الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

أين يذهب النازحون؟.. ليس هناك جنوب أكثر من رفح

الرئيس نيوز

باتت رفح محور الترقب بشأن المرحلة المقبلة مع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها الخامس، وهي تستضيف الغالبية العظمى من النازحين الذين يقيم معظمهم في خيم عشوائية في مختلف أنحاء المدينة، وسط ظروف إنسانية صعبة وشح في المساعدات.

ويدخل النازحون في رفح، الواقعة على الحدود الفلسطينية المصرية والتي لجأ لها أهالي غزة باعتبارها ملاذا آمنا بعد الدمار الهائل الذي خلّفته الحرب الإسرائيلية في مناطقهم، غمار رحلة نزوح جديدة مجهولة الوجهة بعد ليلة صعبة عاشوها في المدينة وتحسبا لعملية اجتياح محتملة من قبل جيش الاحتلال.

وعلى رغم أنها بقيت في منأى من العمليات العسكرية المباشرة، لم تسلم رفح من القصف الإسرائيلي الذي أدى الإثنين إلى تدمير مبانٍ عدة، واستشهاد العشرات من النازحين وإصابة آخرين، معظمهم نساء وأطفال.

وقالت حركة حماس، الإثنين، إن هجوم جيش الاحتلال على مدينة رفح هذه الليلة، وارتكابه المجازر المروعة ضد المدنيين العزل والنازحين من الأطفال والنساء وكبار السن، والتي راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد حتى الآن، يُعد استمرارا في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري التي يشنها ضد شعبنا الفلسطيني.

وأضافت حماس، في بيان، أن الهجوم الإسرائيلي على رفح يؤكد أن حكومة نتنياهو تضرب بعرض الحائط قرارات محكمة العدل الدولية التي أقرت تدابير عاجلة لوقف أي خطوات يمكن اعتبارها أعمال إبادة.

وحمّلت حماس الإدارة الأمريكية والرئيس جو بايدن شخصيًّا كامل المسؤولية مع حكومة الاحتلال عن هذه المجزرة المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.

وتحدث بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الأحد، وحذره من القيام بعملية عسكرية في رفح دون التخطيط لإجلاء المدنيين الفلسطينيين في المنطقة.

يشار إلى أن هناك إحباط متزايد في البيت الأبيض بسبب رفض نتنياهو والحكومة الإسرائيلية للعديد من الطلبات الأمريكية، ووصف بايدن في وقت سابق من هذا الأسبوع العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها مبالغ فيها.

وحذرت الخارجية الأمريكية هذا الأسبوع من أن تنفيذ عملية مماثلة الآن في رفح، بلا تخطيط وبقليل من التفكير، في منطقة يسكنها مليون شخص، سيكون كارثة.

وفي انتقاد ضمني نادر لإسرائيل، قال الرئيس الأمريكي إن الرد في غزة مُفرط، مؤكدًا بذل الإدارة الأمريكية جهودا كثيفة منذ بدء الحرب لتخفيف وطأتها على المدنيين.

وكانت هذه هي أقسى لغة يستخدمها بايدن لانتقاد العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي.

وجرت مكالمة يوم الأحد وسط مخاوف متزايدة، بما في ذلك داخل إدارة بايدن، بشأن احتمال توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية إلى جنوب مدينة غزة، حيث يتركز 1.4 مليون فلسطيني، العديد منهم نزحوا على مدار أشهر، منذ 7 أكتوبر، من شمالي القطاع إلى أقصى جنوبه.

ويقول مسؤولو إدارة بايدن إنهم أوضحوا أن الولايات المتحدة تعارض مثل هذه العملية دون خطة إسرائيلية واضحة لكيفية إجلاء الفلسطينيين الذين يحتمون هناك بأمان.

وقال مسؤول أمريكي كبير في مؤتمر صحفي، إن مسؤولي الحكومة الإسرائيلية أوضحوا لإدارة بايدن أن السماح لجيش الاحتلال بالعمل في رفح مشروط، ويتطلب إجلاء السكان المدنيين وأنهم لن يتخذوا أي إجراء دون حدوث ذلك.

