توقعات الانتخابات الرئاسية الروسية 2024.. سيد الكرملين من ينافس؟
أكد موقع فرانس 24 الإخباري، أن القومي ليونيد سلوتسكي، والشيوعي نيقولاي خاريتنوف ورجل الأعمال فلاديسلاف دفانكوف، هم ثلاثة مرشحين يشاركون في الانتخابات الرئاسية الروسية التي تجرى من 15 إلى 17 مارس إلى جانب الرئيس المنتهية ولايته فلاديمير بوتين.
وأشار الموقع إلى تساؤلات حول أهمية تنظيم هذا الاستحقاق الرئاسي مع العلم أن المرشحين الثلاثة يدعمون جميعهم بطريقة غير مباشرة رجل الكرملين الأول في انتخابات محسومة مسبقًا لصالحه، كما تروج وسائل الإعلام الغربية، وهناك ما يقارب 112 مليون روسي مدعوون إلى المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي تجري من 15 إلى اليوم الأحد الموافق 17 مارس لاختيار رئيس جديد للبلاد.
وينافس الرئيس المنتهية ولايته فلاديمير بوتين، الذي يتربع على عرش السلطة في روسيا منذ 24 عاما سواء كرئيس للبلاد أو للحكومة، ثلاث شخصيات غير معروفة وهي: الشيوعي نيكولاي خاريتونوف، وليونيد سلوتسكي، زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي القومي، وفلاديسلاف دافانكوف من حزب الشعب الجديد.
ومقارنة بانتخابات 2018 التي شارك فيها 4 متنافسين، تعتبر انتخابات 2024 أقل حرية وفقًا للسفير الفرنسي السابق في روسيا، جان دو جلنياستي، وهو كذلك باحث مشارك في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إريس).
وقال دو جلنياستي: "المشهد السياسي الروسي تقلص بشكل كبير. عدد المرشحين المشاركين في الانتخابات الرئاسية انخفض هو الآخر بسبب المخاوف التي تنتابهم، كزجهم في السجن مثلا أو اتهامهم بالتخابر أو التجسس لصالح دول أجنبية. لكن في نفس الوقت يمثل المرشحون قوى سياسية حقيقية. فاليمين في روسيا مثلا له وزن كبير. فيما هناك إمكانية أن يتحصل المرشح الشيوعي على 10 بالمائة من الأصوات".
اختبار لشعبية وشرعية بوتين؟
رغم وجود ثلاثة منافسين في السباق الانتخابي، فهذا لن يلقي بضلاله على الرئيس بوتين الذي لم يتعرض إلى انتقادات من قبل المرشحين الثلاثة. فمنذ أن أعلن ترشحه في ديسمبر/ كانون الأول 2023، توقع القومي ليونيد سلوتسكي (56 عاما) الذي يترأس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الروسي (الدوما) أن يفوز بوتين بنتيجة "ساحقة".
نفس الشيء بالنسبة للمرشح والشيوعي نيكولاي خاريتونوف الذي ركز حملته الانتخابية على المنتوج الروسي وعلى سياسة اجتماعية تحفز العائلات على إنجاب عدد أكبر من الأطفال. وهي نفس القضايا التي ركز عليها فلاديمير بوتين شخصيا. أما فلاديسلاف دافانكوف (39 عاما) فهو يطالب بحرية أكبر للمؤسسات الاقتصادية والشركات الروسية.
وفي هذا الشأن، كتب كالوم فرازر الذي يعمل في المعهد الملكي للبحوث ببريطانيا: "كل مرشح لديه إيديولوجية خاصة له ومشاريعه الخاصة، لكن في نفس الوقت كلهم يعملون لصالح بوتين ويساعدونه بشكل غير مباشر على بسط سيطرته أكثر على روسيا خلال العهدة الرئاسية المقبلة".
وحسب المناهضين للنظام الروسي، فالمشاركون الثلاثة في الانتخابات الرئاسية لديهم هدف واحد فقط: امتصاص الغضب الشعبي وإعطاء الانتخابات صبغة التعددية بالرغم من أنه تم إسكات المعارضة الحقيقية ومنع مرشحيها من المشاركة في الانتخابات.
