الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تتحدى الغطرسة الإسرائيلية.. أنفاق غزة ابتكار عسكري غير مسبوق

الرئيس نيوز

ظل الصراع بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل محتدمًا منذ عقود، لكنه اتخذ في السنوات الأخيرة منعطفا جديدا ومميتا فيما يمكن وصفه بحرب الأنفاق فقد استخدمت المقاومة الفلسطينية الأنفاق تحت الأرض لشن حرب يصعب اكتشافها أو منعها أو إيقافها.

ووفقًا لملف خاص نشره موقع "يورآسيا ريفيو، أصبحت الأنفاق رصيدا استراتيجيا تمتلكه المقاومة الفلسطينية وتحديا كبيرا للاحتلال الإسرائيلس كما أن هذه الأنفاق مستهدفة أيضًا من قبل إسرائيل التي تعتبرها تهديدًا أمنيًا خطيرًا وتستخدم أساليب وتقنيات مختلفة لتحديد مواقعها وتدميرها. 

وكشف الملف الخاص عن خلفية الأنفاق وأهدافها وميزاتها وعواقبها، والتقنيات والأدوات التي يستخدمها الجانبان للقتال تحت الأرض.

تاريخ الأنفاق والغرض منها

تستخدم المقاومة الفلسطينية بشكل رئيسي أنفاق غزة للقتال ضد إسرائيل وتم حفر الأنفاق لأول مرة في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، خلال الانتفاضة الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي وكانت تستخدم في البداية لنقل البضائع عبر الحدود وكذلك للاختباء والهروب من الغارات الإسرائيلية وبعد انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، قامت المقاومة الفلسطينية بتوسيع الأنفاق واستخدامها كقاعدة لإطلاق الصواريخ والتسلل إلى الأراضي الإسرائيلية وتستخدم الأنفاق أيضًا كملاجئ ومراكز قيادة ومستشفيات ومرافق تخزين لمقاتلي المقاومة الفلسطينية والمدنيين. 

ويقدر طول الأنفاق بحوالي 300 كيلومتر، وبعضها مدعم بالخرسانة ومجهز بالكهرباء والتهوية وكانت الأنفاق بمثابة شريان الحياة لسكان غزة الذين يواجهون حصارًا من قبل إسرائيل ونقصًا في السلع والخدمات الأساسية. 

تسمح الأنفاق بنقل المواد الغذائية والأدوية والوقود ومواد البناء وحتى الحيوانات والمركبات. كما تشكل الأنفاق مصدر دخل وفرص عمل للعديد من سكان غزة الذين يعملون حفارين أو تجارًا أو ينتمون إلى أي مهنة أخرى وتشير التقديرات إلى أن تجارة الأنفاق تدر ملايين الدولارات سنويا، وتمثل ما يصل إلى 40% من الناتج المحلي الإجمالي لغزة.

كما تعد الأنفاق رمزًا للمقاومة والصمود بالنسبة للفلسطينيين الذين يعتبرونها وسيلة لتحدي الاحتلال والحصار الإسرائيلي وغالبًا ما تزين الأنفاق بالأعلام والملصقات والكتابات على الجدران، ويحمل بعضها أسماء مثل نفق "الحرية" ونفق "النصر" ونفق "الاستشهاد" كما ألهمت الأنفاق الفن والأدب والموسيقى مثل الفيلم الوثائقي "غزة تحت الأرض"، ورواية "كتاب غزة"، وأغنية الراب "تجارة الأنفاق" لإم سي غزة.

كما تعتبر الأنفاق أيضًا هدفًا للتدمير والجدل بالنسبة للإسرائيليين وتعتبر إسرائيل الأنفاق تهديدا أمنيا كبيرا واستهدفتها مرارا وتكرارا بغارات جوية وعمليات برية وحواجز تحت الأرض كما اتهمت إسرائيل المقاومة الفلسطينية بتحويل المساعدات الإنسانية والموارد عن سكان غزة لبناء الأنفاق وزعمت إسرائيل أيضًا أنها دمرت أو ألحقت أضرارًا بمئات الأنفاق وزعمت قتل أو أسر العديد من مقاتلي وقادة المقاومة الفلسطينية.

تصميم وهيكل الأنفاق

تعد أنفاق غزة معقدة وواسعة للغاية، وقد استثمرت المقاومة الفلسطينية الكثير من الموارد والجهود لبناء هذه الأنفاق وصيانتها وعادة ما تكون الأنفاق على عمق حوالي 20 مترًا (65 قدمًا) تحت الأرض، لكن بعضها يمكن أن يصل عمقه إلى 70 مترًا (230 قدمًا) تحت سطح الأرض كما أن الأنفاق مخبأة تحت المباني المدنية والبنية التحتية مما يجعل من الصعب اكتشافها وتدميرها دون التسبب في أضرار جانبية.

وللأنفاق أنواع ووظائف مختلفة حسب موقعها والغرض منها. بعض الأنواع الرئيسية للأنفاق هي:

– أنفاق التهريب:
وهي الأنفاق التي تربط غزة بمصر، وتستخدم لتهريب البضائع والأسلحة عبر الحدود. وغالبًا ما تكون هذه الأنفاق ضيقة وغير عميقة ويتم حفرها يدويًا أو بأدوات بسيطة كما أن هذه الأنفاق معرضة للفيضانات والانهيارات والإغلاق فور اكتشافها.

