الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أخبار

موضوع خطبة الجمعة اليوم 5 يناير 2024

الرئيس نيوز

يشغل موضوع خطبة الجمعة اليوم 5 يناير 2024، الكثير من المسلمين في مختلف المحافظات، والتي من المقرر أن تنقلها القناة الأولى والإذاعة المصرية على الهواء مباشرة من مسجد الإمام الحسين.

وحددت الأوقاف، عنوان خطبة اليوم الجمعة الموافق 5 يناير 2024م، 23 جمادي الآخر 1445هـ، «الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل»، بتلاوة للقارئ الشيخ الطبيب أحمد نعينع وخطيبا الدكتور مصطفى عبدالسلام إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين رضي الله عنه.

عناصر خطبة الجمعة اليوم 5 يناير 2024:

أولًا: اهتمامُ الإسلامِ بصحةِ الإنسانِ.

ثانيًا: تنظيمُ النسلِ وأثرُهُ في الصحةِ الإنجابيةِ.

ثالثًا: تأملاتٌ قرآنيةٌ في آياتِ الصحةِ الإنجابيةِ.

نص خطبة اليوم الجمعة اليوم 5 يناير 2024:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابِهِ الكريمِ: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا {، وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وباركْ عليهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:

فإنَّ مِن أجلِّ نعمِ اللهِ (عزَّ وجلَّ) على عبادِهِ نعمةَ الصحةِ والعافيةِ، لذلكَ اهتَمَّ الإسلامُ بصحةِ الإنسانِ، لا سيَّمَا الصحةُ الإنجابيةُ التي تسهمُ في تنشئةِ جيلٍ فتيٍّ قويٍّ تتوفرُ لهُ كلُّ مقوماتِ القوةِ المطلوبةِ صحيًّا وعلميًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا؛ ليقومَ بمهمةِ تعميرِ الدنيَا وإصلاحِهَا، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا {.

والمتدبرُ لمقاصدِ الشرعِ، الشريفِ يرَى عنايةَ الإسلامِ بالصحةِ الإنجابيةِ مِن خلالِ رعايتِهِ لحقِّ الأمِّ صحيًّا وحياتِيًّا، وحقِّ الوالدينِ في التمتعِ بحياةٍ كريمةٍ، والقدرةِ على القيامِ بالمسئوليةِ التي كلّفَهُمَا اللهُ تعالَى بهَا في تربيةِ الذريةِ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ رَاعٍ في أهْلِهِ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِهَا وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا)، ويقولُ سيدُنَا عمرُ بنُ الخطابِ (رضي اللهُ عنه): “أَدِّبِ ابْنَكَ فَإِنَّكَ مَسْؤُولٌ عن ولَدِك ما علَّمْتَه”.

ومِن عنايةِ الإسلامِ بالصحةِ الإنجابيةِ رعايتُهُ لحقِّ الطفلِ في الرضاعةِ الطبيعيةِ حولينِ كاملينِ، دونَ أنْ يزاحِمَهُ طفلٌ آخرُ خلالَ تلكَ المدةِ؛ حفاظًا على حقِّهِ في التغذيةِ الصحيحةٍ التي مِن شأنِهَا أنْ تساعدَ على بناءِ جسدهِ بناءً قويًّا، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}، ويقولُ سبحانَهُ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}.

وهذا يدلُّ على أنَّ الحملَ حالَ إرضاعِ الطفلِ فيهِ إمّا حرمانٌ للرضيعِ مِن هذا الحقِّ أو بعضِهِ على أقلِّ تقديرٍ، مِن جهةِ أنَّ الموادَ التي تكونُ غذاءَهُ سوفَ ينصرفُ جزءٌ كبيرٌ منهَا إلى تكوينِ الجنينِ الموصولِ ببدنِ أُمِّهِ، ولن يجدَ الرضيعُ ما يكفيهِ منه؛ ولهذا سُمِّي لبنَ الغِيلةِ، وكأنَّ كلًّا مِن الطفلينِ قد اقتطعَ جزءًا مِن حقِّ أخيهِ، مِمَّا قد يعرضُ أحدهُمَا، أو يعرضهُمَا معًا للضعفِ، والإنسانُ مأمورٌ بأنْ يتجنبَ كلَّ ذلك.

