الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

قوات خاصة أم سرية.. ماذا تفعل القوات الأمريكية في إسرائيل؟

الرئيس نيوز

مع دخول عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة شهره الثاني، لا تزال الأسئلة تدور حول الطبيعة الدقيقة للدعم الأمريكي للحرب الدائرة، مع ما يترتب على ذلك من آثار محتملة كبيرة على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، ونفور الجنوب العالمي واسع النطاق من السياسات الأمريكية.

وكانت وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، على درجة من الشفافية بشأن تصرفاتها خارج إسرائيل، بما في ذلك قرار نقل مجموعتين هجوميتين من حاملات الطائرات إلى الشرق الأوسط، من بين الأصول البحرية الأخرى وأنظمة الدفاع الصاروخي ولكن قضيتين أكثر حساسية ما زالتا يكتنفهما الغموض وهما:
1- ما الذي تفعله القوات الخاصة الأمريكية في إسرائيل على وجه التحديد؟ 

2- ما هي الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة الآن لجيش الاحتلال؟

أولًا: ماذا يفعل الجنود الأمريكان في إسرائيل؟
تتمركز قوات العمليات الخاصة الأمريكية في إسرائيل و"تساعد الإسرائيليين بشكل فعال" في عدد من المجالات، من بينها الجهود المبذولة "للتعرف على الرهائن، بما في ذلك الرهائن الأمريكيين"، حسبما كشف مسؤول بوزارة الدفاع الأسبوع الماضي، وفقًا لكونور إيكولز مراسل صحيفة "رسبونسبل ستيتكرافت"، ولم يصرح مسؤول البنتاجون بمزيد من التفاصيل، لكن مصادر مطلعة قالت لصحيفة نيويورك تايمز إن وزارة الدفاع "أرسلت عشرات من قوات الكوماندوز في الأسابيع الأخيرة، بالإضافة إلى فريق صغير كان في إسرائيل في 7 أكتوبر بالفعل لإجراء تدريبات مقررة مسبقًا" كما أرسلت دول غربية أخرى قوات عمليات خاصة "أقرب إلى إسرائيل" للمساعدة في استعادة الرهائن وعمليات إجلاء المدنيين المحتملة، وفقا للصحيفة.

كما أرسل البنتاجون جنرالًا من مشاة البحرية يتمتع بخبرة كبيرة في العمليات الخاصة لتقديم المشورة للعمليات البرية الإسرائيلية، لكن الجنرال الأمريكي غادر تل أبيب قبيل التوغل البري، وقال أحد المسؤولين للصحفي الأمريكي سبنسر أكرمان إن الولايات المتحدة تدرس "حالات الطوارئ" التي ستساعد فيها القوات الخاصة الأمريكية بشكل مباشر في استعادة الرهائن، لكن هذه الخطط تظل طي الكتمان وتحيطها السرية التامة، وفقًا للمسؤول. 

وأضاف المراسل: "الدليل الوحيد القوي على تورط الولايات المتحدة "المباشر" كان سلسلة من الرحلات الجوية غير المسلحة لطائرات بدون طيار فوق جنوب غزة والتي ساعدت في تحديد مكان عدد من الرهائن".

ويزعم بعض شهود العيان أنهم رأوا جنودًا يحملون شارات العلم الأمريكي على الأرض في غزة، لكن لم تثبت أي وسائل إعلام هذا الادعاء ومن المعقول أيضًا أن يرتدي جندي إسرائيلي أمريكي مثل هذه الشارات دون الحصول على إذن من الجيش الأمريكي أو الإسرائيلي.

أما بالنسبة لهوية الجنود الأمريكيين في إسرائيل، فقد كشفت صور نشرها البيت الأبيض من زيارة الرئيس جو بايدن في 18 أكتوبر لاجتماع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع العديد من أعضاء "قوة دلتا"، الوحدة الرئيسية لمكافحة الإرهاب واستعادة الرهائن في البنتاجون.

ومن غير الواضح ما إذا كانت هناك وحدات عسكرية أمريكية من غير العمليات الخاصة تعمل حاليًا جنبًا إلى جنب مع جيش الاحتلال ولم يستجب البنتاجون لطلب التعليق حول طبيعة عمليات وزارة الدفاع الأمريكية في قطاع غزة.

زيادة السرية حول عمليات نقل الأسلحة
وتعرضت إدارة بايدن للانتقادات من قبل الكونجرس بسبب محاولات البيت الأبيض المتكررة لإخفاء تفاصيل حول عمليات نقل الأسلحة الأمريكية إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي وسط الحرب، بما في ذلك الإجراء المقترح لتخطي متطلبات إخطار الكونجرس التي من شأنها أن توفر للنواب البرلمانيين والمشرعين فرصة للاعتراض على مبيعات أسلحة بعينها.

وجاءت أبرز الانتقادات على لسان النائب جريجوري ميكس، الديمقراطي من نيويورك وعضو لجنة الشؤون الخارجية في تصريحاتٍ لصحيفة واشنطن بوست الأسبوع الماضي، فقال: "لا يوجد سبب يمنعنا من ضمان تقديم المساعدة الأمريكية اللازمة لإسرائيل بطريقة سريعة مع ضمان قدرة الكونجرس على الوفاء بواجبه الرقابي الذي يكفله الدستور".

