قادة الدول يحذرون من اتساع الصراع في المنطقة
قمة الرياض.. إجماع على وقف فوري لإطلاق النار في غزة
انطلقت، اليوم السبت، أعمال القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية في الرياض بالمملكة العربية السعودية، لبحث الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وطالب زعماء وقادة الدول العربية والإسلامية بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة المحاصر، محذرين من اتساع الصراع في المنطقة.
ولدى افتتاحه القمة المشتركة، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز الرفض القاطع للحرب الشعواء في غزة.
ودعا ولي العهد السعودي، إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وتوفير ممرات إنسانية للتعامل مع الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة.
كما طالب بن سلمان بضرورة العمل على فك الحصار المفروض على قطاع غزة، مشيرًا إلى أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة هو إنهاء الاحتلال والحصار والاستيطان، وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يضمن استدامة الأمن والاستقرار في المنطقة ودولها.
وقال ولي العهد السعودي، إن المجتمع الدولي ومجلس الأمن، فشلا في وضع حد لانتهاكات إسرائيل الصارخة في قطاع غزة، داعيًا إلى العمل على فك الحصار عن غزة وإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، مشددا على رفض السعودية للتهجير القسري.
وأضاف: أننا أمام كارثة إنسانية تشهد على فشل مجلس الأمن والمجتمع الدولي في وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية الصارخة للقوانين والأعراف الدولية والقانون الدولي الإنساني وتبرهن على ازدواجية المعايير وانتقائية تطبيقها.
ومن جانبه، شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على الوقف الكامل لإطلاق النار في قطاع غزة، وكذلك وقف التهجير القسري لسكان القطاع، وأنه لا يجب فصل مستقبل قطاع غزة عن الضفة الغربية والقدس.
وأضاف أبو الغيط، أن استمرار الآلة العسكرية الإسرائيلية يرفع نسبة اندلاع صراع إقليمي، محذرًا من مغبة التهجير؛ لأنه يعد مخالفًا للقانون الدولي، كما أشار إلى أن الحديث عن التعامل الأمني مع القطاع دون تطبيق حل الدولتين يعد مضيعة للوقت.
وتابع أن الدول الغربية بدأت التجاوب مع تنظيم مؤتمر دولي للسلام للتعامل مع الصراع يقوم على حل الدولتين، رغم المواقف الصادمة، إلا أن الرأي العام يمر بحالة الاستفاقة.
وأردف أن حرب إسرائيل على قطاع غزة ليست الأولى، إسرائيل تمنت منذ احتلالها القطاع أن يهجر السكان القطاع أو أن يتم تهجيرهم، فيما انتقد تصريحات الوزير الإسرائيلي بشأن إمكانية إلقاء قنبلة نووية على سكان القطاع.
ولفت أبو الغيط إلى أن إسرائيل قتلت أكثر من 11 ألفًا مدنيًا في قطاع غزة، أكثر من 70% منهم من النساء والأطفال في حملة تطهير عرقي وإبادة على مرأى العالم، موضحًا أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فشل في إعفاء المدنيين من شر الحملة الإسرائيلية البشعة وتقييد يد إسرائيل التي تبرر ذلك بحق الدفاع عن النفس.
وبدوره، حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي، من أن التخاذل في حرب غزة، ينذر بتوسع المواجهات العسكرية في المنطقة.
وأضاف السيسي، أن مصر أدانت منذ البداية ترويع المدنيين والأعمال المنافية للقانون الدولي، ونجدد ذلك الآن، ونؤكد أن سياسة العقاب الجماعي غير مقبولة، ولا يمكن تبريرها بالدفاع عن النفس ولا بأي دعاوى أخرى، وينبغي وقفها على الفور.
وأشار إلى أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية مباشرة لتحقيق الوقف الفوري والمستدام دون شرط، ووقف الممارسات التي تستهدف التهجير القسري، مشددًا على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته، وضمان النفاذ الآمن للمساعدات الإنسانية.
