بعد انهيارها.. مصر وقطر يضغطان لإعادة الهدنة بين إسرائيل وحماس
لا تزال مصر وقطر تضغطان وتتابعان جهودهما لإعادة الهدنة بين إسرائيل وحماس التي انهارت يوم الجمعة بعد أن استأنف الجانب الإسرائيلي قصفه الوحشي على قطاع غزة، منتهكًا وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة أسبوع، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال.
ورصدت الصحيفة تصاعد الدخان من المباني بالقطاع بعد تعرضها لضربات إسرائيلية، بعد استئناف المعارك بين إسرائيل ومسلحي حماس، أمس السبت الموافق 2 ديسمبر، وأدى انهيار الهدنة إلى اليوم الثاني من الغارات الإسرائيلية، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 200 فلسطيني خلال 24 ساعة.
وكانت غارة إسرائيلية قد دمر مجمعًا سكنيًا تم تشييده بتمويل قطري في غزة، وقالت الصحيفة الأمريكية إن فريق التفاوض التابع لسلطات الاحتلال الإسرائيلي عاد من الدوحة بعد وصول مفاوضات التهدئة في غزة إلى طريق مسدود، وأعلنت إسرائيل عودة فريق الموساد من الدوحة السبت، قائلة إن المفاوضات بشأن هدنة جديدة في غزة وصلت إلى طريق مسدود.
ومع ذلك، قال مسؤولون مصريون لصحيفة وول ستريت جورنال إن المسؤولين القطريين ما زالوا في إسرائيل، وأن المصريين موجودون في غزة لإبقاء خطوط الاتصال مفتوحة.
وخلال الهدنة التي استمرت سبعة أيام – بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة – تم احتجاز أكثر من عشرات الأسرى لدى حماس منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر – مقابل عشرات الأسرى الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل.
ووفقا لتقارير إعلامية، تعثرت المفاوضات في الأيام الأخيرة، حيث زعمت إسرائيل أن حماس رفضت إطلاق سراح 17 امرأة وطفلا. ونفت الحركة الفلسطينية إطلاق سراح المزيد من النساء والأطفال الأسرى، وأن النساء الذين كانوا لديهم كانوا أعضاء في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري لقناة الجزيرة الفضائية يوم السبت إنه لن يتم تبادل المزيد من الأسرى مع إسرائيل حتى تنتهي الحرب على غزة ويتم إطلاق سراح جميع المعتقلين الفلسطينيين.
وقال المفاوضون لوول ستريت جورنال إن إسرائيل رفضت حتى الآن اقتراحا من الوسطاء القطريين والمصريين لدمج مجموعات أخرى من الرهائن، بما في ذلك الرجال المدنيين، فضلا عن جنود الاحتياط العسكريين بعد إطلاق سراح النساء والأطفال المدنيين.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤول مصري كبير قوله: “هذا لا يحدث هنا، وما زلنا نتحدث ونشارك التحديثات كل ساعة والمفاوضات لا تنهار إلا عندما تتوقف الأطراف عن الحديث".
وقبل الهدنة، كانت إسرائيل قد قتلت بالفعل على مدى سبعة أسابيع حوالي 15 ألف فلسطيني - ثلثاهم من النساء والأطفال - وتركت أكثر من 75 بالمائة من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بلا مأوى وفي اليوم الثاني بعد انهيار الهدنة، أدت الهجمات الإسرائيلية إلى مقتل ما لا يقل عن 200 شخص في جميع أنحاء قطاع غزة في الساعات الأربع والعشرين الأولى.
منذ استئناف الحرب الإسرائيلية الدموية على غزة، لم تدخل أي قوافل مساعدات أو وقود إلى غزة، وتوقفت العمليات الإنسانية داخل غزة إلى حد كبير.
وكانت وول ستريت جورنال قد أشارت إلى أن الجحيم ينتظر قوات الاحتلال إذا قررت اجتياح غزّة برًا غزوًا شاملًا، وقالت الصحيفة إنّ جنديًا إسرائيليًا يدعى آرييل بيرنشتاين في عام 2014، عندما قاتلت إسرائيل حركة حماس آخر مرّة في شوارع قطاع غزة، يتذكّر كيف كانت الحرب "مثل مطاردة الأشباح" وتابع برنشتاين: "عشت أيامًا كلّها خوف وقلق، ولا سيما أنني شاهدت مقاتلي حماس كيف يقفزون من الأنفاق المخفية إلى الخارج".
