الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

وفد ليبي رسمي يغادر بيروت دون التوصل إلى اتفاق بشأن قضية نجل القذافي

الرئيس نيوز

حركت زيارة وفد رسمي من ليبيا إلى بيروت الجمود في قضية توقيف هانيبال القذافي، ابن الرئيس الليبي السابق معمر القذافي.

وأثارت مجددًا ملف اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، خلال زيارة إلى طرابلس في عام 1978.

وكشف مصدر قضائي لبناني لموقع "الشرق" أن البعثة الليبية، التي تتألف من وكيل وزارة العدل الليبية لشؤون الشرطة القضائية علي اشتوي، وقضاة وضباط أمنيين، قابلت في بيروت وزير العدل اللبناني هنري الخوري، ورئيس لجنة متابعة ملف الصدر القاضي حسن الشامي، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين ذوي صلة بالقضية.

وقال المصدر إن "المحادثات التي جرت وسط جو من الصراحة والإيجابية، أعادت بناء الثقة ما بين الطرفين".

وهانيبال القذافي كان لاجئًا سياسيًا في سوريا قبل استدراجه إلى لبنان من قبل مجموعة يقودها النائب الأسبق حسن يعقوب، الذي اختفى والده الشيخ محمد يعقوب مع الصدر.

وأشار المصدر القضائي إلى أن الوفد الليبي "وعد بالتجاوب مع الرسائل التي وجهها المحقق العدلي في ملف الصدر القاضي زاهر حمادة، والذي طلب فيها معلومات عن 13 شخصية سياسية وأمنية من أركان نظام معمر القذافي، ومن بينهم عبد السلام جلود، وإلزامهم بالمثول أمام المحقق العدلي اللبناني القاضي زاهر حمادة لاستجوابهم بالملف".

من جهته، أثار الوفد الليبي، الذي وصل إلى بيروت الأحد وغادر الثلاثاء، مسألة استمرار توقيف هانيبال القذافي منذ أكثر من 8 سنوات من دون محاكمة.

ولفت المصدر في حديث لـ"الشرق" إلى أن لبنان "أبلغ البعثة الليبية أنه فور تنفيذ الاستنابات القضائية والإجابة عن الطلبات اللبنانية الخاصة بملف الصدر، يُمكن للمحقق العدلي زاهر حمادة أن يبتّ بطلب إخلاء سبيل القذافي إذا رأى أن فترة التوقيف الاحتياطي استنفذت، أو يصدر القرار الاتهامي، ويحيله إلى المجلس العدلي، وعندها يمكن للأخير أن يتخذ القرار الحاسم وغير القابل للطعن".

ويُوجه المحقق العدلي اللبناني إلى هانيبال تهمًا تتعلق بـ"كتم معلومات يعرفها عن مصير الصدر ورفيقيه"، و"مسؤوليته المباشرة عن السجون السياسية، ومنها السجن الذي اعتقل فيه الإمام الصدر".

وذكّر المصدر القضائي بأن "النيابة العامة التمييزية في لبنان، أمرت باحتجاز هانيبال نهاية عام 2015 بناء على مذكرة توقيف صادرة عن السلطات الليبية، ومعممة دوليًا عبر الإنتربول، ليتبيّن خلال التحقيق معه أنه يخفي معلومات قيّمة عن مصير الإمام الصدر، وثبت بالأدلة والتسجيلات بأنه يعرف تمامًا الإمام الصدر، ولديه موقف سلبي منه ومن عائلته".

وفي أغسطس 2023، تسلّم لبنان رسالة من وزارة العدل الليبية تبدي فيها استعدادًا للتفاوض من أجل التوصل إلى حل يفضي لإطلاق سراح نجل القذافي، لكن مصدرًا قضائيًا لبنانيًا قال حينها إن الرسالة "لا تولي أهمية لكشف مصير الصدر ورفيقيه".

علاقة هانيبال بموسى الصدر

وفي ديسمبر 2015 تسلمت السلطات اللبنانية هانيبال القذافي بعد ساعات على إعلان مجموعة مسلحة خطفه بعد "استدراجه" من سوريا، قبل أن تفرج عنه في منطقة البقاع (شرق). واستجوب القضاء اللبناني هانيبال، وأصدر بحقه مذكرة توقيف بتهمة "كتم معلومات" حول قضية الإمام موسى الصدر.

