بتسريب صوتي.. ألمانيا تتهم روسيا بمحاولة زعزعة استقرارها
اتهم وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، أمس الأحد، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالسعي إلى "زعزعة استقرار ألمانيا"، بعدما انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي الروسية تسجيل صوتي لمحادثات عسكرية سرية بين ضباط في الجيش الألماني بشأن الحرب في أوكرانيا، وفقًا لمجلة دير شبيجل الألمانية.
وقال بيستوريوس لصحافيين في برلين، إن "الأمر يتعلق ببساطة باستخدام هذا التسجيل لزعزعة الاستقرار في ألمانيا"، وأضاف "من الواضح أن ثمة مسعى لتقويض وحدتنا.. وزرع الانقسام السياسي داخليا، وآمل بصدق ألّا ينجح بوتين بذلك وأن نبقى متّحدين".
وفي يوم الجمعة، نشرت رئيسة قناة "آر تي" الروسية، مارغاريتا سيمونيان، تسجيلا صوتيا مدته 38 دقيقة، قالت إنه "يتضمّن محادثات جرت بين ضباط ألمان يبحثون في 19 فبراير قصف شبه جزيرة القرم"، بحسب ما أوردت "فرانس برس".
وتضمن التسجيل المتداول أحاديث عن احتمال استخدام القوات الأوكرانية صواريخ ألمانية الصنع من طراز توروس وتأثيرها المحتمل كما تضمن أحاديث عن توجيه الصواريخ نحو أهداف مثل جسر رئيسي فوق مضيق كيرتش يربط البر الرئيسي الروسي بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في العام 2014، بالإضافة إلى استخدام الصواريخ التي قدمتها كلّ من فرنسا وبريطانيا لكييف.
وأكّدت ناطقة باسم وزارة الدفاع الألمانية، السبت، صحة التسجيل مع حصول تنصت على محادثة سرية للقوات الجوية ويشكل محتوى التسجيل مصدر حرج لألمانيا التي تطالبها كييف منذ فترة طويلة بتزويدها صواريخ توروس القادرة على إصابة أهداف على بعد يصل إلى 500 كيلومتر.
وامتنع المستشار الألماني أولاف شولتس رسميا حتى الآن عن تلبية هذا الطلب، متخوّفا من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد النزاع وإثارة توترات إضافية مع روسيا.
وأشار تقرير لموقع دويتش فيله الإخباري الألماني إلى أنه لم يعد هناك شك من أن الروس اعترضوا محادثة لضباط سلاح الجو الألماني لم يستخدموا فيها خطا مشفرا. الكشف عن هذه الفضيحة يأتي في وقت حساس في علاقات ألمانيا والغرب عموما مع روسيا على خلفية الحرب التي أعلنتها الأخيرة أوكرانيا.
لم يعد هناك شك في ذلك، فقد باتت وزارة الدفاع الألمانية متأكدة من أنه تم اعتراض محادثة بين ضباط سلاح الجو من قبل الاستخبارات العسكرية الروسية. وقالت متحدثة باسم الجيش "وفقا لتقييمنا، تم اعتراض محادثة في القوات الجوية. لا يمكننا حاليا أن نقول على وجه اليقين ما إذا كانت قد أجريت تغييرات على النسخة المسجلة أو المكتوبة التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي". ووفق المعلومات الروسية، فقد جرت تلك المكالمة في 19 فبراير الجاري.
وفي سياق متصل، أفاد تقرير إخباري صدر الأحد، بأن الضباط الألمان الذين اعترضت روسيا مناقشتهم، كانوا عرضة للتنصت على مكالماتهم الهاتفية، لأنهم لم يستخدموا خطا مشفرا أثناء اتصالهم ببعضهم البعض. ويطالب نواب في البرلمان الألماني بالتحقيق في كيفية قيام واحدة من وسائل الإعلام الروسية بنشر تسجيل لما دار بين ضباط تابعين للقوات الجوية الألمانية، أثناء مناقشتهم مسألة دعم أوكرانيا.
