عاجل| جدل بين الخبراء.. هل يحل توريق الإيرادات الدولارية لمصر أزمات الاقتصاد؟
أصدرت الحكومة وثيقة جديدة تتضمن الاتجاهات الاقتصادية على مدى 6 سنوات لحل جميع المشكلات الاقتصادية التى تواجهها الدولة، والعمل على إصلاح الاختلالات في عدد من القطاعات.
وتضمنت الوثيقة عدد من الركائز لتحقيق إيرادات أجنبية تصل إلى 300 مليار دولار حتى عام 2030 من بينها دراسة توريق 20 إلى 25% من إيراداتنا بالنقد الأجنبي.
وتوقعت الوثيقة أن يصل سعر صرف الدولار إلى مستوى 36.83 جنيه خلال الفترة 2024-2028 مع العمل على وقف السوق الموازية عبر مرونة سعر الصرف.
ولكن مع طرح فكرة توريق الموارد الدولارية، أثارت جدلا بين الخبراء معبرين عن قلقهم من تحميل الأجيال القادمة أعباء الديون، ولكن البعض توقع أن يكون حلا اقتصاديا لضبط الاقتصاد وتنشيط الصناعة وتقليل أعباء الديون.
هاني توفيق: أخيرا تم الأخذ في الاعتبار بأفكار خارج الصندوق
هاني توفيق الخبير الاقتصادي والذي كان صاحب مقترح التوريق، أكد أنه أخيرا تم الأخذ في الاعتبار بأفكار خارج الصندوق، قائلا إن التوريق مجرد محور من أربعة محاور "متوازية" للحل الشامل لمشكلة مصر الاقتصادية، وبشرط توجيه الحصيلة بالكامل لسداد الديون العاجلة وليس لموازنة الحكومة، مع انسحاب الدولة من النشاط الاقتصادى، والإصلاح المؤسسى، وإزالة معوقات الاستثمار، مشيرا إلى أنها تضمن تحويل الديون قصيرة الأجل التى تحد من قدرة الدولة إلى ديون طويلة الأجل عبر رؤية متوازنة واستراتيجية واضحة.
وأوضح توفيق أن فكرته تضمن إيرادات قناة السويس بصورة مباشرة باعتبارها من الإيرادات المستقرة وعوائدها المستقبلية وسيعمل ذلك على تقليل أعباء خدمة الدين من خلال استبدال أدوات الدين بأخرى 20 و30 سنة مما يقلل من أعبائها شريطة عدم تحويل تلك الإيرادات للموازنة، وذلك على الرغم من أن متحدث مجلس الوزراء قال إن تلك الخطوة لا تستهدف إيرادات قناه السويس بصفة خاصة.
سهر الدماطي: تعزيز الموارد الدولارية أهم المحاور التي يجب العمل عليها
ومن جانبها، أكدت سهر الدماطي الخبيرة المصرفية أن تعزيز الموارد الدولارية هو أهم المحاور التي يجب العمل عليها حاليا مع جذب استثمارات حقيقية تحقق إيرادات والمضي بالتوازي مع عدد من البرامج لتعزيز التدفقات وفي الوقت نفسه تدفع الاقتصاد المصري نحو تحقيق مستهدفات جيدة.
وقالت إن طرح شهادات دولارية واستهداف موارد الدولار المختلفة من السياحة والتحويلات تحركات إيجابية نحو ضبط الإيرادات والعمل على الخروج من الأزمة.
وفي المقابل، أكد د. خالد شافعي الخبير الاقتصادي أن مخاطر توريق الإيرادات المستقبلية لقناة السويس يأتي كحل سهل ولكن في المقابل هل ينهي مشكلات الاقتصاد القائمة على عدم وجود استراتيجية تعمل على زيادة القدرات المالية، وتعمل على توظيف أمثل للموارد التعدينية والمقومات الاقتصادية المختلفة من خلال تشجيع الاستثمار.
