اشتداد القتال في غزة.. قلق بشأن احتمال حدوث نزوح جماعي إلى مصر
اشتد القتال بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في أنحاء قطاع غزة يوم الإثنين، مما أثار مخاوف أشارت إليها الأمم المتحدة في مطلع الأسبوع من انهيار النظام العام ونزوح جماعي للفلسطينيين إلى مصر.
ويخضع قطاع غزة الشريط الساحلي الضيق لحصار إسرائيلي كامل منذ بدء الصراع قبل أكثر من شهرين، والحدود مع مصر هي المخرج الآخر الوحيد.
ونزح معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم، ويقول السكان إنه من المستحيل العثور على ملاذ في القطاع المكتظ بالسكان، حيث استشهد بالفعل حوالي 18 ألف شخص واشتداد الصراع.
ومنذ انهيار وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة أسبوع، شنت إسرائيل هجوما بريا في جنوب غزة الأسبوع الماضي، ثم توغلت منذ ذلك الحين من الشرق إلى قلب مدينة خان يونس الرئيسية، حيث هاجمت الطائرات الحربية منطقة إلى الغرب.
وقال نشطاء وبعض السكان يوم الاثنين إن المقاتلين يمنعون الدبابات الإسرائيلية من التقدم غربا عبر المدينة، كما وقعت اشتباكات عنيفة في أجزاء من شمال غزة حيث قالت إسرائيل إن مهامها اكتملت إلى حد كبير.
وفر الإسرائيليون إلى الملاجئ بعد تحذيرات جديدة من إطلاق صواريخ من غزة، بما في ذلك تل أبيب.
وقال الجناح العسكري لحركة حماس إنه يقصف المدينة ردا على المجازر الصهيونية بحق المدنيين.
وفي جباليا بشمال غزة، ركض الفلسطينيون هربا من قنابل الدخان التي أطلقت بالقرب من الخيام والمنازل الأخرى.
وأصدر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي نداء جديدا يوم الاثنين، لسكان غزة لإخلاء المدينة ومناطق أخرى في الشمال وكذلك خان يونس في الجنوب.
ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إن 1.9 مليون شخص - 85 بالمائة من سكان غزة - نزحوا ويصفون الظروف في المناطق الجنوبية التي يتركزون فيها بأنها جهنمية.
وخلص تحليل أجراه برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إلى أن نصف سكان غزة يعانون من الجوع، وأن 9 من كل 10 أشخاص لا يستطيعون تناول الطعام كل يوم.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الذي سعى دون جدوى لوقف إطلاق النار في غزة، يوم الأحد إن القطاع في حالة انهيار.
وتوقع جوتيريش -في مؤتمر دولي في قطر- أن ينهار النظام العام تماما قريبا، وقد يتكشف وضع أسوأ بما في ذلك الأمراض الوبائية وزيادة الضغط من أجل النزوح الجماعي إلى مصر.
وقال فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، وهي هيئة الأمم المتحدة المسؤولة عن رعاية اللاجئين الفلسطينيين، إن سكان غزة الذين طردوا من منازلهم يتم دفعهم أقرب فأقرب إلى الحدود.
كما أشار خلال زيارته معبر رفح الحدودي رفقة وفد من مجلس الأمن الدولي، الاثنين، إلى رفض الأمم المتحدة ودول أخرى من بينها الولايات المتحدة تهجير سكان غزة قسراً، لكن التطورات التي نشهدها تشير بوضوح إلى محاولات لنقل الفلسطينيين من غزة إلى مصر، بغض النظر عما إذا كانوا سيبقون هناك، أو سيعاد توطينهم في مكان آخر.
والحدود مع مصر محصنة بشدة، لكن مقاتلي حماس أحدثوا ثقوبًا في الجدار في عام 2008 لكسر الحصار المحكم، وعبر سكان غزة الحدود لشراء المواد الغذائية وغيرها من السلع، لكنهم عادوا بسرعة، ولم يهجر أي منهم بشكل دائم.
