رسميًا.. الاقتصاد البريطاني ينزلق إلى الركود
كشفت أرقام وبيانات رسمية في المملكة المتحدة، الخميس، عن انزلاق اقتصاد البلاد إلى حالة ركود فني قبيل نهاية عام 2023 مع انكماش الإنتاج أكثر من المتوقع في آخر ثلاثة أشهر من العام، على الرغم من عدم وجود تعريف رسمي للركود، فإن ربعين متتاليين من النمو السلبي يعتبران على نطاق واسع ركودًا فنيًا.
وقالت شبكة سكاي نيوز إن تعريف الركود في العادة هو انكماش الاقتصاد فترتين متتاليتين مدة كل منهما ثلاثة أشهر بدلًا من أن يحقق نموا.
وأظهرت أحدث دفعة من بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية أن الناتج المحلي الإجمالي، وهو مقياس رئيسي للنمو الاقتصادي، انكمش بنسبة 0.3 بالمئة بين أكتوبر وديسمبر، في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام، مسجلًا الانخفاض الفصلي الثاني على التوالي، وانكمش الاقتصاد البريطاني بشكل أكثر حدة مما توقعه الاقتصاديون الذين توقعوا انكماشا بنسبة 0.1 بالمائة وجاء ذلك بعد نمو اقتصادي سلبي بنسبة 0.1 بالمئة في الأشهر الثلاثة من يوليو إلى سبتمبر ومع ذلك، فإن هذه البيانات مجرد تقديرات أولية وستخضع للمراجعة.
وقال مكتب الإحصاءات الوطني إن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع كان الأكبر منذ الربع الأول من عام 2021، ويعاني الاقتصاد البريطاني من الركود منذ ما يقرب من عامين.
وذكر بنك إنجلترا أنه يتوقع أن ينتعش قليلا في عام 2024 ومع ذلك، فإن النمو البطيء في هذا العام سيظل يُشكل عقبة أمام رئيس الوزراء ريشي سوناك في محاولاته لاستمالة الناخبين قبيل الانتخابات المتوقعة في وقت لاحق من عام 2024.
وصرح أليكس فيتش رئيس قطاع السياسات في غرف التجارة البريطانية بأن الشركات تعرف بالفعل الصعوبات التي تواجهها، وأضاف "هذه الأخبار ستدق بلا شك أجراس الإنذار للحكومة وقال مكتب الإحصاءات إن النمو الاقتصادي انكمش بنسبة 0.1 بالمئة على أساس شهري في ديسمبر بعد نمو بنسبة 0.2 بالمئة في نوفمبر.
وكان استطلاع أجرته رويترز قد أشار إلى انكماش بنسبة 0.2 بالمئة في ديسمبر وبعد وقت قصير من صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي، انخفض الجنيه الإسترليني بشكل معتدل مقابل الدولار واليورو وقال مكتب الإحصاءات إن قطاعات التصنيع والبناء ومبيعات الجملة شكلت أكبر المساهمين في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي.
كيف أصبح اقتصاد المملكة المتحدة بعد البريكست؟
هذه هي المرة الأولى التي ينزلق فيها الاقتصاد البريطاني إلى الركود منذ النصف الأول من عام 2020، عندما انخفض الإنتاج خلال جائحة فيروس كورونا ويأمل رئيس الوزراء ريشي سوناك في أن يبدأ بنك إنجلترا خفض أسعار الفائدة قريبا مع تراجع التضخم نحو هدفه البالغ 2 بالمئة، ويبلغ معدل التضخم حاليا 4 بالمئة.
وعلى الرغم من بلوغ أسعار الفائدة ذروتها، أعرب البنك المركزي عن حذره بشأن خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر للغاية لأن انخفاض أسعار الفائدة قد يؤدي لتعزيز الإنفاق، وفرض ضغوط تصاعدية متجددة على الأسعار.
وتمكن بنك إنجلترا من خفض التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود، والذي يزيد على 11 بالمئة من خلال رفع سعر الفائدة الرئيسي بقوة من قرب الصفر إلى 5.25 بالمئة أواخر عام 2022 حتى أغسطس من العام الماضي.
