ما سر سيطرة الهوس بالحضارة المصرية القديمة على أستراليا الآن؟
وصلت قطعة نادرة من آثار مصر القديمة إلى المتحف الأسترالي في سيدني خلال الشهر الجاري، للمشاركة بمعرض "رمسيس وذهب الفراعنة" الذي حقق نجاحًا منقطع النظير، وهو المحطة الرابعة في جولة المعرض الدولية التي تشمل عدة دول ويقدم العرض الغامر نظرة موسعة على عهد رمسيس الثاني، أحد أقوى فراعنة مصر.
المعرض افتتح لأول مرة في مدينة هيوستن، بولاية تكساس الأمريكية، في عام 2021، وتساءلت صحيفة سيدني هيرالد عن أسباب سيطرة الهوس بالحضارة المصرية القديمة وآثارها على الأستراليين بالتزامن مع معرض رمسيس الثاني.
ويقول كيم ماكاي، المدير والمدير التنفيذي للمتحف الأسترالي: "كان رمسيس العظيم ظاهرة لافتة - أب محبوب، ومحارب لا مثيل له، وباني غزير الإنتاج، وله إرث سياسي وثقافي على حد سواء وكان المسؤول عن عدد لا يحصى من المعابد والأهرامات والتماثيل، وأول معاهدة سلام على الإطلاق، وعائلة ضخمة ومؤثرة، وقد تم إعادة سرد قصص رمسيس الملهمة عبر الأجيال".
ومن بين 181 قطعة في المعرض، يعد نجم العرض هو تابوت رمسيس الذي تم اكتشافه عام 1881، ولم يُعرض علنًا خارج مصر حتى هذا العام، حسبما كتبت كيلي بيرك من صحيفة الغارديان. تشمل القطع الأثرية الأخرى التي توضح الابتكار الفني في عهد الفرعون أقنعة ذهبية وتوابيت منحوتة ومجوهرات مزخرفة وحتى شبل أسد محنط.
قناع الذهب
ويعد القناع الذهبي للملك أمينموب واحدًا من 181 قطعة أثرية معروضة في المعرض الجديد ويقدم المعرض، الذي يستمر حتى 19 مايو 2024، أيضًا عناصر متعددة الوسائط وتقنيات تساعد في منح الزائرين تجربة مشاهدة غامرة، وإحدى هذه الميزات التكنولوجية هي إعادة إنشاء بيئة مماثلة للبيئة المصرية في عام 1275 قبل الميلاد.
وتعد معركة قادش، أعظم إنجاز عسكري لرمسيس، وخصص لها العرض فقرة مهمة بالوسائط المتعددة مع الاستعانة بالصور المولدة بالكمبيوتر وفي عام 2022، وصفت إيما شكلوفن، من مجلة سميثسونيان، هذا المعرض القديم بتقنياته الحديثة بأنه "إنجاز تكنولوجي".
ويقدم أحد فروع المعرض جولة بالواقع الافتراضي في معبد أبو سمبل التاريخي، بإرشاد زوجة الفرعون الأولى، الملكة نفرتاري، على الرغم من أن صحيفة الجارديان تشير إلى أن هذه التجربة تتجنب الدقة التاريخية لصالح القيمة الترفيهية.
وأشارت صحيفة سيدني هيرالد إلى أن "رمسيس وذهب الفراعنة" هو الأحدث من بين العديد من العروض التي تركز على مصر والتي تسافر إلى أستراليا وفي الشهر المقبل، يفتتح المتحف الوطني الأسترالي معرض "اكتشاف مصر القديمة" الذي يضم أكثر من 220 قطعة من مجموعات المتحف الوطني الهولندي للآثار وفي عام 2024، سيُقام معرض "فرعون"، وهو أكبر معرض دولي قدمه المتحف البريطاني على الإطلاق، لأول مرة في معرض فيكتوريا الوطني.
يعود الفضل في وصول هذه المعارض المصرية على التوالي إلى حد كبير إلى الاضطراب الذي أحدثه الوباء في جداول المتاحف وإعارة الآثار لمدة عامين، حسبما ذكرت ليندا موريس في صحيفة سيدني مورنينج هيرالد وتقول ميراندا والاس، كبيرة أمناء البرامج الدولية في معرض فيكتوريا لصحيفة سيدني مورنينج هيرالد: "هذه الأشياء تحدث بالفعل إنها مثل انتظارك على محطة الأتوبيسات، فجأة لا تجد أي أتوبيس وفجأة يحضر إلى المحطة ثلاثة معًا، وبالمثل: فجأة توقفت كافة المعارض وفجأة أصبح لدينا ثلاثة!".
وفي الوقت الحالي، لا يبدو أن كثرة المعارض تمثل أي مشكلة: قبل عطلة نهاية الأسبوع الافتتاحية لمعرض رمسيس، أعلن المتحف الأسترالي أنه باع بالفعل أكثر من 100 ألف تذكرة للمعرض وفي الواقع، تأمل إدارة معرض فيكتوريا الوطني أن يساعد عرضها في جذب زوار جدد إلى المعرض الذي يركز عادة على الرسم، وفقًا لتصريحات والاس لصحيفة سيدني مورنينج هيرالد.
هذه التجارب هي الأحدث في سلسلة طويلة من المعارض التي تركز على مصر، فقد استضافت المؤسسات الأسترالية ما لا يقل عن سبعة من هذه العروض بين عامي 2007 و2018، حسبما كتبت أنيا كوتاربا مورلي، عالمة الآثار المتخصصة في التراث الثقافي بجامعة أديلايد، في تقرير حديث، ويبدو أن افتتان أستراليا بمصر القديمة هو جزء من هوس الغرب الأكبر بهذا التراث الأثري الثري، وهي الظاهرة التي دفعت إلى صياغة مصطلح "الهوس بالمصريات"، والذي يمكن إرجاعه إلى رحلة نابليون بونابرت إلى مصر في أواخر القرن الثامن عشر.
ويواصل الزوار حضور معارض مثل معرض "رمسيس وذهب الفراعنة" لأنها توفر الفرصة لرؤية كيف كانت الحياة في المجتمع القديم، فذلك الاهتمام الإنساني، الفضول للعودة بالزمن إلى الوراء يعبر عن نفس المستوى من الفضول الذي قد يكون لدى المغامر لاستكشاف محيط جديد أو شاطئ جديد أو بلد جديد يشاهده المرء لأول مرة.