وحذرت مصر منذ فترة طويلة من أنها لن تسمح لسكان غزة بدخول أراضيها هذه المرة، خوفا من أنهم لن يتمكنوا من العودة.
واتهم الأردن، الذي استوعب الجزء الأكبر من الفلسطينيين بعد قيام إسرائيل عام 1948، إسرائيل يوم الأحد بالسعي لإفراغ غزة من شعبها.
نفي إسرائيلي
وتنفي إسرائيل أن يكون لديها أي خطط لدفع الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية في الوقت الذي تسعى فيه إلى تحقيق هدفها المتمثل في تدمير حركة حماس.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية، الاثنين، إنه لا توجد هناك خطة إسرائيلية لنقل سكان غزة إلى مصر، ولن تكون، على حد قوله.
وتقول حكومة الاحتلال الإسرائيلية على لسان المتحدث باسمها إيلون ليفي، إنها تطلب فقط من الفلسطينيين مغادرة منازلهم مؤقتاً حفاظاً على سلامتهم، لكن تعليقات بعض الساسة الإسرائيليين، وبعضهم مقربون من الحكومة، تثير مخاوف الفلسطينيين والدول العربية من نكبة جديدة.
وقد دعا عدد من السياسيين الإسرائيليين اليمينيين وكبار المسؤولين السابقين علناً إلى إبعاد المدنيين الفلسطينيين، وتدمير منازلهم، وإعادة توطين الإسرائيليين في غزة.
رفض عربي
وعلى مدار أسابيع، عبّرت حكومات عربية، بما فيها الأردنية والمصرية، رفضها مخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم ودفعهم إلى النزوح إلى مصر.
وقال وزير الخارجية سامح شكري، إنه سيكون من غير المناسب، ويتعارض مع القانون الدولي إذا تم تهجير المدنيين الفلسطينيين من غزة إلى مصر.
وأكد شكري -خلال جلسة في منتدى آسبن الأمني بواشنطن- أن مصر لن تسمح بنقل الفلسطينيين مؤقتاً إليها، بينما تنفذ إسرائيل عمليتها العسكرية في قطاع غزة، واصفاً هذا الأمر بأنه سيكون خرقاً للقانون الدولي.
وقال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي -في منتدى الدوحة الأحد- إن ما نراه في غزة ليس مجرد قتل الأبرياء وتدمير سبل عيشهم، بل هو مخطط منهجي لتفريغ غزة من سكانها.
كما قال رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، إن أي نمط من التهجير القسري للفلسطينيين إلى الأردن سيشكل خرقاً لاتفاقية السلام، محذّراً من أن ذلك سيعيدنا إلى حالة اللا سلم.
وقتل مسلحون من حماس في السابع من أكتوبر 1200 شخص واحتجزوا 240 رهينة في هذا الهجوم المفاجئ، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.
وأقر جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنّ أكثر من 100 من جنوده سقطوا منذ بدء الهجوم البرّي المستمرّ في قطاع غزة.
وأعلن جيش الاحتلال، اليوم الاثنين، أنّ حصيلة الجنود الإسرائيليين القتلى ارتفعت إلى 101 جنديّ، بعد مقتل 4 جنود يحملون رتبة رائد، قال إن 3 منهم سقطوا بمعارك في غزة، بينما لقي الرابع حتفه في حادث سيارة عسكرية.
واستشهد نحو 18 ألف شخص في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأصيب 49500 آخرين، بحسب السلطات الصحية في غزة.
وتم إطلاق سراح حوالي 100 من الرهائن الإسرائيليين خلال هدنة استمرت أسبوعًا وانتهت في الأول من ديسمبر الجاري.
اتهامات لحركة حماس
وتتهم إسرائيل حماس التي تسيطر على غزة منذ 2007، باستخدام المدنيين كدروع بشرية وسرقة المساعدات الإنسانية، وهو ما تنفيه حماس.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن قواته في جباليا عثرت على أسلحة في حقيبة للأونروا وقاذفات صواريخ بالقرب من مدرسة.