هل تستخدم وكالة الأمن القومي الأمريكية هواتف آبل للتجسس؟
ونشرت رئيسة محطة "آر.تي" الاخبارية التابعة للحكومة الروسية، مارغريتا سيمونيان، المحادثة التي جرت بين مسؤولي الدفاع الألمان. وقام ضباط القوات الجوية البارزون أثناء المحادثة، بمناقشة الإمكانيات النظرية لنشر صواريخ كروز الألمانية من طراز "تاوروس" في أوكرانيا.
وقالت مصادر لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أول أمس السبت، إن المناقشة تمت إدارتها عبر "ويبيكس"، وهي منصة أمريكية خاصة بعقد المؤتمرات عبر الإنترنت.
وفي الوقت نفسه، نقلت صحيفة "بيلد أم زونتاغ" عن مصادر أمنية القول، إن الاجتماع الذي تم عقده عبر "ويبيكس"، تم إرسال تفاصيله إلى الهواتف المحمولة الخاصة بالضباط، عبر خط أرضي تابع لمكتب الجيش الألماني (بونديسفير). كما حضر الاجتماع مفتش (قائد) القوات الجوية الالمانية، إنغو غيرهارتز.
بدورها طالبت مفوضة الدفاع في البرلمان الألماني، إيفا هوغل، بعواقب بعيدة المدى بناء على فضيحة التنصت الروسية. وفي تصريحات لصحف مجموعة "فونكه" الإعلامية الألمانية، قالت هوغل المنتمية إلى حزب المستشار أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي:" أولا، يجب على الفور أن يتم تدريب جميع المسؤولين في جميع مستويات الجيش على الاتصالات المؤمنة".
وأضافت:" ثانيا، يجب التأكد من أن توفير المعلومات والاتصال الآمن والسري يمكن أن يتم بطريقة مستقرة"، مطالبة بإجراء تغييرات في الحالات التي لا يكون فيها هذا الأمر ممكنا. ورأت هوغل أنه يجب ثالثا زيادة الاستثمار في مكافحة التجسس ودعت إلى تعزيز جهاز الاستخبارات العسكرية.
ولا يزال المستوى الأمني للقضايا التي تم تناولها قيد التحقيق. وأفادت معلومات وردت لـ (د.ب.أ) بصحة المقطع الصوتي الذي بلغت مدته ما يقرب من 30 دقيقة ويُفترض أن هذا النقاش كان في إطار التحضير لتقديم إحاطة لوزير الدفاع بوريس بيستوريوس.
وتناول النقاش الموثق في الملف الصوتي قضايا من بينها السؤال حول ما إذا كانت صواريخ "تاوروس" الجوالة قادرة من الناحية التقنية على تدمير الجسر الذي بنته روسيا إلى شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها موسكو إلى الاتحاد الفيدرالي الروسي.
وتطرق النقاش إلى نقطة أخرى حول ما إذا كانت أوكرانيا قادرة على تنفيذ القصف دون مشاركة الجيش الألماني. ومع ذلك، يُسمع في التسجيل أيضا أنه لا يوجد ضوء أخضر على المستوى السياسي لتسليم الصواريخ الجوالة التي طلبتها كييف. ثمة نقطة حساسة أخرى في هذا التسجيل تتعلق بما قاله مشاركون في المناقشات إن بريطانيا لديها "بعض الأشخاص على الأرض" للمساعدة في استخدام صواريخ ستورم شادو الموجهة التي سلمتها لندن إلى كييف.
تجدر الإشارة إلى أن مارجريتا سيمونيان رئيسة تحرير قناة "آر تي" التلفزيونية الروسية والمجموعة الإعلامية الدولية "روسيا سيجودنيا" نشرت، الجمعة، محادثة بين ضباط رفيعي المستوى في الجيش الألماني تضمنت نقاشا حول الإمكانيات النظرية لاستخدام أوكرانيا صواريخ "تاوروس" الألمانية الموجهة.