على أنَّنَا نؤكدُ أنَّ تناولنَا لهذهِ القضيةِ لا يقتصرُ على الجوانبِ الاقتصاديةِ، إنَّما يجبُ أنْ يبرزَ إلى جانبِ هذه الآثارِ الاقتصاديةِ كلُّ الآثارِ الصحيةِ والنفسيةِ والأسريةِ والمجتمعيةِ التي يمكنُ أنْ تنعكسَ على حياةِ الأطفالِ والأبوينِ والأسرةِ كلِّهَا، ثُمّ المجتمعِ، فالدولةِ، فالزيادةُ السكانيةُ غيرُ المنضبطةِ لا ينعكسُ أثرُهَا على الفردِ أو الأسرةِ فحسب، إنَّما قد تشكلُ ضررًا بالغًا للدولِ التي لا تأخذُ بأسبابِ العلمِ في معالجةِ قضاياهَا السكانيةِ، تأكيدُنَا على أنَّ السعةَ والضيقَ في هذه القضيةِ لا تقاسُ بمقاييسِ الأفرادِ بمعزلٍ عن أحوالِ الدولِ وإمكاناتِهَا العامةِ.

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.

لا شكَّ أنَّ الغرضَ مِن الإنجابِ هو أنْ تنشأَ ذريةٌ قويةٌ منتجةٌ متقدمةٌ، يمكنُ أنْ نباهِي بهَا الأممَ في الدنيا، وأنْ يُباهِي نبيُّنَا ﷺ بهَا الأممَ يومَ القيامةِ، لا أنْ تكونَ كغثاءِ السيلِ، عالةً على غيرِهَا، فتكونَ هي والعدمُ سواءٌ، فالكثرةُ التي تورثُ الضعفَ، أو الجهلَ، أو التخلفَ عن ركبِ الحضارةِ، والتي تكونُ عبئًا ثقيلًا لا تحتملهُ، ولا يمكنُ أنْ تحتملَهُ أو تفِي بمتطلباتِهِ مواردُ الدولةِ وإمكاناتُهَا، فهي الكثرةُ التي وصفَهَا نبيُّنَا ﷺ بأنَّهَا كثرةٌ كغثاءِ السيلِ، لا غناءَ منهَا ولا نفعَ فيهَا، فهي كثرةٌ تضرُّ ولا تنفع.

وهذا نبيُّنَا ﷺ يقولُ: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)، فاشترطَ ﷺ الباءةَ التي تشملُ القدرةَ على الإنفاقِ وتحملِ تبعاتِ بناءِ الأسرةِ كشرطٍ للزواجِ، ومِن بابِ أولَى فهي شرطٌ للإنجابِ، فمَا بالُكُم بالإنجابِ المتعددِ؟!


على أنَّ القدرةَ هنَا ليستْ هي القدرةُ الماديةُ فقط، إنَّمَا هي القدرةُ بمفهومِهَا الشاملِ بدنيًّا وماديًّا وتربويًّا وقدرةً على إدارةِ شئونِ الأسرةِ، وكلِّ ما يشملُ جوانبَ العنايةِ بهَا والرعايةِ لهَا، بل إنَّ الأمرَ يتجاوزُ قدراتِ الأفرادِ إلى إمكاناتِ الدولِ في توفيرِ الخدماتِ التي لا يمكنُ أنْ يوفرَهَا آحادُ الأفرادِ بأنفسِهِم لأنفسِهِم، ومِن هنا كان حالُ وإمكاناتُ الدولِ أحدَ أهمِّ العواملِ التي يجبُ أنْ توضعَ في الحسبانِ في كلِّ جوانبِ العمليةِ السكانيةِ.

ومن جانبها، شددت وزارة الأوقاف، على جميع الأئمة ضرورة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة القادمة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير، مؤكدة ألا يزيد زمن الخطبة عن 15 دقيقة، واثقة في سعة أفق أئمتها وعلمائها الأجلاء.

واتخذت الوزارة، خطوات جادة في سبيل التوعية بالقضية السكانية آخرها تخصيص خطبة الجمعة اليوم للحديث عن هذا الموضوع، موضحة أهمية العمل المشترك بين العلماء والأطباء من خلال تنسيق واضح على مستوى وكلاء الوزارة في كل محافظة.

وكانت قد جاءت خطبة الجمعة الماضية الموافقة يوم 29 ديسمبر 2023م، 16 جمادي الآخر 1445هـ، بعنوان «جريمة الاعتداء على المال العام والملك العام والحق العام»، بتلاوة للقارئ الشيخ محمد حامد السلكاوي وخطيبا الدكتور محمد عزت، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.