حرب غزة تفرض على مصر مواجهة معضلات عديدة
أكدت زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن على الدور المحوري الذي تلعبه مصر في الأزمة الحالية – والتحديات التي تصاحبها، وأشارت دراسة نشرها موقع المعهد الأمريكي للسلام على الإنترنت، ومقره واشنطن، إلى أنه منذ سيطرة حماس على غزة في عام 2007، انخرطت مصر بشكل كبير في الجهود المبذولة لإنهاء المواجهات العسكرية والحروب التي اندلعت بشكل دوري في غزة.
ومع ذلك، فإن نطاق وحجم ومخاطر الحرب الحالية لا يشبه أي جولة سابقة من الأعمال العدائية، فقد شنـ إسرائيل واحدة من أكثر الحروب تدميرًا في تاريخها منذ 7 أكتوبر، وفي الواقع، ستكون هذه الحرب تحويلية بطرق عديدة، وستكون لها تداعيات على العديد من أصحاب المصلحة خارج الأطراف نفسها.
ويواجه جيران إسرائيل المباشرون التحديات الأكثر مباشرة وفي الوقت الحالي، يهدد الوضع غير المستقر على طول حدود إسرائيل مع لبنان بأن يصبح جبهة نشطة أخرى في الصراع الدائر، إذ يواجه الأردن ومصر ضغوطًا كبيرة من اتجاهات عديدة نظرًا لدورهما التاريخي الذي لا مثيل له في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومعاهدات السلام بينهما مع إسرائيل.
وفيما يتعلق بمصر، هناك معضلات رئيسية ستحتاج إلى التغلب عليها في الأسابيع والأشهر المقبلة:
1. معضلة في علاقاتها مع إسرائيل
باستثناء بعض الصدامات الدبلوماسية القليلة على مر السنين - والتي تتعلق معظمها بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني - نجحت مصر وإسرائيل في الحفاظ على علاقات بناءة منذ توقيع معاهدة السلام بينهما في عام 1979.
وينظر كلا البلدين إلى العلاقات باعتبارها حاسمة لمصالحهما، ويسعيان إلى الحفاظ على العلاقة وتعزيزها، حتى في الوقت الذي تشكل فيه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة تجاه الفلسطينيين تحديًا ووضع قيودًا على مدى ما هو ممكن.
وفي الماضي، اندلعت الحروب عندما كانت العلاقات المصرية الإسرائيلية في أعلى مستوياتها، مما سمح لمصر بلعب دور وساطة ناجح بين إسرائيل وكل من حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني ولكن تسلسل هذه الحرب ومسارها جعلا الاضطلاع بهذا الدور أكثر صعوبة بشكل كبير، حتى مع تفهم مصر ردة فعل إسرائيل على هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الذي شنته حماس وتسعى إلى التعامل معه.
في بداية القتال، علقت إسرائيل صادراتها من الغاز إلى مصر، ثم استؤنفت لاحقًا، ولكن بكميات أقل. ثم أدى الهجوم على طول المعبر الحدودي المصري مع غزة، والذي زعمت إسرائيل أنه عرضي، إلى وقوع إصابات في صفوف الأمن المصري وأضرار على الجانب المصري من الحدود.
وحدث خلاف أكثر خطورة عندما أشار المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي إلى ضرورة توجه الفلسطينيين إلى مصر. وانتقدت مصر بشدة هذا الموقف، وتراجعت إسرائيل خطوة بسيطة إلى الوراء بالإشارة إلى أن المعبر على تلك الحدود مغلق حاليا. ومع ذلك، فإن الموقف الإسرائيلي لم يتغير، وواصل رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو الضغط للضغط على مصر لقبول أعداد كبيرة من اللاجئين - ولكن دون جدوى.
2. معضلة في علاقات مصر مع الفلسطينيين
شهدت العلاقات بين مصر وقيادات السلطة الفلسطينية وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين صعودًا وهبوطًا في السنوات الأخيرة ولا يخفى على أحد أن مصر تفضل قيادة فلسطينية جديدة.
ولكن في الوقت نفسه، لم تكن حريصة على إجراء الانتخابات خوفًا من تكرار انتخابات عام 2006، عندما فازت حماس.
وفي حين ركزت حماس في وقت لاحق على التعاون مع مصر لمواجهة تنظيم داعش، فإن التوترات لم تتبدد تماما واليوم، لا تزال مصر تشعر بقلق بالغ إزاء موجة متوقعة من التطرف الفلسطيني نتيجة للحرب.
3. معضلة في صنع السلام
منذ أن زار الرئيس المصري الراحل أنور السادات القدس في عام 1977، كانت مصر نشطة للغاية في تعزيز آفاق السلام، من خلال موقفها الطويل الأمد بدعم السعي إلى حل الدولتين. ومع ذلك، فإن السياق الإسرائيلي والفلسطيني، وقيادتيهما، جعل هذه المهمة صعبة بشكل متزايد ومن الواضح أيضًا أن العنف والمقاومة المسلحة لحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين لم يتمكنا حتى الآن من إنهاء الاحتلال أيضًا.
في الوقت نفسه، وعلى مدى عدة سنوات، رفض نتنياهو بشكل قاطع الالتزام بحل الدولتين، واتبع سياسة يقول منتقدوها إنها عززت قوة حماس من خلال مكافأتها بالتنازلات، بما في ذلك إطلاق سراح السجناء، ورغم أن إسرائيل حددت هدفًا يتلخص في هزيمة حماس، فإن مصر تعتقد أن هذا الهدف لن يكون قابلًا للتحقيق.