لحفظ ماء الوجه.. جيش الاحتلال بات أقرب للاعتراف بفشل الحرب على غزة
أشارت مجلة كراديل المعنية بالشؤون الجيوسياسية إلى ضرورة وضع سحب ألوية النخبة في جيش الاحتلال من ساحات القتال في غزة في السياق الأوسع للحرب الانتقامية التي تتورط فيها قوات الاحتلال ضد المدنيين في قطاع غزة.
وسلطت المجلة الضوء على ما أسمته هيئة البثّ الرسميّة والقناتان الثانية عشرة والثالثة عشرة وصحيفتا هآرتس ومعاريف، باسم المرحلة الثالثة من الحرب على غزة، التي تتضمّن تسريح الاحتياط، والانسحاب من مناطق التوغل في غزة إلى نقاط تمركز يمكن الدفاع عنها والاحتفاظ بها لفترة غير قصيرة، إلى حين يتم التوصل الى اتفاق نهائي، في شمال وشرق قطاع غزة، والأرجح في المستوطنات التي كانت قائمة قبل تفكيكها.
وأضافت المجلة أن اي حديث عن إصلاح لواء جولاني ولواء المظليين لم يعد له معنى في ترتيب وضع هذه الألوية بما يؤهلها لخيار العودة إلى الحرب، عندما يعقبه بيوم واحد الإعلان رسميًا عن بدء مرحلة ثالثة من الحرب تقوم على تسريح مئة ألف جنديّ من الاحتياط، ليبقى من الاحتياط 50000 فقط لتعويض العجز الذي لحق بوحدات النخبة.
وفي ضوء التقارير التي تنشرها وسائل الإعلامية الإسرائيلية، يبدو أن التوجه الحالي يميل لفتح باب التطوع أمام الراغبين من جنود وضباط الاحتياط، وبات الأقرب إلى التصور الأصح للوضع الراهن هو تصور أن المرحلة الثالثة هي عبارة عن سحب جيش الاحتلال من الكثير من خطوط الانتشار، ومن ثم التموضع في المستوطنات التي تمّ تفكيكها سابقا قبل الانسحاب من غزة عام 2005، حيث تتم ترتيبات هندسية وإنشائية توحي بذلك، وبالتوازي وقف عمليات الغارات الجوية والقصف المكثف على مدن ومخيمات غزة، والسعي إلى الاحتفاظ بنقاط تمركز شرق قطاع غزة خصوصًا قبالة الشجاعية وخان يونس من جهة مناطق ومستوطنات غلاف غزة، واعتبار أن المرحلة الانتقاليّة لبلوغ المرحلة الثالثة الممتدة حتى نهاية العام سوف تتضمن عمليات برية واسعة في محاور خان يونس فقط، على أن يعقبها انسحاب الى المناطق التي تم تحديدها لتمركز قوات الاحتلال، وبعدها سيكتفى باستمرار لعمليات استهداف محددة تحت شعار أن الحرب مستمرة ولم تتوقف، بانتظار ما سوف يحصل على مسار الوساطات ومساعي التفاوض لتبادل الأسرى، في محاولة بائسة لحفظ ماء الوجه.
ورجحت المجلة أن المرحلة الثالثة هي عبارة عن طريقة للاعتراف بفشل الحرب التي لم يكن لها هدف ملموس قابل للقياس بالمعايير العسكرية، ولكن هناك رغبة في أن يتم الاعتراف بالطريقة الأمريكية، من أجل منح نتنياهو جائزة ترضية عنوانها أن الحرب لم تنته، وهنا تصبح المقالة المنشورة في صحيفة هآرتس أمس، واستطلاع الرأي الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وتصريحات السفير الأمريكي السابق مارتن انديك التي أكد خلالها لصحيفة فورين أفيرز أن إسرائيل فشلت فشلًا كاملًا في توقع طوفان الأقصى، كما أخفقت في التصدي له.
وفي ضوء قرار مجلس الأمن الذي لم يقل شيئًا فعليًا سوى أن مرحلة الحديث السياسي قد فتحت لها الأبواب على مصراعيها، لتبدأ ولو لم يتم إعلان وقف لإطلاق النار، لتشكل كل هذه العناصر إطار الصورة التي يرسمها جيش الاحتلال، بعدما صار له القول الفصل في مستقبل الدولة اليهودية، وسط الاعتراف داخليًا بفشل القيادة السياسية كذلك في تقديم أجوبة على الأسئلة الصعبة.