ووزعت قوات الاحتلال مقطع فيديو يُزعم أنه يظهر عبوات ناسفة بجوار حقيبة تحمل علامة الأونروا.
كما وزعت مقطع فيديو آخر قالت إنه من حي الشجاعية بمدينة غزة، يُزعم أنه يظهر رجال مسلحين من حماس وهم يضربون الناس ويأخذون المساعدات.
إضراب عالمي
ودعا نشطاء فلسطينيون إلى إضراب عالمي يوم الاثنين لمحاولة الضغط على إسرائيل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وراقب الفلسطينيون الهجوم في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، لكن لم يكن من الواضح ما إذا كان هذا الجهد سينتشر عالميًا أو سيكون له تأثير على خطط الحرب الإسرائيلية.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن 32 فلسطينيا استشهدوا في خان يونس منذ وقت مبكر من مساء الأحد وأصيب 15 آخرون.
قتال عنيف
وقال نشطاء وسكان إن القتال كان عنيفا أيضا في الشجاعية شرقي وسط مدينة غزة وحي الشيخ رضوان في الشمال الغربي ومدينة جباليا إلى الشمال.
وأكدت المقاومة الفلسطينية أنها ألحقت خسائر بجنود إسرائيليين في المعارك المستعرة في قطاع غزة.
وقالت كتائب القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس، إنها قضت على 15 جنديًا إسرائيليًا في تفجير استهدفهم في شمال شرق خان يونس جنوب غزة.
وذكرت القسام، في بيان، أن مقاتليها فجروا عبوة برميلية كبيرة مضادة في قوة إسرائيلية بمنطقة المعرّي شمال شرق المدينة.
وأضافت أن مقاتلو القسام عاودوا التقدم باتجاه القوة التي تم سحقها بالعبوة البرميلية المضادة للأفراد، والمكونة من 15 جنديًا، فوجدوهم قتلى عدا 2 منهم فأجهزوا عليهم.
وفي سياق متصل، قالت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد، إنها نسفت منزلًا في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع كان بداخله أكثر من 13 جنديًا إسرائيليًا كانوا يحاولون العثور على فوهة نفق.
وأضافت سرايا القدس أن مقاتلين لها تمكنوا من الخروج من فوهة النفق والقضاء على جنديين منهم قبل تفجير المنزل بالكامل وإيقاع القوة بين قتيل وجريح.
وفي وسط غزة، حيث نصحت إسرائيل الناس بالتوجه يوم الاثنين نحو الملاجئ المعروفة في منطقة دير البلح، قال مسؤولو الصحة إن مستشفى شهداء الأقصى استقبل 40 شهيدًا خلال الليل.
وقال مسعفون إن غارة جوية إسرائيلية قتلت أربعة في منزل في رفح وهو أحد مكانين قريبين من مصر تقول إسرائيل إن الفلسطينيين يجب أن يلجأوا إليهما.
وقالت إسرائيل إنها ستعلق أنشطتها العسكرية في مخيم اللاجئين في رفح، وهو واحد من عدة مخيمات في القطاع تؤوي اللاجئين وأحفادهم الفارين من القتال قبل وأثناء وبعد قيام إسرائيل عام 1948، وذلك لأغراض إنسانية.
زيارة معبر رفح
ورغم عدم تمرير مجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة الماضي، قراراً يهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة، إلّا أن وفداً من المجلس يضم ممثلين عن ثلاثة من الأعضاء الدائمين زار معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، الاثنين، في زيارة وصفت بـ التضامنية.
الوفد الذي جاء من أبو ظبي، شارك فيه ممثلون عن الصين وروسيا وبريطانيا، وهي دول دائمة العضوية بالمجلس الأممي، وضم كذلك مندوبي الإمارات منسقة الزيارة، واليابان وموزمبيق وسيراليون ومالطا وسويسرا.