وقال السيسي، إنه يجب أن تتحمل إسرائيل مسؤوليتها، كما يجب التوصل إلى صيغة تقوم على حل الدولتين، وإجراء تحقيق دولي في انتهاكات إسرائيل.
واعتبر أن ما يحدث في قطاع غزة، يكشف سوءات المعايير المزدوجة واختلال المنطق السليم وتهافت الادعاءات الإنسانية التي مع الأسف، تسقط سقوطًا مدويًا في هذا الامتحان الكاشف.
وشدد الرئيس السيسي على أن المجتمع الدولي، لاسيما مجلس الأمن، يتحمل مسئولية مباشرة للعمل الجاد والحازم لتحقيق ما يلي دون إبطاء:
أولا: الوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار في قطاع غزة بلا قيد أو شرط.
ثانيا: وقف كافة الممارسات التي تستهدف التهجير القسري للفلسطينيين إلى أي مكان داخل أو خارج أرضهم.
ثالثا: اضطلاع المجتمع الدولي بمسئوليته لضمان أمن المدنيين الأبرياء من الشعب الفلسطيني.
رابعا: ضمان النفاذ الآمن والسريع، والمستدام، للمساعدات الإنسانية، وتحمل إسرائيل مسئوليتها الدولية باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال.
خامسا: التوصل إلى صيغة لتسوية الصراع، بناء على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
سادسا: إجراء تحقيق دولي في كل ما تم ارتكابه من انتهاكات ضد القانون الدولي.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن الشعب الفلسطيني يتعرض لحرب إبادة لا مثيل لها، مضيفًا: قلبي يعتصر ألمًا وحزنًا وغضبًا على قتل آلاف الأطفال، وإبادة أسر بكاملها وتدمير المستشفيات والمساجد والمدارس والكنائس، وكل هذا على مسمع ومرأى من العالم.
وتابع الرئيس الفلسطيني: إلى متى هذا الاضطهاد وغياب العدالة بحق الشعب الفلسطيني، نحن أصحاب الأرض والقدس وعلم فلسطين سيبقى يوحّدنا والاحتلال مآله الزوال، إسرائيل تخطت الخطوط الحمراء بالقتل والتدمير.
وطالب عباس، مجلس الأمن الدولي بأن يتحمل مسؤولياته لوقف العدوان (الإسرائيلي) الغاشم على شعبنا وعلى الفور، كما دعا إلى تأمين إدخال المواد الطبية والغذائية وتوفير المياه والكهرباء والوقود إلى قطاع غزة.
كما شدد الرئيس الفلسطيني على رفض تهجير أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، داعيًا إلى منعه.
وحذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، من اتساع نطاق حرب إسرائيل على غزة، مطالبًا بالوقف الفوري لها.
وأضاف العاهل الأردني، أن الحرب ليست وليدة اليوم بل هي منذ 75 عامًا، مشيرًا إلى أن إسرائيل تسعى لجعل القطاع غير قابل للحياة من خلال تدمير البيوت والمقدسات والمستشفيات.
وأردف: هل على العالم انتظار المأساة والدمار ليدرك أن السلام العادل هو من يمنح الفلسطينيين السلام عبر حل الدولتين، الظلم الواقع يدل على فشل المجتمع الدولي في ضمان حقوق الفلسطينيين وقيام الدولة المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس.
ولفت إلى أنه لا يمكن السكوت على الأوضاع في غزة، ويجب أن تبقى الممرات الإنسانية مستدامة وآمنة لتوصيل المساعدات الغذائية والطبية، لأن منعها جريمة حرب، مؤكدا أن الأردن سيواصل مد القطاع بالمساعدات بكافة الوسائل الممكنة.
وقال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إنه يجب وقف جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في غزة فورًا، مطالبًا بموقف صارم.