– أنفاق الهجوم: 
هي الأنفاق التي تعبر الحدود مع إسرائيل، وتستخدم لإطلاق الصواريخ والتسلل إلى الأراضي المحتلة وغالبًا ما تكون هذه الأنفاق واسعة وعميقة، ويتم حفرها بالجرافات والمتفجرات كما تم تدعيم هذه الأنفاق بالخرسانة ومعادن التسليح، ومجهزة بالكهرباء والتهوية كما أن هذه الأنفاق مفخخة بالمتفجرات ومزودة بكاميرات وأجهزة استشعار.

– الأنفاق الدفاعية:
وهي الأنفاق التي تمر تحت قطاع غزة، وتستخدم للاختباء والهروب من الغارات الإسرائيلية، وتخزين ونقل المعدات والمقاتلين وهي بمثابة ملاجئ ومراكز قيادة ومستشفيات ومرافق تخزين لمقاتلي المقاومة الفلسطينية والمدنيين.

وتعتبر الأنفاق استراتيجية للغاية ومتعددة الاستخدامات، وتستخدمها المقاومة الفلسطينية لأغراض مختلفة وتسمح الأنفاق للمقاومة الفلسطينية بتجنب الغارات الجوية، ونقل المقاتلين والأسلحة، وشن هجمات مفاجئة وزرع القنابل كما تسمح الأنفاق المقاومة الفلسطينية بالحفاظ على وجودها ونفوذها في قطاع غزة، حتى بعد خسارتها معظم أراضيها أمام قوات الاحتلال وتمنح الأنفاق المقاومة الفلسطينية ميزة في الحرب غير المتكافئة حيث يمكنها مفاجأة قوات الاحتلال ونصب الأكمنة لها وتجنب المواجهة المباشرة.

الأساليب والتقنيات المستخدمة لتحديد موقع الأنفاق وتدميرها

تشكل الأنفاق تحديًا كبيرًا لإسرائيل في هذا الصراع لأنها معقدة للغاية وواسعة النطاق واستراتيجية وأطلقت إسرائيل عدة عمليات لتحديد مواقع الأنفاق وهدمها، باستخدام أساليب وتقنيات مختلفة وبعض الأساليب والتقنيات الرئيسية هي:

-القنابل الإسفنجية: القنابل الإسفنجية عبارة عن جهاز متخصص مصمم لإغلاق نهاية النفق وهي صغيرة بما يكفي بحيث يمكن لشخص واحد أن يضعها، وهي قنبلة كيميائية غير متفجرة تطلق دفعة من الرغوة المتوسعة التي تتصلب بسرعة.

تخطط إسرائيل لاستخدام القنابل الإسفنجية في غاراتها البرية للقتال عبر متاهة أنفاق المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ومن شأن القنابل الإسفنجية أن تمنع تعرض الجنود الإسرائيليين لكمين أثناء تقدمهم داخل شبكة الأنفاق، مما يؤدي إلى إغلاق الفجوات أو مداخل الأنفاق التي قد يخرج منها مقاتلو المقاومة الفلسطينية كما أن القنابل الإسفنجية ستحاصر أي مقاتلين مختبئين في الأنفاق، وتقطع طرق هروبهم وإمداداتهم والقنابل الإسفنجية موجودة في حاوية بلاستيكية ذات حاجز معدني يفصل بين سائلين وبمجرد إزالة الحاجز، تمتزج السوائل، ويتم إما ضبط الجهاز على هدفه بواسطة فرد أو رميه ومع ذلك، فإن استخدام القنابل الإسفنجية خطير أيضًا، وقد فقد بعض الجنود الإسرائيليين أبصارهم بسبب سوء التعامل مع الخليط.

– الغارات الجوية: 
استخدم الاحتلال قوته الجوية لقصف الأنفاق باستخدام ذخائر دقيقة التوجيه وقنابل خارقة للتحصينات كما استخدم الطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية لرصد واستهداف الأنفاق ومع ذلك، فإن الغارات الجوية ليست فعالة للغاية، حيث لا يمكنها الوصول إلا إلى الأنفاق الضحلة، ويمكن أن تسبب أضرارًا جانبية للمدنيين والبنية التحتية.

– القوات البرية:
استخدم الاحتلال قواته البرية للدخول إلى قطاع غزة والبحث عن الأنفاق باستخدام الجرافات والمتفجرات والكلاب كما استخدم جنودًا مدربين على الملاحة والقتال في الأنفاق المعروفة باسم فئران الأنفاق ومع ذلك، فإن العمليات البرية محفوفة بالمخاطر للغاية لأنها تعرض جنود الاحتلال للكمائن والأفخاخ المتفجرة والقناصين.

– أجهزة الاستشعار: 
استخدم الاحتلال أجهزة استشعار مختلفة لكشف وتحديد الأنفاق تحت الأرض مثل أجهزة الاستشعار الزلزالية والصوتية والمغناطيسية والحرارية. كما طورت إسرائيل نظام استشعار جديد يمكنه تحديد موقع الأنفاق تحت الأرض وتحديدها ويحمل النظام الاسم الرمزي "Mispar Hazak" أو رقم الطاقة ويتضمن النظام وضع أجهزة الجيوفون، وهي أجهزة تقيس موجات الطاقة في الأرض، على عمق 1.5 متر في الأرض.

وقد تم تجهيز الجيوفونات بمكونات صوتية مأخوذة من أجهزة الاستشعار التي تستخدمها البحرية والأجهزة المستخدمة في البحث عن النفط واجتاز النظام الاختبارات الأولية وسيكون جاهزًا للعمل بحلول أواخر عام 2023.