ولم ترسل الولايات المتحدة ممثلاً لها في الزيارة، التي تأتي في أعقاب استخدام واشنطن لحق النقض (الفيتو)، الأسبوع الماضي، ضد طلب مقترح لمجلس الأمن بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في الحرب الإسرائيلية على غزة.
وجاءت الزيارة بعد رفض مجلس الأمن تبني مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، ضد المشروع الذي طرحته دولة الإمارات، وحصل على تأييد 13 دولة وامتناع المملكة المتحدة عن التصويت.
ووصل وفد وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى مدينة العريش للاطلاع على الوضع داخل غزة، قبل التوجه إلى معبر رفح على بعد 48 كيلومتراً، وفي رحلتهم مر المندوبون على عشرات الشاحنات المنتظرة لتوصيل المساعدات إلى سكان غزة.
وجرى خلال الزيارة عقد جلسة مغلقة بين مندوبي الدول المشاركة ووفد فلسطيني رفيع المستوى، بحضور مسؤولي وزارة الخارجية المصرية.
وبحسب السفارة الفلسطينية بالقاهرة، ضم الوفد الفلسطيني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ووزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني، ووزيرة الصحة مي كيلة، ورئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني يونس الخطيب، إضافة إلى مستشار أول سفارة فلسطين في مصر العربية نداء البرغوثي.
ورتّبت الإمارات الزيارة إلى رفح، حيث عبرت مساعدات إنسانية وإمدادات وقود محدودة إلى غزة، فيما يتفاوض مجلس الأمن على مشروع قرار صاغته الإمارات، يطالب الطرفين المتحاربين بالسّماح باستخدام جميع الطرق البرية والبحرية والجوية المؤدية إلى غزة وفي جميع أنحائها لإيصال المساعدات.
كما يتضمن مشروع القرار إنشاء آلية لمراقبة المساعدات تديرها الأمم المتحدة في قطاع غزة، ولم يتضح متى يمكن طرح مشروع القرار للتصويت.
وقالت مندوبة الإمارات لدى الأمم المتحدة لانا نسيبة إن الهدف من الزيارة هو التعرف بشكل مباشر على ما هو مطلوب في ما يتعلق بتوسيع نطاق العمليات الإنسانية التي تلبي احتياجات الشعب الفلسطيني في غزة، مشيرة إلى أنها ليست زيارة رسمية لمجلس الأمن.
وتعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعاً، الأربعاء، بشأن الوضع في غزة بناء على طلب البلدان العربية ودول منظمة التعاون الإسلامي.
ويُرجح أن تصوت الجمعية المؤلفة من 193 عضواً على مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
واعتمدت الجمعية العامة قراراً في أكتوبر بأغلبية 121 صوتاً مؤيداً و14 صوتاً معارضاً وامتناع 44 عن التصويت، يدعو إلى إقرار هدنة إنسانية فورية وراسخة ومستدامة تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن 100 شاحنة تحمل إمدادات إنسانية دخلت غزة من مصر، الأحد، وهو العدد ذاته المسجل في اليوم السابق.
وأشار مكتب الأمم المتحدة إلى أن هذا العدد أقل بكثير من المتوسط اليومي، البالغ 500 حمولة شاحنة شاملة الوقود، كانت تدخل كل يوم عمل قبل 7 أكتوبر.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قال أمام مجلس الأمن، الجمعة، إن نصف سكان شمال غزة وأكثر من ثلث النازحين في الجنوب يتضورون جوعاً.
وشدد جوتيريش على أن الظروف الواجب توافرها لإيصال المساعدات الإنسانية بفاعلية لم تعد قائمة، مشيرا إلى المعبر في رفح لم يكن مهيأ لاستيعاب مئات الشاحنات، ويشكل عنق الزجاجة الرئيسي.
وتضغط الأمم المتحدة من أجل فتح معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل.
ووافقت إسرائيل على السماح باستخدامه لعمليات التفتيش، وليس لدخول غزة.
ويتم تفتيش الشاحنات في كرم أبو سالم قبل دخولها غزة من معبر رفح على بعد نحو ثلاثة كيلومترات.