تقرير| سلسلة من التحديات الاقتصادية تواجه مصر أثناء الانتخابات الرئاسية وبعدها
ذكرت مجلة كوين ماركت كاب المتخصصة في شؤون أسواق المال والأصول المتداولة أن مع اقتراب مصر من الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر، تقف البلاد عند مفترق طرق اقتصادي محفوف بالمخاطر.
وقالت المجلة إن الجنيه المصري يواجه عدة تحديات وسط تضاؤل احتياطيات العملات الأجنبية وارتفاع التضخم إلى أعلى المستويات.
جذور الأزمة
وبتتبع أصول المأزق الاقتصادي في مصر، فمن الواضح أن هذا لم يحدث بين عشية وضحاها، فقد أدى مزيج من الأخطاء التاريخية والخيارات الاقتصادية الأخيرة إلى خلق هذه العاصفة الراهنة وقد لعبت عقود من التنمية الصناعية، التي أعاقتها صعوبات التخطيط والعبء البيروقراطي الزائد، دورها علاوة على السياسات التجارية التي كانت تفضل الواردات على الصادرات بشكل دائم، الأمر الذي أدى إلى اتساع هوة العجز التجاري.
وأضافت المجلة: “العملة المبالغ في تقدير قيمتها، وحقوق الملكية التي تحتاج إلى نظرة تشريعية جادة وهيكلة المؤسسات كانت أسبابًا لخنق الاستثمار والمنافسة إلى حد كبير، وكان الاقتراض عبر الحكومات المصرية المتعاقبة طريقًا إلى إلى تراكم جبل من الديون الخارجية”.
والآن، مع تراجع الدائنين الأجانب عن الديون والارتفاع الكبير في تكاليف الاقتراض المحلي، تجد البلاد نفسها في حلقة مفرغة من العجز المتزايد وانخفاض قيمة العملة وفي محاولة لكبح جماح العجز، قامت الحكومة برفع أسعار السلع والخدمات المدعومة ومع ذلك، كانت هذه الخطوة بمثابة ضمادة أكثر من كونها علاجًا، حيث أدى ارتفاع التضخم بسرعة إلى تعويض أي مكاسب مالية.
علاوة على ذلك، ظلت الاستثمارات الأجنبية، باستثناء قطاع النفط والغاز، منخفضة بشكل مخيب للآمال والانخفاض الكبير في التحويلات المالية، وهي شريان حياة حاسم للاقتصاد، يزيد من حدة المشاكل.
سلسلة من التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر
يفقد نمو الاقتصاد المصري زخمه، حيث يشهد الربعان الأخيران من عام 2022 والأول من عام 2023 تباطؤا ملحوظًا في ضوء الأرقام المعلنة رسميًا وعلى الرغم من النمو الواضح، فإن تزايد عدد السكان، والذي ربطه البنك الدولي بزيادة قدرها 1.7% في عام 2021، أدى إلى إضعاف تأثير النمو المسجل ويجد العديد من المصريين الآن أن مستويات معيشتهم تتدهور وسط هذه الأزمة الاقتصادية.
إن انخفاض قيمة العملة صارخ – فقد انخفضت قيمة الجنيه إلى النصف مقابل الدولار منذ مارس 2022. وحتى مع التخفيضات المتكررة في قيمة العملة، يظل سعر الدولار في السوق السوداء أعلى بكثير من السعر الرسمي وأدت أزمة العملة هذه إلى نقص حاد في الدولارات، مما أعاق الواردات وأدى إلى تكدس البضائع في الموانئ، مما أدى إلى تفاقم مشاكل الصناعات المحلية.
وأصبحت خدمة الديون مهمة شاقة بالنسبة لمصر، حيث تلتهم مدفوعات الفائدة جزءًا كبيرًا من الإيرادات الوطنية مع ارتفاع معدلات الفقر ويبحث عدد كبير من الخريجين عن فرص في الخارج، مما يسلط الضوء على الآفاق المحلية التي تتطلع إلى تجديد آمالها عبر تبني سياسات مختلفة، وعلى الرغم من هذه التحديات، لم تتراجع مصر عن تطوير مشاريع البنية التحتية الضخمة.
الإبحار في العاصفة
وفي هذا المشهد، كان حلفاء مصر في الغرب والخليج بمثابة شريان الحياة المالي لها وبعد صدمات الأزمة الأوكرانية، شهدت مصر ودائع واستثمارات كبيرة من حلفائها الخليجيين مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومع ذلك، يسعى هؤلاء الحلفاء الآن إلى المزيد من الاستثمارات التي تركز على العائد، مما يؤدي إلى تشديد الحرية المالية التي كانت تتمتع بها مصر.
ويظل صندوق النقد الدولي لاعبًا حاسمًا، في ظل المفاوضات الجارية لتوسيع حزمة الدعم المالي بقيمة 3 مليارات دولار ومع ذلك، فإن مدفوعات صندوق النقد الدولي مشروطة بالتزام مصر بسعر صرف مرن وتقليص البصمة الاقتصادية للدولة وبينما تقف مصر في هذا المنعطف الحاسم، فإن العالم يراقب.
ولن تشكل القرارات التي سيتم اتخاذها في الأشهر المقبلة المسار الاقتصادي للبلاد فحسب، بل ستكون أيضًا شهادة على قدرة القيادة على الإبحار عبر هذه المياه المالية المتقلبة ويظل السؤال قائما: هل تتمكن مصر من تجنب أزمة مالية شاملة، وكيف ستنجح في تجنب عمق العاصفة في نهاية المطاف؟