إيكونوميست: إسرائيل أخفقت في تحقيق هدفها الرئيسي وواشنطن قد تسحب دعمها قريبا
أكدت مجلة ذا إيكونوميست، أنه لم يتبق أمام إسرائيل سوى بضعة أسابيع فقط فإما تستطيع تدمير حماس أو تخفق، إلى الأبد، في تحقيق هذا الهدف المعلن، وسط تتزايد الضغوط الأمريكية لإنهاء الهجوم.
ومرت تسعة أسابيع منذ أن بدأت إسرائيل قصف قطاع غزة وستة أسابيع منذ أن أرسلت قواتها البرية واستشهد نحو 18 ألف من سكان غزة، معظمهم من المدنيين لكن إسرائيل فشلت حتى الآن في تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل في تدمير القدرات العسكرية لحركة حماس، التي تحكم قطاع غزة، حيث قتلت في هجوم مباغت في السابع من أكتوبر 1200 إسرائيلي، كانت سلطات الاحتلال في السابق تنشر رقمًا آخر هو 1400، واحتجزت المقاومة الفلسطينية 240 شخصًا كرهائن.
ويبدو الأمر على نحو متزايد وكأن أمام قوات الاحتلال الإسرائيلي أسابيع فقط لإنهاء المهمة قبل أن تسحب أمريكا، الحليف الحيوي لإسرائيل، دعمها للقصف الإسرائيلي والهجمات ضد المدنيين كما يبدو نجاح الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق هدفه أمر غير محتمل.
وتكثف إسرائيل عملياتها وقد نشرت فرقة كاملة محمولة جوًا من جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة خان يونس الجنوبية وحولها، حيث تعتقد أن كبار قادة حماس متحصنون الآن ولا تزال ثلاث فرق مدرعة تعمل في القطاع الشمالي من مدينة غزة المدمرة.
وتدور معارك عنيفة في منطقتي الشجاعية وجباليا بالمدينة ويقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير الأنفاق، التي يلجأ إليها مقاتلو حماس، والبنية التحتية العسكرية والمدنية، في المدينة وضواحيها.
ويحاول الاحتلال الإسرائيلي خلق الانطباع بأن المقاومة تنهار وأنها تسيطر على مناطق واسعة وظهرت لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي لعشرات الرجال الذين اعتقلهم جنود الاحتلال وأمروهم بالتجرد من ملابسهم حتى يتم تفتيشهم بحثًا عن أحزمة ناسفة ورفع جيش الاحتلال الإسرائيلي العلم الإسرائيلي في ساحة فلسطين بمدينة غزة وأضاء شموع الحانوكا في عدة مواقع في ساحات القتال ولكن هذه ليست بعد "صورة النصر" ـ الصورة التي تؤكد النصر النهائي ـ التي يطالب بها المواطنون الإسرائيليون قادتهم.
وربما يكون جيش الاحتلال الإسرائيلي قد دمر ما يصل إلى نصف قوة حماس التي ربما يبلغ عددها 30 ألف مقاتل ولكن لا يزال لدى حماس الآلاف الذين يخرجون من الأنفاق لتنفيذ كمائن للجنود الإسرائيليين بصفة يومية.
ولا تزال حماس تحتجز أكثر من 130 رهينة لم يتم إطلاق سراحهم عندما دعا الجانبان إلى هدنة وتبادل الأسرى في نوفمبر وهم في خطر من القصف المستمر وفي الثامن من ديسمبر الجاري، أصيب جنود إسرائيليون بجروح أثناء محاولة فاشلة لإنقاذ رهينة وعرضت حماس في وقت لاحق لقطات مروعة لرهينة ميت، وهو مدني إسرائيلي يبلغ من العمر 25 عاما وأكدت حماس أن الإسرائيليين قتلوه أثناء محاولتهم تحريره.
