قصة أم تصل إلى مصر جسدا وتبقى في غزة عقلا ووجدانا
نشر موقع تي آر تي الإخباري التركي محنة صحفية مصرية تدعى سهام شملخ، تركت وراءها زوجها الفلسطيني في غزة التي مزقتها الحرب لتنضم إلى أطفالها في مصر.
ووضع تقرير تي آر تي هذه الصورة الإنسانية الرائعة في سياق التناقض الصارخ مع تصريحات وزيرة إسرائيلية قالت إنها "فخورة للغاية" بحجم الدمار الذي أحدثه جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
وبعد ما يقرب من خمسة أشهر من الانتظار القلق واليائس، جاءت اللحظة أخيرًا في أواخر يناير الماضي: فرصة مغادرة غزة والهروب من الحرب الوحشية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع المحاصر، وتقول الصحفية المصرية: "مما أسعدني كثيرًا أنا وزوجي أن اسمي ظهر أخيرًا على قائمة الإخلاء المقررة في 26 يناير، فأنا مصرية الجنسية، وزوجي وطفلاي ليسوا كذلك".
وكان الخبر قد جاء إلى الصحفية عن طريق زميل فلسطيني كان يعلم أنها انتظرت طويلًا للانضمام إلى أطفالها في مصر، الذين تمكنوا من الخروج والوصول إلى مصر في ديسمبر مع أختها الكبرى.
وبحلول يناير، أصبح الوضع في غزة أكثر خطورة مع استمرار الاحتلال في حملته العسكرية على المدنيين العاجزين، مما أسفر عن مقتل وتشويه الآلاف من الفلسطينيين.
وتضيف: "لم تتضح حقيقة رحيلي الوشيك إلا عندما تمكن ابني خالد من الاتصال بي عبر الهاتف من مصر بعد عدة محاولات فاشلة ومع ذلك، فقد غمرتني مشاعر متضاربة من الفرح والحزن - على الرغم من فرحتي باحتمال المغادرة، إلا أنني كنت أعاني من الحزن عندما أدركت أن اسم زوجي كان غائبًا عن قائمة المغادرة وبقلب مثقل، اضطررت إلى تركه في رفح، عازمًا على إيجاد طريقة لجمع شمل عائلتنا مرة أخرى".
وتقول سهام: "لكنني كنت أيضًا حذرة من حقيقة أنني قد لا أتمكن من الاتصال به بشكل متكرر كما أردت ومنذ بداية حرب الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر، ألحقت الغارات الجوية الانتقامية أضرارًا جسيمة بمنشآت الاتصالات في مدينة غزة في وقت مبكر من الهجوم، مما أدى إلى انقطاع الخدمة لفترات طويلة".
ولا يزال الفلسطينيون في غزة يعانون من عدم موثوقية خدمات الإنترنت والهواتف المحمولة ولكن الرحيل من دون زوجها لم يكن خيارًا سهلًا؛ فقد مزق قلبها وتركتها في حالة صراع.
وتوضح ذلك بالقول: "طوال الليل، تصارعت مع قراري، وكدت أن أبقى بجانبه وعلى الرغم من مخاوفي على أطفالي، لم أستطع تحمل فكرة ترك زوجي لمواجهة حالة عدم اليقين وحده في غزة".
وتعرضت مدينة رفح، التي يزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنها منطقة آمنة للمدنيين، لتهديد مستمر بتوسيع العمليات العسكرية وقال الزوج الفلسطيني لزوجته الصحفية المصرية: "لا تفكري مرتين، أنا سعيد جدًا من أجلك ومن أجل الأطفال، سأكون آمنًا، لا تقلقي"، وتعانقا، ولم تستطع حبس دموعها بالرغم من طمأنته إياها وكان الوقت متأخرا من الليل، فحزمت حقيبتها ونامت بضع ساعات قبل أن تستيقظ في الخامسة صباحًا.
كان من الصعب جدًا العثور على سيارة أجرة تقل الزوجة المصرية إلى معبر رفح الحدودي بسبب نقص الوقود وعرض جارهما، الذي يملك سيارة، أن ينقلها إلى هناك مقابل 250 شيكل إسرائيلي (68 دولارًا).
وعندما انطلقت السيارة، نظرت نحو البحر والناس من حولها وكان قلبي مثقلًا عندما أدركت أنها قد لا تتمكن من العودة إلى غزة في وقت قريب لأنه لم تكن هناك أي علامات على انتهاء الحرب قريبًا.
بينما كانت سهام تودع مناظر البحر والشوارع المألوفة، ظل نظرها معلقًا على الخيام المنتشرة في كل مكان والحشود الصاخبة فقد كانت لحظة مؤثرة، وكانت بمثابة وداعها الأخير للمشهد الحزين في غزة.