استطلاع رأي| العالم العربي يحمل وجهة نظر سلبية للغاية تجاه أمريكا بشأن دعمها لإسرائيل
كشفت دراسة تأريخية أن الغالبية العظمى من العالم العربي تحمل وجهة نظر سلبية تجاه الولايات المتحدة بشأن دعمها للاحتلال الإسرائيلي في حربها ضد قطاع غزة، وتفتقر إلى الثقة في أن واشنطن جادة في المساعدة في إقامة دولة فلسطينية.
شمل الاستطلاع عينة تمثيلية مكونة من 8000 فرد في 16 دولة في العالم العربي، ووصف بأنه الأول من نوعه لقياس الرأي العام العربي حول الحرب الإسرائيلية على غزة في أعقاب طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، وأجرى الاستطلاع المركز العربي بواشنطن العاصمة بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وتضمنت أسئلة الاستطلاع أسئلة تقيس المواقف تجاه أدوار الجهات الدولية والإقليمية والرأي العام العربي حول الدور والمصالح الأمريكية.
وقالت الدراسة: "بينما كانت شعوب العالم العربي تشاهد الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، بدعم كامل من الولايات المتحدة، سعينا إلى إجراء مسح لقياس الرأي العام لدينا حول الحرب، وموقف الولايات المتحدة تجاه الحرب وتأثيرها"، ونقلت صحيفة ذا هيل، في واشنطن، عن تمارا خروب، نائبة المدير التنفيذي وزميلة المركز العربي بواشنطن العاصمة قولها: “يتعلق الأمر بسياسات الولايات المتحدة ومصالحها وعلاقاتها في المنطقة”.
ويأتي الاستطلاع في الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة بجهود منسقة لتحقيق وقف مؤقت لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس للسماح بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، وتوسيع نطاق تسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإعادة الإعمار وإفساح الفرصة للدبلوماسية لمناقشة إنهاء الحرب.
وتعمل إدارة بايدن أيضًا على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية كجزء من الجهود المبذولة لحل الحرب ضد حماس، وهي صفقة يُنظر إليها على أنها مشروطة بمسار يؤدي إلى دولة فلسطينية، ولكن لا يُنظر إليها بأي حال من الأحوال على أنها هدف سهل لتحقيق السلام.
لكن المواقف التي انعكست في الاستطلاع تظهر أن العالم العربي لديه وجهة نظر سلبية للغاية تجاه الموقف الأمريكي ووصف نصف المشاركين في الاستطلاع الولايات المتحدة بأنها تساعد إسرائيل في "الحرب على غزة"، وأعرب 81% عن آراء مفادها أن الحكومة الأمريكية "ليست جادة في العمل على إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967" - في إشارة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقال شبلي تلحمي، أستاذ السلام والتنمية في جامعة ميريلاند وعضو المجلس الاستشاري الأكاديمي للمركز العربي في واشنطن العاصمة، إن نتائج الاستطلاع لم تكن مفاجئة ولكنها ساعدت في تأكيد رد الفعل العام.
ومع ذلك، وصفها تلحمي بأنها “لحظة تاريخية، حيث ربما يكون لها تأثير على تصورات جيل جديد تمامًا من الشباب في العالم العربي بطريقة من المرجح أن تستمر إلى ما بعد هذه اللحظة. وأنا لا آخذ ذلك على محمل الجد.
وأضاف: "لذا فإن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت شدة الغضب قد وصلت إلى مستوى جديد بطريقة يمكن أن تكون لها عواقب سلوكية، سواء بالنسبة للجمهور في الشرق الأوسط، أو بالنسبة للطريقة التي يؤثر بها الجمهور على الحكومات في الشرق الأوسط".
وعن تصورات المشاركين في الاستطلاع عن أسباب هجوم 7 أكتوبر، قالت الدراسة إن أهم أسباب "العملية العسكرية" هي "الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية" بنسبة 35 في المائة، و"الدفاع عن المسجد الأقصى ضد الهجمات الإسرائيلية المتلاحقة"، - 24 في المائة – في إشارة إلى الموقع الإسلامي المقدس في القدس حيث تسيطر قوات الاحتلال على إذن الدخول إلى الأراضي.
وعند سؤالهم عن الدول الأكثر تهديدًا لأمن واستقرار المنطقة العربية، قال 51% من المشاركين إن سياسات الولايات المتحدة هي الأكثر تهديدًا، وقد ارتفعت هذه المشاعر مقارنة بالسنوات السابقة، حيث بلغت وجهات النظر العربية السلبية تجاه الولايات المتحدة في عام 2022 فقط 39 في المائة، وفي عام 2020 بنسبة 44 في المائة، وفي عام 2018 بنسبة 43 في المائة.
وانقسمت الآراء حول وجهات النظر تجاه روسيا والصين، حيث رأى 41% من المشاركين أن موقف موسكو إيجابي، و40% اعتبروا الموقف الصيني إيجابيًا.
وبالنسبة لآراء الدول العربية والخليجية، كان لدى غالبية المشاركين آراء سلبية تجاه الحلفاء العرب للولايات المتحدة وتلك الدول التي لها علاقات مع إسرائيل – حيث رأى 67% أن موقف الإمارات العربية المتحدة “سيء أو سيئ للغاية”، و64% لديهم نظرة سلبية لموقف السعودية كما كانت هناك آراء سلبية لموقف السلطة الفلسطينية – 54% – و45% نظروا لموقف الأردن بشكل سلبي، رغم أن 40% قالوا إن موقفه “جيد جدًا” و”جيد”، وعن مصر وقطر، اللتان تعتمد عليهما الولايات المتحدة وإسرائيل وحماس بشكل كبير كوسيط، كان لدى 51% من المشاركين وجهة نظر إيجابية حول موقف البلاد.
وفي حين أن 14% فقط يحملون الحكومات العربية المسؤولية عن فشلها في كبح جماح الحرب الإسرائيلية في غزة، فقد استطلع الاستطلاع آراء حول الكيفية التي يريد بها الجمهور العربي أن تستجيب حكوماتهم.
ويشمل ذلك 36% من المستطلعين يدعون الحكومات العربية التي لها علاقات مع إسرائيل إلى إلغاء جميع العلاقات أو عملية التطبيع، و14% يقولون إنه يجب إدخال المساعدات والدعم إلى غزة دون موافقة إسرائيلية، و11% يعتقدون أن الحكومات العربية “يجب أن تستخدم ورقة النفط لدعم غزة” و"الضغط على إسرائيل ومؤيديها”.
ومع ذلك، فإن أقل من 10% من المستطلعين يريدون من الحكومات العربية "إنشاء تحالف عالمي لمقاطعة إسرائيل" أو "تقديم مساعدات عسكرية لغزة"، وأيد أقل من 5% من المستطلعين أفكارًا تشمل إعلان التعبئة العسكرية، وإعادة النظر في العلاقات مع الولايات المتحدة. وإعادة النظر في العلاقات مع الدول التي تدعم حرب الاحتلال على غزة أو تدعم "التحالفات مع الدول التي اتخذت خطوات عملية ضد إسرائيل".
ويعد الاستطلاع جزءا من استطلاع أكبر يسمى مؤشر الرأي العربي، والذي يتم إجراؤه سنويًا في العالم العربي منذ عام 2011 وهو أكبر استطلاع للرأي العام يغطي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.