًا بشكل غير منتظم إلى أوروبا.
وتم تصميم اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر للاعتراف بجهود مصر الحالية ومنع زيادة الهجرة وسيساعد تمويل الاتحاد الأوروبي على استقرار الاقتصاد المصري على المدى القصير.
ولفت المجلس الأوروبي إلى ضرورة تمسك الاتحاد الأوروبي بإفساح المجال لنمو وازدهار القطاع الخاص، وكذلكم التركيز على وضع آليات واضحة لوقف تفاقم الفقر، أي أن المساعدات ينبغي أن ترتبط بتنفيذ الحكومة المصرية لإصلاحات ملموسة للمسار الاقتصادي، وتصحيحه بما في ذلك الإصلاح التشريعي والضريبي وكذلك توفير فرص أكثر تكافؤًا وإمكانية وصول أكبر إلى رأس المال للشركات الخاصة، وإصلاح نظام الحماية الاجتماعية في الدولة لتقليل مستوى الصعوبات التي يعاني منها المصريون.
وأشار المجلس الأوروبي إلى ضرورة تقليص الإنفاق على المشروعات العملاقة لصالح الاستثمار الذي يعمل على تطوير رأس المال البشري في مصر ويوفر الأساس للنمو الذي يركز على التصدير في القطاع الخاص.
وعلى الرغم من الالتزامات السابقة للحكومة المصرية بتنفيذ هذه الإصلاحات، إلا أن العقبات السياسية لا تزال كبيرة وسيكون من المغري بالنسبة للاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مواصلة تمويل مصر بسبب موقعها الاستراتيجي ودورها في السيطرة على الهجرة ومع ذلك، فمن دون إصلاحات جادة، فإن النتائج الأكثر ترجيحًا ستكون استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية.