الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

ما الذي يأمل الاحتلال الإسرائيلي في كسبه من هجوم رفح؟

الرئيس نيوز

قصفت إسرائيل مدينة رفح بجنوب قطاع غزة بضربات جوية هذا الأسبوع في إطار ما أعلنت أنها عملية نوعية لتحرير اثنين من الرهائن، وجاءت العملية قبيل إطلاق متوقع لهجوم بري هناك ويواجه رئيس وزراء سلطات الاحتلال بنيامين نتنياهو ضغوطًا دوليةً مكثفةً لعدم إرسال دبابات إلى المدينة، حيث لجأ نحو 1.5 مليون من سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، لكنه قال إنه مستعد لتحدي كافة الدعوات الدولية المعارضة لغزو رفح، وفقًا لمجلة "ذا ويك".

وأعلنت إسرائيل، في وقت مبكر من الأسبوع الجاري، أنها أنقذت اثنين من الرهائن الذين احتجزتهم المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر الماضي، خلال ما وصفته بـ "عملية معقدة" في رفح وأعلن في غزة عن استشهاد 74 فلسطينيًا.

وحذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن من أن الهجوم البري على رفح سيكون بمثابة "كارثة" بدون خطة "ذات مصداقية" لحماية المدنيين. وقالت الأمم المتحدة إن أي عملية هناك قد تؤدي إلى قطع تدفق المساعدات إلى غزة (رفح هي موطن المعبر الوحيد للقطاع على الحدود المصرية) وفي الأسبوع الماضي، رفض نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، وأصر على أن تحقيق "النصر الكامل"، وزعم أن تحقيق هدفه أمر ممكن في غضون أشهر واستؤنفت المفاوضات منذ ذلك الحين في القاهرة، حضور ممثلي الاحتلال جزء من المفاوضات وغيابهم عن جزء آخر.

ماذا قال المراقبون؟

سلطت افتتاحية صحيفة الجارديان البريطانية الضوء على حقيقة انه من الصعب تصديق أن الحياة يمكن أن تصبح أسوأ بالنسبة للفلسطينيين في غزة، ولكن هناك كل الدلائل التي تشير إلى أن ذلك سيحدث قريبًا، وقد تضاعف عدد سكان رفح خمسة أضعاف منذ بدء الحرب، تحت وطأة توافد سكان غزة اليائسين إلى المنطقة الآمنة نسبيًا. والآن، يواجه هؤلاء الأشخاص الاضطرار إلى الفرار مرة أخرى وتزعم سلطات الاحتلال الإسرائيلي أنها ستساعد في تسهيل ذلك؛ ولكن في الواقع، لا يوجد "مكان آمن" للذهاب إليه.

ولم يتسبب الهجوم الانتقامي للاحتلال في استشهاد ما يقدر بنحو 28 ألف شخص فحسب، بل أدى إلى تدمير مساحات شاسعة من غزة وتسويتها بالأرض، وسيحتاج سكان تلك المناطق إلى البنية التحتية اللازمة من أجل البقاء على قيد الحياة.

وقالت افتتاحية صحيفة هآرتس: يتعين علينا أن نرحب بإخراج الرهينتين من رفح ـ ولكن يتعين على الحكومة أن تضغط من أجل التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يحرر الرهائن الآخرين ومع ذلك فإن نتنياهو كان يرفض دائمًا شروط حماس الأخيرة.

كما جاء في افتتاحية التايمز: "إن القلق على سكان غزة شديد عن حق، لكن نتنياهو لا يستطيع السماح لحماس بتهيئة الظروف لشن هجوم جديد، وهذا أمر طبيعي بالنسبة لدولة تعتمد إلى حد كبير على الردع لحماية أمنها، وإذا أبدى نتنياهو موقفًا أكثر ليونة فربما سيقدم اعترافًا قاتلًا بالنسبة لإسرائيل وهو اعتراف بالضعف".