وفي تقرير قراءة للمكالمة بين بايدن ونتنياهو، قال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي شدد أيضًا على ضرورة الاستفادة من التقدم المحرز خلال المفاوضات بشأن الرهائن من أجل إطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن.

وأمر نتنياهو يوم الجمعة جيش الاحتلال الإسرائيلي بتقديم خطة إلى مجلس الوزراء لإجلاء السكان المدنيين في رفح.

وقال مسؤول إسرائيلي، إن المكالمة بين بايدن ونتنياهو ركزت على العملية العسكرية الإسرائيلية المحتملة في رفح، والجهود المبذولة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس، والوضع الإنساني في غزة. 

وجاءت مكالمة الأحد أيضًا قبل أيام قليلة من الاجتماع المتوقع بين مدير وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز ورئيس الوزراء القطري ورئيسي المخابرات المصرية والإسرائيلية في القاهرة لمناقشة الجهود المبذولة للتوصل إلى صفقة رهائن جديدة قد تؤدي إلى توقف طويل في القتال في غزة.

أين يذهب النازحون؟

وبين كر وفر بين مدن وأحياء القطاع تعب النازحون من الهروب نجاة بأرواحهم وتأمينا لأطفالهم، لكن السؤال الأهم بالنسبة لهم بعد كل الدمار الذي لحق بمنازلهم ومدنهم وفي ظل انعدام شبه تام لمقومات الحياة الأساسية هو أين يذهبون؟.

وتدرجت العمليات العسكرية الإسرائيلية بداية من شمال القطاع ومدينة غزة، وصولا إلى المناطق الوسطى خصوصا مخيمات اللاجئين، وبعدها خان يونس كبرى مدن الجنوب والتي تشهد منذ أسابيع قصفا مكثفا ومعارك ضارية.

وبدأت تفاصيل العملية العسكرية التي أعلنت إسرائيل أنها ستشنها في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في الظهور، حيث زعم نتنياهو، إنها تتضمن وجود ممر آمن لإجلاء المدنيين وتنتهي في غضون شهر. 

وبعدما أمر الجيش بالتحضير لهجوم على المدينة، ادعى نتنياهو في مقتطفات من مقابلة مع قناة ABC NEWS الأمريكية، تُبثّ كاملة في وقت لاحق، أنه تم تطهير مناطق في شمال رفح، يمكن استخدامها كمناطق آمنة للمدنيين، على حد قوله.

وجدّد نتنياهو، تأكيده أنهم سيهاجمون رفح الواقعة على الحدود مع مصر، التي وصفها بأنها المعقل الأخير لحركة حماس في غزة، ولم يقدم معلومات مفصّلة حول موعد تنفيذ الهجوم البري.

وأبلغ رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال، هيرتسي هاليفي، نتنياهو بأن الجيش مستعد للعمل في رفح، لكنه يحتاج إلى أن تقرر الحكومة أولا ما تريد فعله مع النازحين من غزة الذين لجأوا هناك، وكذلك تنسيق القضية على المستوى السياسي مع المصريين، بحسب القناة 12 الإسرائيلية.

لا خيارات تذكر

وفيما طرح نتنياهو أن يكون أقصى شمال مدينة رفح هو المكان الذي تخطط إسرائيل لدفع النازحين نحوه، أكد الباحث في العلاقات الدولية أحمد سيد أحمد، أن تلك المنطقة ضيقة جداً، ولا يمكنها بأي شكل من الأشكال أن تستوعب أكثر من مليون نازح فلسطيني.

وعن إمكانية العودة إلى شمال غزة المدمر بالكامل ثانية، قال إن الأمر مستحيل، حيث أن نتنياهو فضلًا عن قادة جيشه أكدوا أكثر من مرة في السابق، ألا عودة فلسطينية إلى الشمال، ما لم يعد المستوطنون الإسرائيليون إلى غلاف غزة.