وأضاف أمير قطر: كيف تبرر إسرائيل قصف المستشفيات، وهذه أمور غير مسبوقة، متى ستبقى إسرائيل فوق القانون الدولي؟.
وتابع أن هناك دول تمتنع عن إدانة الأعمال والانتهاكات الإنسانية من خلال قصف الأحياء السكنية ومخيمات اللاجئين وإجبار السكان على التهجير كل ذلك على مرأى العالم.
وأردف أن دولة قطر ثابتة في موقفها الداعم للقضية، وستستمر في مواصلة إيصال المساعدات مع الشركاء ونطالب بفتح ممرات آمنة دون عوائق وشروط، ونرفض التعسف واستخدام الابتزاز السياسي من قبل إسرائيل.
وأكد مضي قطر في دعم الجهود الدولية لخفض التصعيد وحماية المدنيين وإطلاق سراح الرهائن، معربا عن آماله في التوصل إلى هدنة إنسانية في القريب العاجل، لتجنب تفاقم الكارثة الإنسانية التي حلت بالقطاع.
وأدان أمير قطر استهداف المنشآت الصحية والتعليمية، وطالب بالتحقيق الدولي، مشددا على ضرورة اتخاذ خطوات رادعة وموقف صارم تجاه حرب غزة تبرز ثقل الدول الإسلامية.
ورأى الشيخ تميم بن حمد أن ارتكاب إسرائيل لجرائم الإبادة باستهتار، لا يلحق الضرر بالأمن العربي والإسلامي فحسب، بل بالأمن الوطني لدولنا.
واعتبر أن عدم إلزام المجتمع الدولي لإسرائيل بوقف الجريمة الجارية في غزة، هو رخصة للإمعان في هذا النهج الكارثي.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن صمت العالم إزاء حرب غزة مخجل، ويعد فقدًا للضمير، مشددًا على ضرورة وقف النار الدائم وإيصال الوقود للمستشفيات.
وأضاف أردوغان أن الكلمات باتت عاجزة عن وصف ما يجري في غزة منذ 7 أكتوبر مع استهداف المدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف بشكل بربري، ورأينا جثث الأطفال الأبرياء وأمهات مع أولادهن فارقن الحياة، وآباء يبحثون عن ذويهم. إسرائيل تنتقم من أحداث 7 أكتوبر بقتل الأبرياء.
وتابع أنه لا يمكن القبول بذلك أبدًا، لا شك أن أهل الضفة يتأثرون أيضًا، 73% من القتلى من النساء والأطفال، ولا يمكن اعتبار الدفاع عن النفس ذريعة لقتلهم.
واعتبر الرئيس التركي أن المدافعين عن أمريكا والغرب، ويدعون إلى حقوق الإنسان نسوا ذلك أمام حرب غزة، وهذا يتجلى في تصويت مجلس الأمن، وننتظر من الدول الداعمة لإسرائيل الإصغاء إلى النداءات، ويجب توحيد المواقف إزاء هذا الحدث وبذل الجهود لإيصال المساعدات.
وأردف: أننا بالتعاون مع مصر أرسلنا 10 شاحنات، وأطلقنا سفينة ستصل اليوم إلى ميناء العريس سنستمر في علاج المرضى، وستعقد تركيا في 15 نوفمبر اجتماعًا الهدف منه إيصال المساعدات دون توقف، يجب إعادة إعمار غزة عبر إنشاء صندوق بهذا الشأن.
وشدد على ضرورة محاسبة إسرائيل على هذه الجريمة من قبل مجلس حقوق الإنسان ومحكمة الجنايات الدولية، والنظر بموضوع الأسلحة النووية من قبل الوكالة الدولية للطاقة النووية التي تملكها، واصفًا إسرائيل بالفتى المدلل الذي لا يُحَاسَب.
واعتبر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أن الولايات المتحدة، شريكة لإسرائيل في الجرائم التي يشهدها قطاع غزة، إذ شجعت على الانتهاكات مبررة ذلك بالدفاع المشروع عن النفس، مؤكدًا أن الهيئات الدولية عجزت عن منع ووقف آلة الحرب.
