وبنما أيضًا.. البحر الأحمر ليس "نقطة الاختناق" الوحيدة التي تهدد تعطيل سلاسل التوريد العالمية
رجحت مجلة ذا كونفرسيشن أن أزمة البحر الأحمر ليست "نقطة الاختناق" الوحيدة التي تهدد بتعطيل سلاسل التوريد العالمية، فلم تمر الضربات الجوية ضد أهداف في اليمن من قبل الجيش الأمريكي والبريطاني دون انتقادات وتهدف واشنطن ولندن إلى منع الحوثيين من مهاجمة السفن التجارية في مضيق باب المندب بعد أن تعرضت أقل من 30 سفينة لهجوم من قبل الحوثيين منذ استيلائهم على سفينة جالاكسي ليدر المرتبطة بإسرائيل في نوفمبر وهو عدد صغير نسبيًا، مقارنة بآلاف السفن التي مرت بالمنطقة منذ ذلك الحين.
وعلى عكس توقف العبور لفترة وجيزة بقناة السويس عام 2021 بسبب جنوح سفينة كبيرة، لا تزال حركة المرور ممكنة على طول الطريق المختصر بين آسيا وأوروبا وفي حين أن السفر عبر طريق رأس الرجاء الصالح يضيف أسبوعًا إلى أسبوعين من وقت السفر وحوالي مليون دولار أمريكي (786000 جنيه إسترليني) من التكلفة.
واستجابة لذلك، ارتفعت أسعار الحاويات بشكل حاد، لكنها ليست عند المستويات التي وصلت إليها في ذروة جائحة كوفيد-19 وحتى لو أصبح الطريق عبر البحر الأحمر إلى قناة السويس غير صالح للاستخدام، فإن هذا ليس بالأمر غير المسبوق فقد تم إغلاق قناة السويس بسبب الحرب من عام 1967 إلى عام 1975.
لكن الأسباب وراء الضربات التي نُفذت لحماية التجارة العالمية من المرجح أن تكمن أعمق من هذا فقد أصبحت سلاسل التوريد العالمية أكثر أهمية للحياة اليومية منذ السبعينيات، وبالتالي فإن تأثير الاضطرابات في البحر الأحمر أصبح الآن أكبر بكثير والأهم من ذلك أيضًا أن باب المندب ليس سوى واحدة من نقاط الاختناق البحرية العديدة التي تعتبر حيوية للتجارة العالمية.
وأشارت المجلة إلى أنه من الممكن أن تتعطل التجارة العالمية في "نقاط الاختناق" المختلفة وفقًا لبيانات نظم المعلومات الجغرافية، ونقاط الاختناق هي أجزاء ضيقة من ممرات التجارة الرئيسية، وعادة ما تكون مضيقًا أو قنوات ومع تحول سلاسل التوريد كسلاح جيوسياسي على نحو متزايد إلى جزء من فن الحكم الاقتصادي، فإن ضعفها يتنامى وكما أظهر الحوثيون، فإن تعطيل التجارة العالمية في إحدى نقاط الاختناق هذه، لا يتطلب قوة عسكرية ضخمة.
إن تعطيل أكبر نقاط الاختناق يمكن أن يكون له عواقب عالمية وخيمة وفي حين أن حوالي 12% من التجارة العالمية تمر عبر قناة السويس، فإن أكثر من ضعف ذلك يمر عبر مضيق ملقا بين إندونيسيا وماليزيا إذ يعاني مضيق ملقا بانتظام من مشاكل القرصنة.
من المحتمل أن يكون للاضطرابات في نقاط الاختناق تأثيرات أكبر بكثير في جميع أنحاء العالم، لأنها تؤثر على حركة المرور من وإلى العديد من البلدان. ومن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، العثور على طرق بديلة وربما تجلى ذلك بشكل أكثر إثارة للإعجاب من خلال انسداد قناة السويس عام 2021 عندما جنحت سفينة حاويات عبر القناة وأعاقت تجارة بقيمة 9.6 مليار دولار أمريكي يوميًا لمدة أسبوع تقريبًا.
لكن هناك نقطة اختناق رئيسية أخرى تعاني حاليًا من اضطرابات شديدة إذ تشهد قناة بنما، التي تربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، جفافا شديدًا والآن أصبحت مستويات المياه في قناة بنما منخفضة للغاية، مما جعل قدرة الشحن محدودة للغاية وقامت شركة الشحن العملاقة ميرسك مؤخرًا بنقل البضائع إلى خط السكة الحديد الموازي لقناة بنما وقبل الأزمة الحالية، كانت بعض السفن تسلك منعطفًا مدته عشرة أيام في رحلاتها بين آسيا والساحل الشرقي للولايات المتحدة.
وأوضحت المجلة أن البدائل للطريق عبر باب المندب وقناة السويس محدودة، وقناة بنما ليست خيارا قابلا للتطبيق في الوقت الراهن ويعد الطريق البحري الشمالي أقصر بنسبة 40% من البديل عبر قناة السويس لربط آسيا بأوروبا. لكن الجليد يجعلها صالحة للملاحة لمدة لا تزيد عن خمسة أشهر فقط في السنة، وهناك مخاوف بشأن تأثير السفن على النظام البيئي الهش في القطب الشمالي.
وشهد خط السكة الحديد الذي يربط الصين بأوروبا نموا كبيرا في نقل البضائع في السنوات الأخيرة. لكن خط السكك الحديدية وطريق بحر الشمال يتأثران بالعقوبات المفروضة على روسيا وما تبقى بالنسبة لمعظم الراغبين في تجنب البحر الأحمر هو المنعطف الطويل حول أفريقيا.
مضيق هرمز
كانت المهمة العسكرية الأصلية في البحر الأحمر تسمى على نحو مناسب "عملية حارس الازدهار" وتشمل الدول المشاركة في إعلان البيت الأبيض بشأن الضربات على اليمن مصدرين رئيسيين مثل ألمانيا وكوريا الجنوبية والدنمارك وموطن خط الشحن المتأثر ميرسك وغيرها، بالإضافة إلى دول مثل أستراليا وكندا وهذا مؤشر على التأثيرات العالمية العميقة التي يحدثها هذا الاضطراب وبعد استمرار هجمات الحوثيين رغم التحذيرات، أرسلت الأعمال العسكرية إشارة مفادها أن حرية الملاحة ستتم حمايتها على الرغم من التكلفة العالية.