لهيب المساءلة يقترب من أطراف نتنياهو
يخوض رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي مناورة سياسية جديدة لإنقاذ مكانته السياسية عبر خطته لإلقاء اللوم على جيش الاحتلال إخفاقه في التنبؤ بهجوم الفلسطينيين على المستوطنات في غلاف غزة وبذلك يطمح إلى التهرب من المساءلة، وفقًا للعديد من التقارير الإخبارية التي أشارت في الوقت نفسه إلى حالة غليان بين قادة وضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي بسبب قيام نتنياهو بجمع الأدلة ضد الجيش والتشهير بعدد كبير من الضباط زاعما في محادثات خاصة أنه لم يحصل على المعلومات الاستخبارية لذلك لا يمكن إلقاء اللوم عليه ووفقًا لموقع "جاكوبين" الأمريكي، أدى هجوم 7 أكتوبر إلى تدمير مكانة نتنياهو بين الناخبين وربما تكون مسيرة نتنياهو السياسية، التي أعادت تشكيل المجتمع الإسرائيلي بشكل جذري، قد انتهت فعليًا.
بعد الهجمات
وأعرب "لوك سافاج"، مؤلف كتاب "تأملات في الليبرالية والديمقراطية بعد نهاية التاريخ" عن دهشته من انهيار شعبية نتنياهو في إسرائيل، فمن البديهي بشكل عام أن الحروب، على الأقل في بدايتها، تفيد الحكومات القائمة وسط مناخ الشوفينية والاحتشاد المحموم ليس فقط حول العلم الوطني، بل وحول شخصية قائد الحكومة كما حدث في أمريكا فور هجمات 11 سبتمبر، ولكن هذا لم يحدث في إسرائيل منذ بدء الصراع، ليجيبه الكاتب الأمريكي "ن. إيتينجرمينتوم": "إن الإسرائيليين يكرهون نتنياهو، لأن ما يواجهه جقًا ليست مجرد مشكلة عسكرية لم يتوقع أحد حدوثها، فثمة قضية يعرفونها منذ عقود، وكانت سؤالًا سياسيًا صريحًا منذ عقود، وكان عدد القتلى في أعقاب 7 أكتوبر بمثابة صدمة في إسرائيل، بالضبط هو الشيء الذي كان من المفترض أن يتحرك لمنع حدوثه ولكنه لم يحرك ساكنًا وكان الجيش في حالة استرخاء مذهلة، وسقط القتلى بأكبر عدد من اليهود في يوم واحد منذ المحرقة، ولكن ليس في ألمانيا النازية، هذه المرة على الأراضي الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي؟
النقاش الدائر الآن
لا يزال النقاش الدائر في إسرائيل إلى اليوم هو: "هل الأفضل أن يتم تسوية تفاوضية أم الأفضل قمع المقاومة الفلسطينية بالقوة العسكرية؟ لقد قال نتنياهو، طوال حياته المهنية، إن البنود المتفاوض عليها ساذجة، وتؤدي إلى نتائج عكسية، وغير واقعية وقد أضرت بإسرائيل أكثر مما ساعدتها، وكان هذا هو خطه الوحيد طوال حياته، واتضح أن نظرته للعالم بأكملها كانت خاطئة خاصة عندما طلب من الناخبين أن يحكموا عليه بناءً على قدرته على تحقيق الأمن في البلاد – يمكنك رؤية الإعلانات التي يظهر فيها نفسه كجليس أطفال أو كحارس إنقاذ يحافظ على سلامة الجميع وكان يروج لصورته على أنه "الحامي الذي لا غنى عنه" ولم يكن من المفترض أن يحدث ما حدث في 7 أكتوبر.
وصدم الإسرائيليون صدمة مخيبة للآمال في "الرجل الذي وعد لعقود من الزمن بأنه قادر على خلق الأمن من خلال سياساته، الرجل الذي أعطوه شيكًا على بياض ليفعل ما يريد خلال السنوات العشر الماضية، لقد ثبت أنه كان مخطئًا" وأنه مجرد أحمق فاسد، على حد تعبير موقع "جاكوبين" الأمريكي.
وانهارت مكانته السياسية واليوم، يقول 94% إن الحكومة تتحمل المسؤولية عن هجمات 7 أكتوبر ويريد الأغلبية أن يستقيل نتنياهو بمجرد انتهاء الحرب ويريدون استقالة وزير دفاعه، الذي كان يتمتع في السابق بشعبية كبيرة بحسب استطلاعات الرأي ويتمتع حزبه بأرقام استطلاعات منخفضة تاريخيًا وسيفوز، على أفضل تقدير بـ19 مقعدًا فقط في أي انتخابات قادمة، وقد يسخر البعض من القول إن هذا المأزق قد يكون نهاية نتنياهو، لأنه عاد من الموت السياسي مرات عديدة ولكن الأمر في هذه المرة مختلف، فنحن لسنا أمام مجرد فضيحة أو بعض القضايا البسيطة، بل إن المغزى من وجوده كشخصية سياسية انهار بشكل كامل.
حقبة ما بعد نتنياهو
ولم يقم نتنياهو بعمل جيد في الاستجابة للأزمة وما زال لم يعترف بمسؤوليته ولن يتحدث إلى أي شخص بل يبدو هزيلًا ومذعورًا، ويرى الموقع الأمريكي أن الإسرائيليين أمام نهاية حقبة، حقبة "ما بعد نتنياهو" الذي حصل على كل ما أراده، ولا يستطيع أن يعد بشيء على الإطلاق.
وتاريخيًا، غالبًا ما كان سقوط السياسيين الإسرائيليين في أعقاب التورط في صراعات طويلة ودموية، هكذا سقط مناحم بيجن بعد حرب لبنان، الذي حظي في البداية بشعبية كبيرة كما أنهت الانتفاضة مسيرة إيهود باراك، لأنها اعتبرت كارثة أمنية وأدت إلى صعود نتنياهو في المقام الأول وعندما تكون هناك انتخابات، سواء كانت في العام المقبل أو بعد خمس سنوات، لم يعد لدى نتنياهو هدف ويرى المراقبون أنه لن يستطيع البقاء سياسيًا دون هدف.