وتابع أن رفع قدرة الدولة على انضباط السوق سيعطى مؤشرا جيدا للمستثمر من عدالة تقييم أرباحه واستثماراته ويمنح بارقة أمل لوقف السوق السوداء والمضاربات، وبالتالي يعمل على طمأنة المستثمر وهو الحل الجذري الفعال لعودة السوق وخلق استثمارات جديدة ووظائف وعودة التدفقات النقدية وليس الحل في الدولار.
واستكمل: “كل الاقتصادات الكبرى حاليا تبعد عن الدولار وتسعى لهيمنة اقتصادية مثل تحالف البريكس قائم على تعزيز العملات المحلية من خلال القوة الاقتصادية للتحالف التى تستحوذ على 40% من سكان العالم”، مؤكدا أنه في النظر في الداخل والاهتمام بقوى السوق وضبطه سيمتص الكثير من التضخم، وينهي مضاربات الدولار والتسعير الخاطئ ويمنح الصناعة متنفس يعمل على جذب استثمارات أكبر لكن الحلول السهلة لن تنهي المشكلة.
سندات توريق التدفقات النقدية المستقبلية هي أوراق مالية تصدرها شركات التوريق المرخص لها من الهيئة بممارسة النشاط، يخصص لسدادها والعائد عليها نسبة مستقلة من التدفقات النقدية المستقبلية تسمى "محفظة التوريق"، وتوجه حصيلتها لتمويل الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة – بعد موافقة السلطة المختصة بها -مقابل ما ينشأ لصالح تلك الجهات من تدفقات نقدية مستقبلية.
“المحافظين” يحذر من مخاطر طرح هذه السندات
فيما أعرب حزب "المحافظين" عن رفضه اعتزام الحكومة توريق نسبة من الإيرادات الدولارية للبلاد، تتراوح بين 20% و25%، وإصدار سندات مقابلها تقوم بشرائها بنوك استثمار ومستثمرون دوليون بالعملة الأجنبية.
وقال الحزب، في بيان مساء الأحد، إن "توريق الإيرادات الدولارية لمصر يعني إصدار سندات دولارية للبيع بضمان الموارد المستقبلية للدولة، ما يعكس إصرار الحكومة على الاستمرار في سياسة الاقتراض، ولكن بضمان الهيئات ذات الموارد الدولارية، مثل قناة السويس وإيرادات السياحة وتصدير الغاز الطبيعي، وذهاب حصيلتها لأعوام طويلة قادمة لصالح سداد السندات وفوائدها، بما يجور على حق الأجيال القادمة".
وأضاف الحزب أن "اتخاذ مثل هذه الخطوات بعيدًا عن البرلمان ينذر بالتغول على حقوق الأجيال الشابة، في ظل غياب الشفافية"، محذرًا من مخاطر طرح هذه السندات بوصفها بيعًا للإيرادات الدولارية لسنوات طويلة مقدمًا، ومشيرًا إلى أن "التعثر في سدادها قد يمنح المشترين حق استيفاء ديونهم قانونًا بالتدخل في إدارة الموارد الضامنة، طبقًا لشروط شرائها، التي توضع في غرف مغلقة بعيدًا عن الشعب ورقابته".
وتابع أن "هذه السندات أشبه بما حدث سابقًا إبان حقبة الخديوي إسماعيل، ما أدى إلى بيع أسهم مصر في شركة قناة السويس لسداد القروض التي تم استدانتها بضمان إيراداتها". وذكَّر الحزب بالرفض الشعبي لفكرة إنشاء صندوق لهيئة قناة السويس، وبيع حصة منه للمستثمرين الأجانب.
كما عبر الحزب عن استيائه الشديد من فشل الحكومة في إيجاد حلول بديلة لسداد قروضها المتراكمة من دون الاستدانة بضمان الإيرادات المستقبلية التي هي ملك الأجيال القادمة، وعجزها عن تحقيق تنمية مستقلة عن آثار التبعية للدول الدائنة، بالإضافة إلى فشلها في تشجيع المستثمرين المصريين والأجانب لإحداث طفرة في الإنتاج بغرض التصدير من أجل زيادة الحصيلة الدولارية اللازمة لسداد عجز الميزان التجاري للدولة وسداد أقساط الديون التي تورطنا بها دون الجور على حقوق أبنائنا وعلى حقوق الأجيال القادمة".