وقال وزير المالية البريطاني جيريمي هانت إن التضخم المرتفع يظل "أكبر عائق أمام النمو"، لأنه يجبر بنك إنجلترا على الحفاظ على أسعار الفائدة ثابتة وإعاقة النمو الاقتصادي.
لكن هناك دلائل على أن الاقتصاد البريطاني قد تجاوز مرحلة صعبة؛ وأضاف أن المراقبين متفقون على أن النمو سيتعزز خلال الأعوام القليلة المقبلة، وأن الأجور ترتفع بوتيرة أسرع من الأسعار، وأن معدلات الرهن العقاري منخفضة، وأن البطالة ستظل منخفضة.
ولا تزال المملكة المتحدة تتمتع بأعلى معدل تضخم في الخدمات بين مجموعة العشرة، كما يقول المحلل ووتش ألان الذي يعتقد أن المملكة المتحدة لا تزال تتمتع بأعلى معدل تضخم في الخدمات بين مجموعة العشرة، وانخفض معدل التضخم بشكل ملحوظ في المملكة المتحدة، لكنه لا يزال أعلى بكثير من نظيره في الاقتصادات المماثلة للبلاد ومستوى 2% الذي يستهدفه بنك إنجلترا، مما يضغط على الموارد المالية للأسر كما بلغت قراءة مؤشر أسعار المستهلك الرئيسي 4% على أساس سنوي في يناير.
ووفقًا لشبكة سي إن بي سي فإن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ــ الذي يتكيف مع النمو السكاني ــ انكمش بنسبة 0.6% في الربع الرابع، بعد انخفاض بنسبة 0.4% في الأشهر الثلاثة السابقة، واستمر في الانخفاض خلال كل ربع من العام الماضي. وعلى مدار عام 2023 بأكمله، انكمش الناتج المحلي الإجمالي المعدل موسميا للفرد بنسبة 0.7%.
ويعتقد ماركوس بروكس، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة كويلتر إنفستورز، إن أحدث دفعة من البيانات الاقتصادية تشير على الأرجح إلى أن الركود سيكون "من المحتمل أن يكون ضحلًا وقصير الأجل وقد يشهد " التعافي الصامت” طوال عام 2024.
ورجح بروكس أن انكماش الناتج المحلي الإجمالي في ديسمبر والربع الرابع من عام 2023 يرجع بشكل أساسي إلى استمرار ارتفاع التضخم ونقاط الضعف الهيكلية في سوق العمل وانخفاض نمو الإنتاجية، ولكن أيضًا الظروف الجوية المعاكسة، مضيفًا: "أثرت هذه العوامل على أداء قطاعي الخدمات والبناء، وهما المحركان الرئيسيان لاقتصاد المملكة المتحدة."
وأشار إلى أن بعض هذه العوائق مؤقتة وقد بدأت بالفعل في التخفيف، حيث كانت قراءة التضخم في شهر يناير أقل من توقعات إعادة التسارع وأضاف بروكس: "خلال الأشهر المقبلة، نتوقع انخفاض التضخم، مما قد يخفف الضغط على الأسر في المملكة المتحدة، ويدعم انتعاش الاقتصاد الذي يحركه المستهلك".
وأكد بروكس: "المؤشر الرئيسي الذي يجب مراقبته هو التضخم في قطاع الخدمات، الذي يمثل الجزء الأكبر من النشاط الاقتصادي والتوظيف في المملكة المتحدة ويعكس قوة نمو الأجور وطلب المستهلكين، وهما أمران حاسمان لتعافي المملكة المتحدة، ويبدو أن البيانات المعلنة أمس الخميس وبيانات التضخم الأقل من المتوقع "قد تثير بعض القلق بشأن القوة الاقتصادية في العام المقبل".
وكانت معظم قطاعات الاقتصاد ضعيفة، لكن المتفائلين سيشيرون إلى حقيقة أن هناك مجالا واسعا لخفض أسعار الفائدة إذا تسارع الاتجاه الحالي في التضخم والنمو.