وأضاف جان دو جلنياستي: "النظام الروسي كان دائما عبر التاريخ حريصا على احترام القواعد الشكلية المتعلقة بالانتخابات. هذه الانتخابات هي بمثابة اختبار لشرعية وشعبية بوتين".
النظام في تناقض
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الحساسيات السياسية الموجودة في روسيا لن تكون ممثلة في المنافسة الانتخابية. فعلى سبيل المثال تم منع مرشحين اثنين وهما إيكاتارينا دونستوفا وبوريس ناجدين من المشاركة في السباق الرئاسي من قبل اللجنة المشرفة على الانتخابات التي تعمل في الحقيقة لإعادة انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين.
"لقد تم الحديث في البداية عن إمكانية السماح لبوريس ناجدين من المشاركة في الانتخابات باسم التيار الليبرالي. لكن عندما لاحظ الكرملين الحماس الذي ولده في صفوف المواطنين الروس، قرر منعه من ذلك"، يضيف جان دو غلنياستي.
وإلى ذلك، وصفت يوليا نافالنايا، أرملة المعارض ألكسي نافالني الانتخابات الرئاسية بـ" المهزلة"، داعية الناخبين إلى التعبير عن "معارضتهم لبوتين في صناديق الاقتراع".
وقالت: "يمكنكم أن تصوتوا لصالح أي مرشح عدا فلاديمير بوتين. بإمكانكم أيضا أن تتلفوا بطاقات الانتخاب أو تكتبوا عليها نافالني بأحرف كبيرة وغليظة".
وبالرغم من أن نتائج التصويت غير محسومة، إلا أن السلطات الروسية دعت السكان إلى التصويت بكثافة بحجة أن العملية الانتخابية مرحلة مهمة نحو "النصر" في أوكرانيا.
من جهته، كثف بوتين من لقاءاته مع العسكريين والجنود المشاركين في "العملية الأمنية الخاصة" التي تقوم بها روسيا في أوكرانيا لحث الناخبين على التصويت لكن رفض في نفس الوقت فتح أي حوار وطني حول الحرب.
وتقول آنا كولين لوبديف "كنا نتوقع بأن موضوع الحرب هو الذي سيحظى بمكانة كبيرة في نقاشات الحملة الانتخابية ولكن بالعكس المواضيع التي اهتم بها الناخبون تتعلق بالتعليم والثقافة والاقتصاد والزراعة والسكن والمشكل الديمغرافي".
وأنهى جان دو جلنياستي: "النظام يعيش في نوع من التناقض. فمن جهة يرفض الكلام كثيرا عن الحرب في أوكرانيا ويقول إن كل شيء على ما يرام، ومن جهة أخرى يريد أن تشرع هذه الانتخابات عملية الغزو التي قام بها".
وتنظم روسيا انتخابات رئاسية بين 15 و17 آذار/مارس، من المرجح بشدة أنها ستمنح فلاديمير بوتين ولاية جديدة من ستة أعوام، بعد نحو سنتين على إطلاقه العملية العسكرية الواسعة في أوكرانيا ويرجح المحللون والمراقبون بشدة أن هذه الانتخابات ستمنح فلاديمير بوتين ولاية جديدة من ستة أعوام، بعد نحو سنتين على إطلاقه الهجوم العسكري الواسع على أوكرانيا.
غياب المعارضة
جمع بوريس ناديجين ويكاترينا دونتسوفا توقيعات عشرات الآلاف من الروس لخوض الانتخابات، وكانا الوحيدين بين المرشحين المحتملين، اللذين أبديا علنا معارضتهما للحرب في أوكرانيا. إلا أنه لم تتم المصادقة على ترشحهما، ولن يتمكنا من خوض السباق الرئاسي.
إضافة إلى بوتين، تضم قائمة المرشحين للانتخابات القومي ليونيد سلوتسكي والشيوعي نيكولاي خاريتونوف ورجل الأعمال فلاديسلاف دافانكوف. وسبق للثلاثة أن أيدوا حرب أوكرانيا.
ويرى المعارضون للكرملين أن هؤلاء المرشحين الثلاثة هم واجهة لإعطاء الانتخابات بعدا تعدديا، في حين أن المعارضة الفعلية تم قمعها بشكل حاد.
