تحليل| بلينكن واجه مشهدًا سياسيًا متشددًا خلال جولته في الشرق الأوسط
واجه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مشهدًا سياسيًا متشددًا أثناء قيامه بجولة في الشرق الأوسط للمرة الخامسة منذ اندلاع حرب غزة، وفقًا لموقع يورآسيا ريفيو، وتسببت الحرب في تشدد المواقف الإسرائيلية والفلسطينية. وفي الوقت نفسه، يبدو أن المملكة العربية السعودية حريصة على وضع اللمسات الأخيرة على صفقة شاملة تتضمن الاعتراف بإسرائيل.
ورغم ذلك فإن العقبات التي تحول دون التوصل إلى وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن المتبقين لدى حماس وجثث الأسرى الذين قتلوا في غزة مع الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية تظل هائلة.
ومما زاد المخاطر أن رئيس وزراء سلطات الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترك بلينكن هذا الأسبوع يعود إلى واشنطن خالي الوفاض على ما يبدو عندما رفض اقتراح حماس بوقف إطلاق النار لفترة طويلة وتبادل الأسرى ووصفه بأنه "مجنون" وكان الاقتراح بمثابة استجابة لخطة وقف إطلاق النار التي صاغتها قطر ومصر والولايات المتحدة.
وأشار نتنياهو ضمنًا إلى أنه ليست هناك حاجة للتعامل مع حماس لأننا “لقد اقتربنا من تحقيق النصر الكامل”، مضيفًا أن إسرائيل “لن تفعل أقل من ذلك”، من جانبه، وصف بلينكن اتفاق وقف إطلاق النار بأنه "ضروري"، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت العلاقات الإسرائيلية الأمريكية قد وصلت إلى نقطة حيث يتعين على الولايات المتحدة ممارسة ضغوط علنية بدلًا من الحفاظ على نهج "عناق الدب" لإجبار نتنياهو على التراجع.
وقال بلينكن: “في حين أن هناك بعض الأمور غير الواضحة في رد حماس، فإننا نعتقد أنها تخلق مساحة للتوصل إلى اتفاق وسنعمل على ذلك بلا هوادة حتى نصل إلى هناك”، ويبدو أن بلينكن ليس وحده الذي يعتقد ذلك وتوجه وفد من حماس إلى القاهرة لإجراء محادثات مع المسؤولين المصريين بعد 24 ساعة فقط من رفض نتنياهو لمطالب الحركة.
واقترحت مصادر مقربة من حماس أن يناقش الوفد الترتيبات اللوجستية لتبادل الأسرى وتعزيز تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة. وقالت المصادر إن الأطراف، على الرغم من التشدد العلني، تسعى إلى التوصل إلى اتفاق قبل أوائل مارس/آذار عندما يبدأ شهر رمضان المبارك.
واقترحت حماس هدنة مدتها 135 يوما تشمل ثلاث مراحل مدة كل منها 45 يوما يتم خلالها تبادل ما تبقى من الرهائن وجثث الأسرى الذين قتلوا في القتال في غزة بعدد غير محدد من الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية.
وسيتم تبادل الأسرى على مراحل خلال الهدنة التي تبلغ مدتها 4.5 شهر. وستبدأ عملية إعادة إعمار غزة التي مزقتها الحرب خلال وقف إطلاق النار.
وأضاف الموقع المتخصص في متابعة التطورات الجيوسياسية: "تصر حركة حماس على أنها لن تتنازل عن مطلبها بوقف دائم لإطلاق النار، وإنهاء الحرب، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وسيتم التفاوض على وقف إطلاق النار الكامل في المرحلة الثانية ودمجه في اتفاقيات أخرى ويمكن التغلب على أي عقبات في المفاوضات للتوصل إلى اتفاق نهائي”.
ويبدو إن رفض إسرائيل للخطة لا يعرقل محادثات وقف إطلاق النار فحسب، بل يعرقل أيضا الجهود الأمريكية للتوصل إلى صفقة شاملة تهدف إلى حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وستتضمن الصفقة التزامًا دفاعيًا أمريكيًا ملزمًا قانونًا تجاه المملكة، ودعمًا أمريكيًا لبرنامج نووي مدني سعودي، ووصول سعودي غير مقيد إلى الأسلحة الأمريكية، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وعلاقات دبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.
وعلى الرغم من تأكيدات نتنياهو بالنصر، فقد فشلت إسرائيل في توجيه ضربة قاتلة لحماس وبعد مرور أربعة أشهر على الحرب، لم تقم إسرائيل بعد بمطاردة كبار قادة حماس في غزة. وتشير تقديرات الاستخبارات الأميركية إلى أن إسرائيل قتلت أو أسرت ما لا يزيد عن 30% من قوة حماس المقاتلة التي يبلغ تعدادها 30 ألفًا.
ويتفاقم فشل إسرائيل بسبب التشويه الشديد لمكانتها الدولية بسبب سلوكها الحربي الانتقامي، والذي من المرجح أن تطارد عواقبه إسرائيل لفترة طويلة بعد صمت المدافع في غزة علاوة على أن الضرر الذي لحق بسمعة إسرائيل يجعلها معتمدة على الدعم الأمريكي والغربي الذي من المرجح أن يتبين هشاشته على نحو متزايد.
وكان فشل إسرائيل وانهيار سمعتها سببًا في تشجيع حماس، ومثلها كمثل إسرائيل، تعتقد حماس أن المواقف المتشددة من شأنها أن تجبر الطرف الآخر في نهاية المطاف على الاستسلام.