نحو الحدود المصرية

إلى ذلك، أشار الباحث السياسي إلى أن المقترح الثالث الذي تخطط له إسرائيل على ما يبدو، يتضمن دفع الفلسطينيين نحو الحدود المصرية، لاسيما سيناء، إلا أنه ذكّر بأن القاهرة رفضت مرارًا وتكرارًا هذا الاحتمال، وحذرت منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر الماضي من خطورة التهجير.

وحذرت دول عربية وغربية ومنظمات دولية من الخطوة الإسرائيلية المرتقبة، في ظل تكدس النازحين المدنيين في آخر النقاط الحدودية المحاذية لمصر، التي تخشى بدورها من سيناريو تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، أعلنت أنها تعتبر ذلك خطًا أحمر.

أوضاع معيشية صعبة

وتمثّل رفح الملاذ الأخير للنازحين في القطاع المكنوب، وفيها حاليًا أكثر من مليون و400 ألف فلسطيني، بينهم مليون و300 ألف نزحوا من محافظات أخرى تحت وطأة القصف العنيف، وطالما ادّعى جيش الاحتلال منذ بدء عمليته البرية أنها ضمن المناطق الآمنة ودعا سكان القطاع إلى التوجه إليها.

ورفح الواقعة جنوبي قطاع غزة، هي مدينة تمتد على الحدود المصرية، وتضم المعبر الحدودي الوحيد في القطاع الذي لا يؤدي إلى إسرائيل.

ونزح أكثر من 85% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم، وتدفق نحو مليون شخص إلى رفح، ويعيش كثيرون منهم في خيام مكتظة بمساحات شاغرة في العراء أو على الشواطئ.

ويتكدس النازحون في المدينة والتي أصبحت محاصرة من جميع الجهات أكان من المنافذ البرية أو البحرية وحتى الجوية، فيما لم يتبق لهم مكان يفرون إليه.

وباعتبارها الجزء الوحيد من غزة الذي تصله المساعدات الغذائية والطبية المحدودة عبر الحدود، أصبحت رفح والمناطق القريبة من خان يونس منطقة تعج بالخيام المؤقتة.

وزادت الرياح والطقس البارد من حالة البؤس حيث أطاحت الرياح بالخيام أو أغرقتها الأمطار التي حولت المنطقة إلى برك من الطين.

ويأتي التلويح الإسرائيلي بشن عملية في رفح في وقت تكثف الولايات المتحدة وقطر ومصر جهودها لدفع طرفي الحرب إلى هدنة جديدة طويلة تتيح الإفراج عن مزيد من الرهائن الإسرائيليين وإطلاق معتقلين فلسطينيين، وإيصال مزيد من المساعدات الإنسانية لسكان القطاع.

تداعيات بالغة الخطورة

وقال مكتب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، الجمعة، إن خطة نتنياهو بالتصعيد العسكري في رفح بجنوب قطاع غزة تستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم.

وأضافت السلطة الوطنية الفلسطينية أنها تحمّل الحكومتين، الإسرائيلية والأمريكية، مسؤولية تداعيات تلك الخطة.

ودعت مجلس الأمن الدولي لتحمل مسؤولياته، لأن إقدام الاحتلال على هذه الخطوة يهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وإن ذلك تجاوز لكل الخطوط الحمراء.

وقالت الأمم المتحدة، الجمعة، إن المدنيين في رفح بجنوب قطاع غزة يحتاجون إلى الحماية، لكن لا ينبغي تنفيذ أي تهجير قسري جماعي.

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم المنظمة، نحن قلقون جدًا على مصير المدنيين في رفح.

وأضاف أنه من الواضح أن الناس بحاجة إلى الحماية، لكننا لا نريد أيضا رؤية أي تهجير جماعي قسري، للناس، وهو بالتعريف ضد إرادتهم، لن ندعم بأي شكل التهجير القسري الذي يتعارض مع القانون الدولي.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الجمعة، إن الكثافة غير المسبوقة لسكان رفح تجعل من شبه المستحيل حماية المدنيين في حالة وقوع هجمات برية، بلغ التكدس في رفح حدًا أصبحت فيه الطرق العادية تحتلها خيام نصبتها عائلات تبحث عن أي مساحة مسطحة ونظيفة متاحة.