وأضاف أن الولايات المتحدة شاركت بالحرب مع إسرائيل، ومنعت المصادقة على قرارات لمنع قتل الفلسطينيين، كما سلحت إسرائيل بأدوات فتاكة، والوقود، وشحنات السلاح الكبيرة يوميًا، مشددًا على ضرورة أن تأخذ الجهات الدولية موقفًا من ذلك.
وقال رئيسي إن المنظمات الدولية عاجزة عن ممارسة دورها في غزة، يجب وقف النار والهجمات العشوائية ضد المدنيين، وإنهاء آلة الحرب وتوفير المساعدات، علينا كدول إسلامية الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل وقطع العلاقات التجارية مع الكيان الصهيوني.
ودعا الرئيس الإيراني إلى اعتبار الجيش الإسرائيلي منظمة إرهابية ومعاقبة القادة المشاركين في عمليات القتل الجماعي، مشيرا إلى أنه يمكننا معالجة المشكلات بالوحدة، من خلال الاعتماد على قدرات الدول الإسلامية، التي تلعب دورًا صحيحًا.
وحذر رئيسي من إطالة أمد الحرب، قائلًا إنه يجب علينا كدول إسلامية أن نسلح الشعب الفلسطيني، ونطرد الكيان الإسرائيلي من خلال المقاومة التي حطمت الرقم القياسي بصمودها لأكثر من 30 يومًا، مشددًا على ضرورة تطبيق حل الدولتين.
ولفت إلى أن ما شهدناه في القطاع جسد البشاعة في تنفيذ إسرائيل لتلك المجازر، الكيان الإسرائيلي انتهك الحقوق الإنسانية واستخدام القنابل الفوسفورية المحظورة، هذا مرفوض، خصوصًا مع وجود أكثر من 3 آلاف شخص تحت الأنقاض وقتل أكثر من 11 ألف فلسطيني.
وفي الأثناء، طالبت حركة حماس، القادة والزعماء المجتمعين، في القمة العربية الإسلامية الاستثنائية في الرياض، باتخاذ قرار تاريخيّ وحاسم بالتحرك لوقف عدوان إسرائيل على قطاع غزّة فورًا.
كما دعت الحركة، في بيان، إلى توظيف كل أوراق القوة العربية والإسلامية لإنفاذ ذلك بالضغط على الإدارة الأميركية التي تتحمل المسؤولية المباشرة عن حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة.
وقالت حماس إن حصار المستشفيات في قطاع غزّة، وقصفها بشكل متواصل، ومنع وصول الوقود والماء والغذاء والإنترنت جريمة نكراء ضد الإنسانية وحرب إبادة جماعية يتحمّل مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية كلّ من يقف عاجزًا عن التدخّل الفوري لوقف هذه المجزرة المروّعة والكارثة الإنسانية.
وقبل انطلاق القمة عقد وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية اجتماعهم الوزاري التحضيري للقمة في الرياض بهدف التوافق بشأن مشروع البيان الختامي للقمة حول الموقف العربي والإسلامي الجماعي الموحد.
وقبل أيام، دعت فلسطين والسعودية -بصفتها تتولى الرئاسة الدورية للجامعة العربية- إلى عقد قمة عربية طارئة على مستوى القادة بشأن غزة، وتلتها دعوة من المملكة منظمة التعاون الإسلامي إلى عقد اجتماع مماثل كونها تترأس الدورة الحالية أيضا.
ومنذ 36 يوما يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا جوية وبرية وبحرية على غزة دمر خلالها أحياء سكنية على رؤوس ساكنيها، وقتل 11 ألفا و78 فلسطينيا -بينهم 4506 أطفال و3027 سيدة و678 مسنا- وأصاب 27 ألفا و490 بجروح مختلفة.