لماذا يشكل هجوم الاحتلال الوشيك على رفح اختبارًا للعلاقات مع مصر؟
تخشى مصر من أن إسرائيل لن تسمح للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى غزة، في حين أن نزوح اللاجئين سيشكل عبئا على الأوضاع الاقتصادية الصعبة علاوة على أنه من الممكن أن يشكل تحديات أمنية، ووفقًا لموقع الجزيرة، باللغة الإنجليزية.
كانت مصر أول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في عام 1979 بعد اتفاقيات كامب ديفيد ولكن الحرب الإسرائيلية على غزة أدت إلى توتر العلاقات بين البلدين.
والآن، يؤدي الهجوم البري الإسرائيلي المخطط له في مدينة رفح بجنوب غزة إلى تفاقم هذه التوترات، في وقت لجوء مئات الآلاف من الفلسطينيين الفارين من قصف الاحتلال الإسرائيلي الانتقامي المستمر منذ أشهر إلى رفح.
ونفى وزير الخارجية سامح شكري في وقت سابق من الأسبوع الجاري التقارير التي تفيد بأن القاهرة لديها أي خطط للانسحاب من اتفاق السلام لعام 1979، لكنه أضاف أن بلاده ستلتزم بالمعاهدة طالما كان ذلك الالتزام “متبادلًا”.
لماذا تعارض مصر الهجوم الإسرائيلي المخطط له على رفح؟
يهدد الهجوم البري لقوات الاحتلال الإسرائيلي المخطط له على رفح بتكثيف الضغوط على الفلسطينيين النازحين للانتقال إلى سيناء في مصر - وهو التطور الذي أعلن المسؤولون المصريون أنه يشكل تجاوزًا للخط الأحمر الذي وضعته القاهرة.
وليس لدى حوالي 1.4 مليون فلسطيني نازح داخليًا، والذين تم حشرهم في رفح التي تبلغ مساحتها 64 كيلومترًا مربعًا، مكانًا يذهبون إليه وسط نقص الغذاء والماء والدواء. وقد اعترضت المنظمات غير الحكومية والحكومات وغيرها من أعضاء المجتمع الدولي على الهجوم الإسرائيلي المخطط له، خوفًا من سقوط أعداد كبيرة من الضحايا بين المدنيين واستشهد نحو 100 شخص، من بينهم 42 طفلا، في الهجمات الإسرائيلية منذ ليلة الأحد.
فمنذ شنت إسرائيل حربها على غزة في السابع من أكتوبر، كانت الدعوات التي أطلقها كبار المسؤولين الإسرائيليين للفلسطينيين بالهجرة من غزة ــ وهو كناية عن تهجيرهم القسري ــ سببًا في إثارة انزعاج المصريين الذين لا يريدون نزوح جماعي للاجئين عبر الحدود وتخشى مصر والعديد من الدول العربية من أن إسرائيل لن تسمح للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى غزة.
ولم يُسمح لأكثر من 750 ألف فلسطيني، الذين طردوا من منازلهم في التطهير العرقي عام 1948 - الذي أطلق عليه الفلسطينيون "النكبة" - أثناء تأسيس دولة الاحتلال، بالعودة. فقد عارض المحتلون باستمرار حق العودة للفلسطينيين الذين طردوا مما يعرف الآن بإسرائيل خلال النكبة.
كما أثار اقتراح رئيس وزراء سلطات الاحتلال بنيامين نتنياهو في ديسمبر الماضي برغبته في السيطرة على ممر فيلادلفيا ــ وهو الممر الضيق الذي يفصل مصر عن غزة ــ غضب المصريين، وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في ذلك الوقت، إن "احتلال" الممر الذي يبلغ طوله 14 كيلومترًا (حوالي 8.7 ميلًا) وعرضه 100 متر (328 قدمًا) سيكون بمثابة مخالفة شديدة الوضوح لمعاهدة السلام.
وشددت القاهرة إجراءات الأمن على الحدود، حيث أفادت التقارير بنقل الدبابات وناقلات الجنود المدرعة بالقرب من الحدود لوقف أي امتداد محتمل للهجوم البري الإسرائيلي.
ويلزم اتفاق 1979 كلا البلدين بعدم تعزيز وجودهما العسكري في المناطق الحدودية دون اتفاق مسبق ولم تتمكن الجزيرة من التأكد من أن تنسيقًا ما حدث مع القاهرة من قبل تل أبيب بشأن تحركات قوات الاحتلال.
وقالت وزيرة النقل الإسرائيلية ميري ريجيف إن بلادها تدرك مخاوف مصر بشأن الهجوم الوشيك على رفح، مضيفة أن القاهرة وتل أبيب سيكونان قادرين على تسوية الأمر من خلال المحادثات.
كيف بدت علاقة مصر مع إسرائيل؟
نجت العلاقات المصرية الإسرائيلية من عدة أزمات في الشرق الأوسط بما في ذلك الانتفاضة الفلسطينية والغزو الإسرائيلي واحتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية، فضلًا عن هجماتها العسكرية العديدة على غزة.
وعلى مدى عقود، لعبت مصر دورًا رائدًا كوسيط في المحادثات وصفقات تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل وتستضيف القاهرة حاليا عدة جولات من المفاوضات بين مسؤولين إسرائيليين وحماس في محاولة لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة واستشهد أكثر من 28 ألف فلسطيني في القصف الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر وتزعم تل أبيب إن هدفها العسكري هو تدمير حماس لكنها واجهت إدانات بسبب العدد الكبير من الضحايا المدنيين.
ووضعت الاتفاقيات شروط معاهدة سلام مصرية إسرائيلية، وإطارًا للسلام الإسرائيلي الفلسطيني باستخدام قرار الأمم المتحدة رقم 242، الذي دعا إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها خلال حرب الأيام الستة عام 1967.
ووافقت إسرائيل على سحب قواتها من سيناء مقابل إقامة علاقات دبلوماسية مع مصر والوصول إلى قناة السويس، وهي طريق ملاحي رئيسي. قامت مصر بتأميم القناة في عام 1956، وبعد ذلك قامت إسرائيل، إلى جانب المملكة المتحدة وفرنسا، بمحاولة غزو مصر لاستعادة السيطرة على القناة دون جدوى، فيما عرف باسم العدوان الثلاثي.