وتُحمل الطائفة الشيعية في لبنان الرئيس الليبي السابق معمر القذافي مسؤولية اختفاء الإمام موسى الصدر، الذي شوهد للمرة الأخيرة في ليبيا يوم 31 أغسطس 1978، بعد أن وصلها بدعوة رسمية في 25 من الشهر نفسه مع رفيقيه.

والصدر رجل دين وزعيم سياسي لبناني، ويُعتبر المؤسس الفعلي لحركة أمل. وهو من مواليد قم في إيران عام 1928، وتنقّل في حياته بين إيران والعراق ولبنان، التي استقر فيها قبل أن يختفي خلال زيارة إلى ليبيا بدعوة من القذافي للمشاركة في احتفالات ثورة الفاتح من سبتمبر.

ولطالما نفى نظام القذافي اختفاء الصدر ورفاقه أثناء وجودهم في ليبيا، مشيرًا إلى أنهم غادروا إلى إيطاليا قبل الاختفاء، إلا أن السلطات الإيطالية أكدت أن الثلاثة لم يدخلوا أراضيها، لأنهم لم يخرجوا من ليبيا أصلًا.

ومنذ انتهاء حكم القذافي عام 2011، تطالب حركات سياسية لبنانية بإلحاح من السلطات الليبية بتوضيح مصير الصدر ورفيقيه، وتقول إن مدير الاستخبارات الليبية السابق عبد الله السنوسي يعلم كل شيء حول اختفاء الصدر، وتتهمه بأنه هو الذي "زيّف ختم جوازات سفرهم إلى روما".

وفي مقابلة مع صحيفة "الحياة" اللندنية في عام 2011، قال عضو مجلس قيادة الثورة الليبية السابق الرائد عبد المنعم الهوني، إن الإمام موسى الصدر لقي حتفه خلال زيارته الشهيرة إلى ليبيا العام 1978 ودفن فيها.

وأضاف الهوني أن "المقدم الطيار نجم الدين اليازجي كان يتولى قيادة طائرة القذافي الخاصة، وقد كلف بنقل جثة الإمام الصدر لدفنها في منطقة سبها. وبعد فترة وجيزة من تنفيذه المهمة، تعرض اليازجي بدوره للتصفية على أيدي الأجهزة الليبية لمنع تسرب قصة مصرع الصدر".

وفي عام 2008، وجّه القضاء اللبناني اتهامًا إلى الزعيم الليبي بالتحريض على "خطف" الصدر، بما يؤدي إلى "الحث على الاقتتال الطائفي"، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتحتوي قضية اختفاء الإمام الصدر على الكثير من الحلقات المفقودة، إذ رغم الجهود التي بذلت بعد سقوط نظام القذافي بالتنسيق مع لبنان لحلها، لكن بقيت غامضة ودون إجابات حتى بعد مرور 4 عقود.

مطالبات بإطلاق سراح هانيبال 

في 16 يناير الجاري، حضّت منظمة "هيومن رايتس ووتش" السلطات اللبنانية على إطلاق سراح هانيبال القذافي، المحتجز احتياطيًا منذ 8 سنوات.

وقالت المديرة المساعدة لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى المنظمة حنان صلاح، إن "الاحتجاز التعسفي المفترض لهانيبال القذافي بتهم ملفقة بعد إمضائه 8 سنوات في الحبس الاحتياطي، يثير السخرية". واعتبرت أن "السلطات اللبنانية استنفدت منذ فترة طويلة أي مبرر للاستمرار في احتجاز القذافي، وينبغي لها إسقاط التهم والإفراج عنه".

في المقابل، رفض مصدر قضائي لبناني اتهامات المنظمة، معتبرًا في تصريحات نقلتها وكالة "فرانس برس"، أن التقرير "منحاز وغير حيادي، ويفتقر إلى الموضوعية والدقة".

ويُذكر أن هانيبال متزوج من سيدة لبنانية، وفي عام 2011 منعت السلطات اللبنانية طائرة خاصة كانت تقلها من الهبوط في مطار بيروت الدولي.

واستقطب نجل القذافي وزوجته اللبنانية الأضواء صيف 2008، بعد توقيفهما في جنيف بتهمة إساءة معاملة اثنين من خدمهما، حيث أُخلي سبيلهما بعد 3 أيام بكفالة نصف مليون فرنك سويسري (334 ألف يورو).

ولجأ هانيبال مع والدته صفية فركش وشقيقته عائشة وشقيقه محمد، في أغسطس 2011، بعد اندلاع الأحداث في ليبيا، إلى الجزائر، قبل أن ينتقل أفراد من العائلة خارجها في عام 2013.