وأشارت الصحيفة إلى أنّ حماس أذلّت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من خلال هجومها يوم 7 تشرين الأول، كما أنّ القتال ضمن المدن الحضرية والتلال يمكن أن يُحبط قوات النخبة أيضًا.
من جانبه، قال العقيد المتقاعد في الجيش الأمريكي، ليام كولينز، الذي خدم في القوات الخاصة، إنّ التضاريس أكثر صعوبةً من أيّ شيءٍ آخر، فمعظم الجيوش تكره حرب المدن إلى درجةِ أنّ عقيدتها هي تجنّبها.
ووفق الصحيفة، فإنّه خلال الأعوام، التي تلت آخر قتال لجيش الاحتلال في غزة، طور مقاتلو حماس شبكةً أكثر تطورًا من الأنفاق، المعروفة منذ زمنٍ طويل باسم مترو غزة، والتي يُمكن أن تمنحهم قوّةً كبرى.
وتمتد الأنفاق الواقعة أسفل قطاع غزة، ويبلغ طولها نحو 25 ميلًا (40.225 مترًا)، وعرضها 8 أميال (12.872 مترًا)، إلى مسافة تقدر بـ 500 ميل، ويبلغ عمق بعض الأنفاق أكثر من 200 قدم تحت الأرض، لذا فهي قادرة على تحمّل القصف من الأعلى.
وكذلك، فإنّ معظم الأنفاق مُجهّز بالأضواء وغرف التخزين والإمدادات والأسلحة، التي تسمح لعناصر حماس بالبقاء مختبئين تحت الأرض أيامًا، إن لم يكن أسابيعَ.
بدوره، قال المستشار البارز بمركز راند للأبحاث الأمنية والخبير في شؤون الإرهاب، بريان مايكل جينكينز، إنّ حرب الأنفاق وحرب المدن أمران صعبان، في طبيعتيهما، مضيفًا أنّ إمكانات الجيش الحديث تتدهور في قتال الشوارع داخل المدن، كما أنّ لسلاح المسيّرات عند حماس دورٌ مهم في الهجوم المفاجئ.
كما أنّ هذا الشكل من الحروب يُعَدّ أرضًا مثالية للقناصين، الذين يؤكدون أنّ المباني توفّر غطاءً وتضلّل مصدر الصوت، الأمر الذي يجعل من الصعب تعقب القناصين.
ووفقًا لوول ستريت جورنال، فإنّه حتى عندما تكون المدن خالية، إلى حدّ كبير من المدنيين، فإنّ الهجوم في المناطق الحضرية يمكن أن يتطلب ثلاثة أضعاف عدد القوات التي تتطلبها الظروف الأقل خطورة.
وأوضح رئيس دراسات الحرب الحضرية في منتدى ماديسون للسياسات، جون سبنسر، أنّ المهاجمين، في المناطق المفتوحة، يُريدون أن يكون لديهم نحو 3 جنود لكلّ مُدافع، بينما يُمكن أن تصل النسبة، في الأماكن الحضرية، إلى 5 أو حتى 10، في مقابل كل مقاتل من حماس.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد شنّ 4 حروب ضد حماس منذ عام 2007، لكن جنود الاحتلال لم يقاتلوا داخل مدينة غزة منذ عام 2009، بل قاتلوا على أطراف القطاع. وفي عام 2014 لم تتحرك أغلبية القوات الإسرائيلية سوى بضع مئات من الخطوات داخل غزة وعلى مدار 7 أسابيع خسر الاحتلال67 جنديًا.
وقبل يومين، نقلت وكالة رويترز، عن مصدرٍ إقليمي، أنّ مدينة غزّة تضمّ أنفاقًا تجعل أنفاق الثوار الفيتناميين (الفيتكونغ)، والتي استخدموها ضد الولايات المتحدة، تبدو كأنّها لعبة أطفال.
وذكرت أنّ إسرائيل لن تنجح في إنهاء حماس بالدبابات أو القضاء على المقاومة بقوّة النيران.
وأمس، أفاد معهد الشرق الأوسط، ومقره واشنطن العاصمة، أن خوف الاحتلال الأكبر يكمن في احتمال خسارته سلاحه الأكثر فعالية، وهو الردع، إذا فشل في عمليتها المحتملة في غزة.
وقال المركز إنّ الخوف الإسرائيلي لا يشمل فقط فقدان ردع قوات الاحتلال ضد أعداء إسرائيل، بل أيضًا فقدان فعاليته ضد أصدقاء إسرائيل الجدد، في العالم العربي.