وقالت مجلة ذا سبلكتاتور إنه ليس أمام إسرائيل خيار سوى مهاجمة قوات حماس في رفح إذا أرادت إزاحة الحركة من السلطة، كما تقول المحللة ليمور سيمهوني فيلبوت وتشير استخبارات الجيش الإسرائيلي إلى أن أربعًا من كتائب حماس الست المتبقية متمركزة في مدينة رفح والحدود بين غزة ومصر هي موقع العديد من أنفاقها المتبقية. 

ومن جانبه، ربما يأمل نتنياهو أن يكون التهديد بشن هجوم بري كافيًا للضغط على حماس لحملها على تحسين شروط صفقة الرهائن، كما قال عاموس هاريل في صحيفة هآرتس، وبالمثل، قد يعتقد أن ذلك يكسب لصالح نتنياهو تقوية لقاعدة دعمه المتقلصة أو يمنحه "ذريعة" للبقاء في السلطو، وهو يتحدث باستمرار عن "النصر الكامل"، لكن إسرائيل ليست قريبة من تحقيق ذلك ومن خلال التهديد بتصعيد الصراع، فإنه يمنح نفسه الغطاء لإلقاء اللوم، على سبيل المثال، على الأمريكيين بسبب فشله المحتمل، لأنهم "وضعوا العقبات أمام النصر"، أو الجنرالات إذا قاوموا بشن غزو واسع النطاق لرفح.

وفي الأثناء، بدأ الغضب الدولي تجاه إسرائيل يخرج إلى العلن، كما قال بيتر بومونت في صحيفة الجارديان. واقترح زعماء الاتحاد الأوروبي أن يتوقف حلفاء إسرائيل عن تسليح قوات الاحتلال إذا لم تتمكن من الحد من الوفيات بين المدنيين، وبدأ بايدن يشير إلى نتنياهو (الذي يعرفه منذ عقود) على أنه ذلك "الأحمق" وقال مايكل وحيد حنا في فايننشال تايمز إن حلفاء إسرائيل على حق في غضبهم. 

لقد أصبحت رفح بالفعل "مركزًا لواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في هذا القرن": فالخيام تحتل كل قطعة من الأراضي غير المستخدمة؛ والإمدادات الأساسية باتت نادرة ومن شأن تمديد عمليات الاحتلال الإسرائيلي أن يؤدي إلى “تفاقم الكارثة بشكل كبير”.

ويعتقد وليام هيج وفقًا لصحيفة التايمز إن نتنياهو يعتقد أنه يستطيع تدمير حماس بضرب كتائبها في رفح وهذا هراء؛ فقد تشترك حماس في بعض الخصائص مع الجيوش، ومن الممكن نظريًا تدمير وحداتها، لكنها سرعان ما ستظهر من تحت الأنقاض بمجندين أكثر حماسًا من أي وقت مضى".

إذن، هناك إجماع بين المراقبين على أن هجوم رفح لن يمنح نتنياهو النصر الذي يريده؛ فهو لن يؤدي إلا إلى تفاقم معاناة سكان غزة، وزيادة تنفير حلفاء إسرائيل، و"تقليل أمن إسرائيل على المدى الطويل".

ماذا بعد؟

أفادت صحيفة الجارديان أن إسرائيل وحماس أحرزتا تقدما هذا الأسبوع نحو التوصل إلى اتفاق لتسهيل وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. 

وورد أن المفاوضات ركزت على الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع مع ضمانات بأن جميع الأطراف ستواصل بعد ذلك المحادثات حول وقف دائم لإطلاق النار.

وحذر جيش الاحتلال الإسرائيلي من أن إخلاء المدنيين من رفح قد يستغرق أسابيع، كما يقول أنشيل فيفر في صحيفة التايمز؛ وأن هذا قد يعني إطلاق العملية العسكرية خلال شهر رمضان، في وقت ما حول 10 مارس - وهي نتيجة يحرص جيش الاحتلال على تجنبها، نظريًا لقدسية الشهر الكريم لدى المسلمين.