"الشيوخ" يحيل دراسة "اقتصاديات وصناعة الأسمدة الكيماوية" للحكومة
قرر رئيس مجلس الشيوخ المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، إحالة دراسة "اقتصاديات وصناعة الأسمدة الكيماوية في مصر"، إلى الحكومة; لتنفيذ ما ورد بها من توصيات.
جاء ذلك في ختام الجلسة العامة، اليوم الاثنين، حيث وافق المجلس على تقرير اللجنة المشتركة من لجنتي الزراعة والري، والطاقة والبيئة والقوى العاملة عن الدراسة المقدمة من رئيس لجنة الزراعة والري عبد السلام الجبلي حول "اقتصاديات وصناعة الأسمدة الكيماوية في مصر"، بعد أن استمع المجلس على مدار يومين إلى آراء عدد من الأعضاء، وممثلي الحكومة بشأن الدراسة.
وأكدت الدراسة أن صناعة الأسمدة الكيماوية في مصر من أهم الصناعات الواعدة، التي تحقق مردودا إيجابيا على الاقتصاد القومي من خلال دورها الحيوي في زيادة الإنتاج الزراعي، وخدمة خطط التنمية الزراعية بالنسبة للتوسع الزراعي الأفقي والرأسي، أو من خلال قدرتها الذاتية كسلعة صناعية تتمتع بآفاق مبشرة في مجال التصدير خاصة في ظل ما تتمتع به مصر من ميزة نسبية في هذه الصناعة التي يتزايد الطلب عليها عالميا.
وشملت أهداف الدراسة: التعرف على الوضع الراهن لاقتصاديات الأسمدة الكيماوية من حيث الإنتاج المحلي المتاح والاستهلاك في السوق المصري، وتحديد احتياجات الأراضي من الأسمدة، وتوفير جميع أنواع الأسمدة اللازمة لجميع الأراضي وبالأخص الأسمدة الآزوتية في ضوء التوسع الحالي والمستقبلي في الأراضي المستصلحة، وتلبية احتياجات المزارعين من الأسمدة الزراعية بأنواعها المختلفة، وإجراء تطوير للسياسة السمادية في مصر حتى يمكن الوصول إلى المستوى الذي يحقق الاستخدام الآمن للأسمدة في ظل التغيرات المناخية.
كما تستهدف الدراسة تحفيز الحكومة على وضع خطة محكمة للعمل على توفير الأسمدة في التوقيتات المحددة بالكميات المطلوبة وبالأسعار المناسبة، والوقوف على دور كل الجهات المعنية بملف الأسمدة في مصر، وتقديرحجم الطلب المتوقع على الأسمدة بما يمكن من إعداد خريطة سمادية شاملة، والمساهمة في إيجاد حل نهائي وجذري لمنظومة إنتاج واستهلاك وتوزيع وتصدير الأسمدة.
واستعرضت الدراسة التحديات التي تواجه صناعة الأسمدة الآزوتية في مصر، ومن بينها: عدم التزام المصانع المنتجة للأسمدة بتسليم النسبة المقررة المقدرة بنحو (55 %) من إجمالي الانتاج إلى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي لتغطية احتياجات السوق المحلي، وزيادة تكاليف النقل والشحن الحالية للأسمدة، ولجوء بعض المزارعين إلى استلام حصصهم من الأسمدة وبيع جزء منها في السوق السوداء، وعدم التزام المزارعين بالزراعة وفقا للتركيب المحصولي المدون بالبطاقات الزراعية، وقيامهم بصرف الأسمدة المقررة للمحاصيل الزراعية التي قد لا تحتاج لأسمدة وقت الصرف، والتفاوت الكبير بين أسعار الأسمدة المدعمة وأسعار الأسمدة المصدرة، الأمر الذي يدفع الشركات المنتجة للتوجه إلى التصدير.
كما تتضمن التحديات الزيادة المستمرة في أسعار الخامات نتيجة زيادة أسعار الوقود والزيوت وقطع الغيار وتكلفة العمالة، وقيام المزارعين باستخدام كميات عالية من التسميد الآزوتي باعتقاد خاطئ أن ذلك يؤدي إلى زيادة الانتاجية المحصولية، ومعاناة بعض الشركات من انخفاض الطاقات التخزينية لديها، والنقص في التمويل المقرر لصناعة الأسمدة من جانب البنك الزراعي المصري، وعدم وجود تقديرات حقيقية لاحتياجات الزراعة المصرية من الأسمدة الكيماوية ونقص المعروض من بعض أنواعها في السوق المحلي نتيجة التوجه نحو التصدير للخارج.
وأوضحت اللجنة المشتركة، من لجنتي الزراعة والري، والطاقة والبيئة والقوى العاملة التي نظرت الدراسة المقدمة من رئيس لجنة الزراعة والري عبد السلام الجبلي حول "اقتصاديات وصناعة الأسمدة الكيماوية في مصر"، أن أزمة الأسمدة المتكررة سنويا تكمن في نقص كميات الأسمدة الموردة من المصانع المنتجة إلى السوق المحلى وليس نقصا في كميات الإنتاج، حيث تبلغ الكميات المنتجة من الأسمدة الآزوتية حوالى 20 مليون طن/ سنويا (تعادل حوالي 7 ملايين طن يوريا)، بينما يبلغ الحد الأقصى للاستهلاك حوالى 12 مليون طن / سنويا ( تعادل حوالى 4 ملايين طن يوريا)، كما أن ارتفاع أسعار الأسمدة يعزى إلى وجود أكثر من سعر للأسمدة أحدهما مدعم بالجمعيات التعاونية الزراعية والآخر بالسوق السوداء، ما يتطلب توحيد سعر بيع الأسمدة بحيث يكون هذا السعر مناسبا ومقبولا للطرفين سواء المزارعين أو المصانع.
