هل دخلت الحرب في غزة مرحلة القتال منخفض الحدة؟ تقييم للقوى المتحاربة
أجرت مجلة إنترناشيونال فيو بوينت مقابلة مع البروفيسور جلبرت الأشقر، أستاذ دراسات التنمية والعلاقات الدولية في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS) في لندن، مؤلف كتب "صراع الهمجية.. صنع الفوضى العالمية الجديدة"، و"العرب والمحرقة.. حرب الروايات العربية الإسرائيلية، و"الشعب يريد.. استكشاف جذري للانتفاضة العربية"، وكتابه الأخير بعنوان "الحرب الباردة الجديدة... الولايات المتحدة وروسيا والصين.. من كوسوفو إلى أوكرانيا"، وعضو حركة المقاومة المناهضة للرأسمالية في بريطانيا.
وعلق الأشقر على الحرب الانتقامية الإسرائيلية في غزة والتي يراها مستمرة بكل ما بها من الفظائع، ولكنها أيضًا استطاعت حشد تضامن كبير وغير مسبوق مع الفلسطينيين ومقاومة كبيرة في فلسطين وتناول جلبرت الأشقر هذا الوضع وسبل بناء المقاومة ضد إسرائيل وشركائها من اليمين المتطرف والإمبريالية.
ما هي مرحلة التدخل الإسرائيلي التي نحن فيها الآن؟
يعتقد الأشقر أن الأمور واضحة نسبيًا في ضوء التقارير العسكرية لقوات الاحتلال وقد انتهت مرحلة القصف الأشد كثافة في الشمال ويجري الآن استكمالها في الجزء الجنوبي وفي النصف الشمالي والوسط، انتقلت قوات الاحتلال إلى المرحلة التالية، وهي مرحلة ما يسمى بالحرب منخفضة الحدة.
وأضاف أنه في الواقع، إنهم ينظمون شبكة كاملة من المناطق التي احتلوها من أجل تدمير شبكة الأنفاق والبحث عن مقاتلين من حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى الذين هم دائما في وضع تنفيذ الكمائن ويمكن أن يخرجوا في أي وقت، طالما أن الأنفاق موجودة.
ولفت الأشقر إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تتعرض لضغوط دولية متزايدة، وخاصة الأمريكية، للانتقال إلى ما يسمى بمرحلة القتال المنخفض الحدة لكن هذا الاسم مضلل لأنه في الواقع تقتصر الكثافة المنخفضة على القصف وسوف ينخفض عدد الصواريخ والقصف بالطائرات والطائرات بدون طيار لأنه لم يعد هناك الكثير لتدميره في غزة وسوف ينتقلون إلى التدخلات لمرة واحدة ضد مجموعات من مقاتلي المقاومة الذين يظهرون هنا وهناك.
وما أعقب ذلك من 7 أكتوبر كان عبارة عن حملة قصف مدمرة للغاية اتخذت أبعاد إبادة جماعية: فالتدمير الشامل لمنطقة حضرية شاسعة أدى حتمًا إلى إبادة عدد لا يصدق من المدنيين وقُتل أكثر من واحد في المائة من سكان غزة وبالنسبة لفرنسا، فإن هذا يتوافق مع الرقم المخيف المتمثل في 680 ألف حالة وفاة.
ويضاف إلى ذلك طرد 90 في المائة من السكان من أماكن إقامتهم، وأشار الأشقر إلى أن قسمًا كبيرًا من اليمين الإسرائيلي ـ وهو اليمين المتطرف في بلد تم سحق اليسار الصهيوني فيه ـ يرغب في طردهم من أراضي غزة لأي مكان آخر وتريد سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضمان السيطرة العسكرية الكاملة على المنطقة، لكن هذا مجرد وهم: لن ينجحوا أبدًا ما لم يطردوا الجميع وطالما أن هناك سكانا في غزة، ستكون هناك مقاومة للاحتلال.
كما أن الانخفاض في شدة القصف على غزة يسمح لقوات الاحتلال برفع لهجتها ضد لبنان وحزب الله. ويعتمد القادة الصهاينة على حقيقة إمكانية فصل جزء من لبنان عن حزب الله لأسباب طائفية وسياسية. وتتزايد التهديدات يومًا بعد يوم، مع وجود ضغوط قوية على حزب الله للانسحاب إلى الشمال، إلى مسافة تعتبرها إسرائيل مقبولة من الحدود. وإلا فإن إسرائيل تهدد بإلحاق مصير غزة بجزء من لبنان، أي بتدمير المناطق التي يوجد فيها حزب الله في موقع قوة في الضواحي الجنوبية للعاصمة، وفي جنوب البلاد، وكذلك في الشرق، في البقاع.
ما هو وضع المقاومة العسكرية في فلسطين؟
في غزة، يمكن للمقاومة أن تستمر في المناطق المدمرة طالما أن هناك أنفاق وتم بناء نوع من المدينة تحت الأرض للمقاتلين مثل شبكة المترو، لكن سكان غزة لا يستطيعون اللجوء إليها، على عكس ما رأيناه في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية أو كما نرى اليوم في كييف بأوكرانيا، فالأنفاق التي حفرتها حماس مخصصة للاستخدام الحصري للمقاتلين.
ويستمر إطلاق الصواريخ من غزة على البلدات والمستوطنات الإسرائيلية، حيث تحاول حماس وغيرها من الجماعات إظهار أنها لا تزال نشطة وأضاف الأشقر أن القضاء على حماس وجميع أشكال المقاومة في غزة هو هدف مستحيل.