وكرر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، السبت، تحذيرات الدول الأعضاء بالتكتل من أن العملية العسكرية الإسرائيلية المرتقبة في رفح جنوب قطاع غزة، ستقود إلى كارثة إنسانية لا توصف، وتوتر كبير مع مصر.

وقال بوريل عبر منصة إكس، إن استئناف المفاوضات لتحرير الرهائن، ووقف العمليات العدائية، هو السبيل الوحيد لتجنب سفك الدماء.

بدوره، شدد وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، على أنه وإن كانت صدمة الإسرائيليين حقيقية بعد 7 أكتوبر، فإن الوضع في غزة غير مبرر.

أما وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، عبّر عن القلق العميق إزاء احتمال شن هجوم عسكري على رفح، حيث يلجأ أكثر من نصف سكان غزة إلى المنطقة. 

وقال كاميرون عبر منصة إكس، إنه يجب أن تكون الأولوية للوقف الفوري للقتال من أجل إدخال المساعدات وإخراج الرهائن، ثم التقدم نحو وقف دائم ومستدام لإطلاق النار.

تصفية القضية الفلسطينية

وحذرت مصر، الأحد، من عواقب وخيمة لهجوم عسكري إسرائيلي محتمل على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بالقرب من حدودها، لاسيما في ظل ما يكتنفه من مخاطر تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع المحاصر. 

وذكر بيان لوزارة الخارجية، أن مصر ترفض بشكل كامل اعتزام القوات الإسرائيلية شن عملية عسكرية في رفح، وطالبت بضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف المدينة الفلسطينية. 

واعتبرت مصر أن استهداف رفح، واستمرار انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية، بمثابة إسهام فعلى في تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، فى انتهاك واضح لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة. 

وأكدت مصر أنها ستواصل اتصالاتها وتحركاتها من أجل التوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار، وإنفاذ التهدئة وتبادل الأسرى والمحتجزين. 

ودعت القوى الدولية المؤثرة إلى تكثيف الضغوط على إسرائيل للتجاوب مع تلك الجهود، وتجنب اتخاذ إجراءات تزيد من تعقيد الموقف، وتتسبب في الإضرار بمصالح الجميع دون استثناء.

ودأبت مصر على التحذير من احتمال أن يؤدي الهجوم الإسرائيلي إلى نزوح سكان غزة اليائسين إلى سيناء وعبرت عن غضبها من اقتراح إسرائيلي مفاده أن تعيد إسرائيل سيطرتها الكاملة على الممر الحدودي محور فيلادلفيا بين غزة ومصر لضمان خلاء الأراضي الفلسطينية من السلاح.

ومحور فيلادلفيا، يقع على امتداد الحدود بين غزة ومصر، ضمن منطقة عازلة بموجب اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979.

وتسمح هذه الاتفاقية لإسرائيل ومصر بنشر قوات محدودة العدد والعتاد ومحددة بالأرقام ونوعيات السلاح والآليات التي يتم بالإمكان نشرها على ذلك المحور المصري.

ووضعت مصر معارضتها لتهجير الفلسطينيين من غزة ضمن إطار الرفض العربي الأوسع لأي تكرار للنكبة حين فر نحو 700 ألف أو أخرجوا من ديارهم في الحرب التي اندلعت مع قيام دولة الاحتلال عام 1948.

واندلعت الحرب في 7 أكتوبر عقب هجوم غير مسبوق شنته حماس على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا.

كذلك، اختطف في الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إن 132 بينهم ما زالوا محتجزين في غزة، و29 منهم على الأقل يُعتقد أنهم قُتلوا، بحسب أرقام صادرة عن مكتب نتنياهو.

وترد إسرائيل منذ ذلك الحين بحملة قصف مركز أتبعتها بهجوم بري واسع في القطاع، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 28 ألف فلسطيني، غالبيتهم نساء وأطفال، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة في غزة.