الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

حرب غزة.. استراتيجية الغرب في الفوضى الدولية قائمة على القوة وتدمير الخصوم

الرئيس نيوز

أكدت سارة نيومان، أستاذة العلوم السياسية بجامعات ألمانيا أن الولايات المتحدة وحلفاؤها، تنتهج استراتيجية الفوضى الدولية للحفاظ على هيمنتها العالمية والقضاء على منافسيهم.

وفي دراسة نشرها موقع يوراسيا ريفيو، رجحت نيومان أن الصراع في الشرق الأوسط ليس استثناء، بل تستخدم الولايات المتحدة والغرب الحروب في فلسطين وأوكرانيا كأدوات لتحقيق أهدافهم المتمثلة في تطهير شرق البحر الأبيض المتوسط من المقاومة وهزيمة روسيا.

وترى نيومان أن الغرب ليس مهتمًا بالسلام والتعاون، بل بالحرب والهيمنة وهذه الاستراتيجية ليست غير أخلاقية وغير عادلة فحسب، بل إنها أيضًا خطيرة وغير مستدامة، بل وتهدد حياة وحقوق الملايين من البشر، وتهدد بحدوث كارثة عالمية يمكن أن تؤثر على جميع البشر.

ويعيش الشرق الأوسط حالة من الاضطراب مع تكثيف إسرائيل غزوها البري لغزة، والذي بدأ في 31 أكتوبر 2023 بدأت الحرب عندما شنت حماس هجومًا مباغتًا على الأراضي التي تحتلها إسرائيل احتجاجا على الحصار والاحتلال الطويل الأمد لغزة وأدى الهجوم إلى مقتل بعض المدنيين الإسرائيليين وأثار غضبًا في وسائل الإعلام، مما أدى إلى رد فعل غير متناسب من جانب إسرائيل.

وقصف الاحتلال الإسرائيلي غزة بشكل عشوائي واستشهد أكثر من 15 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية كما أن الوضع غير مستقر في الدول المجاورة، حيث زادت الولايات المتحدة وحلفاؤها من وجودهم العسكري ونفوذهم. ولم تبذل واشنطن والعواصم المتحالفة معها أي جهد للتوسط أو إنهاء الحرب، بل دعموا العدوان الإسرائيلي وقد ينتشر الصراع قريبًا إلى مناطق أخرى ويؤدي إلى حرب أوسع نطاقًا.

كما أثرت الحرب في غزة على علاقات وتصرفات الدول الأخرى في المنطقة. وأرجأت المملكة العربية السعودية مفاوضات إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، والتي بدأت بموجب اتفاقات أبراهام في عام 2021. 

وحذرت إيران من أنها سترد إذا هاجمت إسرائيل منشآتها أو مصالحها النووية وأطلق حزب الله صواريخ وطائرات مسيرة على أهداف إسرائيلية من لبنان ورفضت مصر والأردن قبول اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا من العنف والأزمة الإنسانية في غزة.

وفي المقابل، دعمت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون إسرائيل بشكل لا لبس فيه. لقد منعوا أي محاولة لتمرير قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق النار والحوار السياسي. كما زودت إسرائيل بأكثر من 1000 طن من الأسلحة والذخائر لمواصلة هجومها.

ومن ناحية أخرى، يعاني الفلسطينيون من نقص الضروريات الأساسية. ولا يحصلون على الكهرباء أو المياه النظيفة أو الرعاية الصحية. ليس لديهم أي حماية من القصف والغزو المستمر وليس لديهم طريقة لدفن موتاهم أو الحداد على خسائرهم.

كما أظهر القادة الغربيون انحيازهم وعدم مبالاتهم تجاه القضية الفلسطينية وقام العديد من المسؤولين رفيعي المستوى من ألمانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيطاليا بزيارة إسرائيل، لكن لم يعرب أي منهم عن أي تعاطف أو دعم للفلسطينيين أو دعا إلى وقف إطلاق النار أو التفاوض بل أشادوا فقط بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس وأدانوا تصرفات حماس.

وقد تجلى الموقف نفسه في قمة القاهرة بشأن الأزمة الفلسطينية، حيث لم تقترح الدول الغربية أي حل ملموس أو قابل للتطبيق لإنهاء الحرب أو معالجة الأسباب الجذرية للصراع. 

فالولايات المتحدة، الراعي الرئيسي للقمة، لم تهتم حتى بإرسال مسؤول كبير إلى الاجتماع، بل فقط مبعوث على مستوى منخفض. ومن ناحية أخرى، نشرت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا قواتها البحرية بالقرب من الساحل الإسرائيلي في البحر الأبيض المتوسط، ليس لتسهيل التوصل إلى تسوية سلمية، بل لزيادة مبيعاتها من الأسلحة ونفوذها العسكري في المنطقة.

ووفقًا للدراسة، فإن لدى الولايات المتحدة وحلفائها استراتيجية معقدة وماكرة للحفاظ على هيمنتهم العالمية. 

ورصدت الدراسة تلاعب واشنطن والغرب بالمؤسسات الدولية مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع حل الحربين في أوكرانيا وفلسطين كما أنهم يعززون تحالفهم لمواجهة خصومهم في العالم والقضاء عليهم، مضيفةً: "إن استراتيجيتهم لها هدفان رئيسيان: إزالة مجموعات المقاومة والأنظمة في شرق البحر الأبيض المتوسط من خلال الإطاحة بها واحدة تلو الأخرى، وتصعيد الحرب على الجهة الشرقية لأوروبا حتى إخضاع روسيا".

والغريب أنهم لا يعترفون أبدًا بالحاجة الملحة لوقف إطلاق النار والحوار في اتصالاتهم، ويرفضون أي خطة سلام تقترح في مجلس الأمن.

وتتبع الولايات المتحدة استراتيجية الحروب الدائمة في أوروبا الشرقية وشرق البحر الأبيض المتوسط للحفاظ على تفوقها بلا منازع في النظام الدولي الليبرالي. وهذا يستلزم زيادة وجودها العسكري، وإخضاع روسيا ومواجهة الصين، والقضاء على أي مقاومة في شرق البحر الأبيض المتوسط. هذه هي المرحلة الأولى من الإستراتيجية، والتي ستتبعها مهاجمة إيران والصين لإلحاق الهزيمة بهما في نهاية المطاف.

إن الولايات المتحدة وحلفائها لا يضعون أي اعتبار للسلام في استراتيجيتهم الكبرى في التعامل مع العالم. إنهم يتصورون عالمًا فوضويًا حيث الحرب أبدية والحرب هي القوة، وسياستهم ليست مستوحاة من رؤية ويلسون للديمقراطية والتعاون، بل من رؤية هوبز للمنافسة والهيمنة وهذه هي استراتيجيتهم لتدمير منافسيهم وفرض نظامهم المسلح.