ومن جانبه، قال السيناتور كريس فان هولين، الديمقراطي من ماريلاند، إن الكونجرس "لا ينبغي أن يضع استثناءات بشأن توريد الأسلحة أيًا كانت الدولة التي ستستلم تلك الأسلحة"، وأكد أن من مسؤولية الهيئة التشريعية "مراجعة هذه الأموال والتأكد من أن استخدامها يخدم المصالح الفضلى للشعب الأمريكي" وبينما ذكرت التقارير الإخبارية أن النواب والمشرعين تلقوا إحاطات كاملة حول الأسلحة التي يتم إرسالها إلى إسرائيل، تجنب البيت الأبيض مشاركة المعلومات علنًا حول طبيعة دعمه، وهو ما يتناقض بشكل حاد مع المحاسبة التفصيلية لمساعدات إدارة بايدن لأوكرانيا التي تعتبر معلنة بنسبة تقترب من 100%.

ولم توضح إدارة بايدن أسباب هذا التناقض بين الحالة الأوكرانية والإسرائيلية، لكن التناقض فيما يبدو ينبع على الأرجح من منطق سياسي بسيط: في حين كان بايدن فخورًا بتباهيه بدعم فريقه لأوكرانيا، فإنه يواجه المزيد من ردود الفعل السلبية بسبب دعمه لإسرائيل فلم تخرج مظاهرة واحدة تحتج على دعم أمريكا لأوكرانيا، ولكن خرجت في واشنطن والولايات الأخرى عشرات المظاهرات التي تندد بالدعم الأمريكي غير المشروط لقوات الاحتلال وحكومة الاحتلال، وأثارت تصرفات الاحتلال الوحشية في غزة انتقادات كبيرة داخل الولايات المتحدة وخارجها.

وقد ظهر هذا المنطق مؤخرًا عندما تبين أن الولايات المتحدة تخطط لتزويد شرطة الاحتلال الإسرائيلية ببنادق، والتي يسيطر عليها الوزير اليميني المتطرف إيتامار بن جفير، الذي وعد بتزويد المستوطنين في الضفة الغربية بالبنادق كما صرح جوش بول، المسؤول السابق في وزارة الخارجية، للصحيفة الأسبوع الماضي أنه تم الإبلاغ سابقًا عن وحدات متعددة من شرطة الاحتلال بتهمة "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان"، الأمر الذي يجب أن يمنعهم قانونًا من تلقي أسلحة أمريكية، ولكن فيما يبدو قرر البيت الأبيض الصمت عن مخالفة القانون، ويداري مخالفته عن النواب البرلمانيين ما استطاع إلى ذلك سبيلًا. 

وذكر مراسل الصحيفة أن عملية نقل الأسلحة الأخرى المخطط لها إلى إسرائيل والتي تم الكشف عنها علنًا هي شحنة تمت الموافقة عليها سابقًا بقيمة 320 مليون دولار في شكل مجموعات قنابل دقيقة تُعرف باسم Spice Family Gliding Bomb Assemblies ويعتزم النواب الأمريكيون معارضة هذه الشحنة عن طريق تقديم مقترح بـ"قرار رفض" من شأنه أن يمنع نقل تلك الأسلحة لإسرائيل إذا حصل المقترح على أغلبية ضد الفيتو في مجلسي الكونجرس وهذه المعدات هي "نوع من القدرات التي استخدمتها إسرائيل خلال الشهر الماضي لتدمير غزة.

مخاطر كبيرة على المصالح الأمريكية في المنطقة
السبب الآخر المحتمل للسرية المحيطة بالتدخل الأمريكي هو الخوف من أن الدعم الأمريكي لإسرائيل سيضر بمكانة واشنطن في الشرق الأوسط، خاصة في ضوء المعارضة الواسعة في المنطقة للهجوم الإسرائيلي، والذي وصفه العديد من المعلقين العرب بـ "الإبادة الجماعية".

وإذا اعتقدت شعوب الشرق الأوسط أن القوات الأمريكية متورطة بشكل مباشر في الأعمال العدائية، فقد يكون لذلك عواقب وخيمة على تصورات التصرفات الأمريكية في المنطقة ومعاملة الأمريكيين بالمنطقة وكما أشارت برقية مسربة مؤخرًا من السفارة الأمريكية في عمان، فإن الحملة الإسرائيلية "تفقد الدبلوماسيين بالفعل جماهيرهم العربية لجيل كامل".

ويمكن الشعور بهذا التأثير خارج المنطقة، وفقًا لستيفن فيرثيم، المؤرخ وزميل مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي وكتب فيرثيم في صحيفة نيويورك تايمز: "لقد ثبت أن التكاليف، المتمثلة في الهيبة والقوة الأمريكية، كبيرة بالفعل ويمكن أن يصبح الأمر أسوأ بكثير."

وقال الصحفي أكيرمان إن العواقب المحتملة لتدخل الولايات المتحدة المباشر لن تقتصر على الازدراء العام، مضيفًا: "إذا دخلت قوات العمليات الخاصة غزة كمقاتلين، فكيف يمكن لإيران، التي ترتكز استراتيجيتها الإقليمية على قيادة "محور المقاومة" للولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية، أن تشعر بأنها مضطرة للرد؟" ويتساءل: "ماذا سيكون تأثير الدور الأمريكي على مواقف الأردن ومصر والمملكة العربية السعودية وغيرها؟”.