كما يعتبر المراقبون المستقلون أن في حوزة السلطات ما يكفي من الوسائل لإدارة نتائج الانتخابات، مثل التزوير أو التلاعب بصناديق الاقتراع، ودفع الملايين من العاملين في مؤسسات الدولة للتصويت دعما للواقع القائم.
يبقى السؤال عما إذا كانت ستتخلل عملية الاقتراع تحركات احتجاجية دعت إليها المعارضة، خصوصا أرملة المعارض أليكسي نافالني، الذي شارك الآلاف في مراسم تشييعه الشهر الماضي.
وطلبت يوليا نافالنايا من مناصري نافالني التجمع عند مراكز الاقتراع الساعة التاسعة ت غ صباح اليوم الأخير من الانتخابات (الأحد)، والاحتجاج من خلال الإدلاء بأصواتهم لصالح مرشحين غير بوتين، أو وضع أوراق لاغية في الصناديق، أو كتابة "نافالني" عليها.
وعود بوتين
على الرغم من أن نتيجة الانتخابات بحكم المحسومة، سخر الكرملين حملة كبيرة لتعزيز الشرعية المحلية والدولية لبوتين.
ويجد الرئيس الروسي البالغ 71 عاما نفسه في وضع ملائم حاليا، إذ تحقق قواته تقدما ميدانيا في أوكرانيا في ظل عراقيل تواجه الدعم العسكري الغربي، واقتصاد بلاده حافظ على استقراره، بالرغم من العقوبات الغربية.
وظهر بوتين بشكل متكرر عبر الإعلام في الآونة الأخيرة، إذ التقى طلابا وزار مصانع، وحتى جلس في قمرة القيادة خلال طلعة جوية لقاذفة نووية استراتيجية زلم يشارك بوتين في أي مناظرة تلفزيونية.
وفي خطابه السنوي الشهر الماضي الذي رسم برنامجا حكوميا حتى 2030، قدم بوتين سلسلة وعود بشأن الميزانية، وتخصيص مليارات من الروبلات لتحديث المدارس والبنى التحتية، ومكافحة الفقر، وحماية البيئة، وتعزيز التكنولوجيا.
مخاوف اقتصادية
مع أن أداء الاقتصاد يبقى أفضل من المتوقع في ظل العقوبات الغربية، لا يخفي كثيرون في روسيا قلقهم من ارتفاع الأسعار، خصوصا المواد الغذائية، وعدم الاستقرار العام الناتج عن الحرب في أوكرانيا.
وفقدت القوى العاملة في روسيا مئات الآلاف من أفرادها منذ بدء الحرب، إما بسبب مقتلهم في الميدان، أو بسبب الهجرة إلى الخارج هربا من النزاع أو تفاديا للاستدعاء إلى الجيش.
وشددت السلطات في الأشهر الماضية قمعها لتحركات احتجاجية تقوم بها زوجات المجندين في الجيش، يطلبن فيها السماح لهم بالعودة من جبهات القتال.
دعوات للتصويت
انتشرت في مختلف أنحاء روسيا لوحات إعلانية ضخمة تحض الروس على التصويت وحملت اللوحات شعار V الذي استخدمته القوات الروسية في أوكرانيا، وكتب فيها "نحن أقوى معا. لننتخب من أجل روسيا!"
وستنظم السلطات كذلك نشاطات لتحفيز الروس على الإدلاء بأصواتهم في بلاد تشهد نسبة كبيرة من عدم المبالاة السياسية، خصوصا في أوساط الشباب.
وحذر بوتين في ديسمبر من "التدخل الأجنبي" في الاقتراع، وتعهد برد حازم على ذلك. واستدعت وزارة الخارجية الروسية السفيرة الأمريكية لين ترايسي الأسبوع الماضي، للتنديد بـ"محاولات تدخل" من منظمات غير حكومية أمريكية في الشؤون الداخلية لموسكو قبل أيام من الانتخابات.
التصويت في المناطق المحتلة
شملت الانتخابات أربع مناطق في أوكرانيا أعلنت روسيا ضمها عام 2022، على الرغم من أنها لا تسيطر عليها عسكريا بشكل كامل.
وقالت كييف إن سكان هذه المناطق يتعرضون لتهديدات من أجل دفعهم إلى الإدلاء بأصواتهم، وهو ما تنفيه موسكو وأتيح الاقتراع المبكر للجنود الروس المنتشرين في أوكرانيا.