كما أن إسرائيل لم تتمكن من طمس قيادة حماس أو تدمير بنيتها التحتية وقد قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي عددًا من كبار القادة الميدانيين ولكن يحيى السنوار، الزعيم العام للحركة في غزة، ومحمد ضيف ومروان عيسى، قائدي القوة المقاتلة، ما زالوا على قيد الحياة حتى الآن ويعود الفضل في ذلك جزئيًا إلى شبكة الأنفاق التابعة لحركة حماس والتي تمتد لمئات الأميال، والتي فشلت إسرائيل في تدميرها على الرغم من قوتها النارية المدعومة أمريكيًا وقدرات المراقبة التي تحملها طائرات بدون طيار.
وقال جنرالات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية الحرب إن الأمر سيستغرق أشهرًا من العمليات المضنية التي يشارك فيها جنود على الأرض لتدمير هذه الشبكة وبعد مرور أكثر من شهرين، ما زالوا يتوقعون استمرار العمل لمدة أشهر ولكن قد لا يكون لديهم الوقت مع قرب تزايد ضغط الأمريكيين على البيت الأبيض لوقف الدعم لجيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين العزل في قطاع غزة.
وأدى عدد الشهداء والضحايا من المدنيين إلى استنزاف الدعم الدولي للهجوم الإسرائيلي والآن أصبحت أمريكا، حليفة الاحتلال الإسرائيلي التي لا غنى عنها، مترددة في استمرار ذلك الدعم.
وفي الثامن من ديسمبر، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وامتنعت بريطانيا عن التصويت في حين صوّت جميع الأعضاء الـ 13 الآخرين لصالح القرار.
وشدد الفيتو الأمريكي على مدى اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة، حليفتها الاستراتيجية للحصول على الدعم الدبلوماسي وهي تحتاج إلى المزيد من الأسلحة الأمريكية أيضًا ووافقت وزارة الخارجية للتو على شحنة مكونة من 14.000 قذيفة دبابة من عيار 120 ملم، وهي إحدى الذخائر الرئيسية التي يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في عملياته البرية.
وتنفي الحكومتان علنًا أن إدارة الرئيس جو بايدن قد حددت أي نوع من الموعد النهائي للإسرائيليين لإنهاء هجومهم ولكن عدة مصادر أكدت أنه خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل، أبلغ أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، الإسرائيليين أنه سيتعين عليهم إنهاء القصف والأعمال العدائية بحلول العام الجديد.
وفي الوقت نفسه، تطالب الإدارة الأمريكية أيضًا إسرائيل ببذل المزيد من الجهد لتخفيف معاناة الفلسطينيين، وخاصة في جنوب غزة ويعيش نحو مليوني شخص، أكثر من ثلاثة أرباعهم نزحوا من منازلهم بسبب القتال، مكتظين مع إمدادات شحيحة، كما أن انهيار الصرف الصحي يجعل تفشي الأمراض أمرًا محتملًا.
وإذا طالبت أمريكا بإنهاء القتال في وقت مبكر من العام الجديد، فقد تبدأ أحوال سكان غزة في التحسن إلى حد ما ولكن من غير المرجح أن يعود السلام أو الظروف المعيشية المحتملة قريبًا.
وقد ينتهي القصف الإسرائيلي لغزة، لكن من المرجح أن يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة أقل كثافة بالاعتماد على قوات برية متحركة وفي ظل هذا السيناريو، ستواصل حماس السيطرة على أجزاء من غزة وبذلك تكون إسرائيل قد فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل في القضاء على المقاومة المسؤولة عن هجوم السابع من أكتوبر، وفي نفس الوقت تواصل إسرائيل خنق اقتصاد الضفة الغربية وما لم تتحسن الظروف، فقد تنهار السلطة الفلسطينية في حين وقع بنيامين نتنياهو تحت رحمة شركائه المتشددين في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، وليس له رأي يذكر في القرارات الكبرى في الحرب.