كما ترى اللجنة المشتركة ضرورة إجراء تطوير للسياسة السمادية وصولا إلى المستوى الذي يحقق ترشيد الاستخدام الآمن للأسمدة، وذلك عن طريق تحقيق مقننات سمادية متوازنة وسليمة لمختلف نوعيات الأراضي، بما يوائم الظروف البيئية المختلفة وكذلك الدورات الزراعية والتركيب المحصولي، مع وضع خطة محكمة من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي للعمل على توفير الأسمدة في التوقيتات المحددة وبالكميات المطلوبة.
كما يستلزم الأمر العمل على رفع كفاءة استخدام الأسمدة بكافة أنواعها، وذلك لضمان الحصول على المردود الاقتصادي المستهدف من التسميد بأفضل مستوى ممكن، مع العمل على تقليل الفاقد من الأسمدة، والتوسع في تصنيعها محليا، وإحكام الرقابة والمتابعة على توزيع الأسمدة، وإلزام المصانع المنتجة للأسمدة بالانتظام في توريد الحصص المقررة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وكذلك العمل على سرعة الانتهاء من مشروعات إنتاج الأسمدة بما يتيح زيادة الطاقة الإنتاجية من الأسمدة بما يسهم في توفيرها للسوق المحلى لدعم احتياجات المزارعين وتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية المتوقعة للتوسعات الأفقية في الأراضي المستصلحة.
يشار إلى أنه وفقا لقرار رئيس مجلس الوزراء، يتم توريد نسبة 55% من إنتاج مصانع الأسمدة إلى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وتوزيعها من خلال الجمعيات التعاونية بسعر 4500 جنيه للطن وهذا السعر يعادل نحو 30% من الأسعار العالمية، وبنسبة 10% من إنتاج مصانع الأسمدة للسوق المحلى بالسعر الحر للمساحات ذات 25 فدانا فأكثر، وتغيرت تلك النسبة حاليا مع مضاعفة الأسعار العالمية نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية، لاسيما وأن تلك الأزمة أدت إلى تفاقم حدة أزمة عدم توفير الأسمدة للمساحات ذات 25 فدانا فأكثر، حيث لا يوجد أمامها مصدر لتوفير الأسمدة الآزوتية سوى السوق السوداء خاصة في ظل عدم التزام المصانع المنتجة للأسمدة بتوفير نسبة 10% من إجمالي إنتاجها بسعر مناسب لتلك المساحات الكبيرة.
وأوصت اللجنة الحكومة (متمثلة في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي - وزارة البترول والثروة المعدنية - وزارة التجارة والصناعة - وزارة البيئة)، بتقدير حجم الطلب المتوقع على الأسمدة اللازمة لإنتاج المحاصيل الرئيسية لفترة قادمة، مع نشر هذه التقديرات لتصبح متاحة بشفافية حتى لا تحدث مشكلة في سوق الأسمدة تتسبب في رفع أسعارها، ووضع خطط واضحة لإنتاج واستهلاك وتوزيع وتصدير الأسمدة في جداول زمنية ملزمة لأطرافها، وإيجاد أسلوب جيد وعادل لتوزيع الأسمدة من أجل ضمان وصولها لمستحقيها، واعتبار توفير الأسمدة الكيماوية على المستوى المحلي بمثابة أولوية أولى، وتقديم خدمات إرشادية وتوعوية مناسبة للمزارعين تهدف إلى التوعية بكيفية استخدام الأسمدة بشكل مثالي، ووضع ضوابط وقواعد أساسية حاكمة لعمليات التصدير.
كما تتضمن توصيات اللجنة للحكومة: تحقيق سياسة سمادية متوازنة بشأن التربة والمياه والمحصول من خلال قيام أجهزة وزارة الزراعة بإعادة تحليل التربة، والمياه، وتحديد احتياجات المحاصيل من الأسمدة بمختلف أنواعها، والعمل على سرعة الانتهاء من منظومة الحيازة الإلكترونية (كارت الفلاح الذكي) الذي سيسهم بدوره المنوط له في ضبط منظومة توزيع الأسمدة في مصر، وإلزام المصانع المنتجة للأسمدة بالانتظام في توريد الحصص المقررة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وضرورة قيام لجان الرقابة والمتابعة بصفة مستمرة ودائمة بعمل حملات تفتيشية مفاجئة على الجمعيات الزراعية لمتابعة عمليات التوريد والتوزيع والتسليم للمزارعين، وضرورة التسعير العادل لمدخلات صناعة الأسمدة من الغاز الطبيعي والكهرباء، ووضع استراتيجية واضحة لكميات الغاز المستخدمة في صناعة الأسمدة حتى عام 2030، بهدف تطوير صناعة الأسمدة وتعظيم الاستفادة من الغاز الطبيعي.
وتشمل أيضا التوسع في توفير اللوجستيات المعنية بمنظومة الأسمدة مثل إنشاء المخازن اللازمة لتخزين الأسمدة، والمحافظة على سلامتها، ومنع تعرضها للفقد أو التلوث، ووسائل النقل اللازمة، والعمل على إنشاء المزيد من المصانع المنتجة للأسمدة وبالأخص الأسمدة المركبة والمخلوطة دعما لقطاع الزراعة مع تطوير وإضافة خطوط إنتاج للمصانع القديمة للتشغيل بكامل طاقتها الإنتاجية، وجذب المزيد من الاستثمارات في قطاع الشركات المنتجة للأسمدة، ودراسة إمكانية تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي، وإجراء دراسة لتقييم الأثر البيئي لكافة مشروعات مصانع الأسمدة القائمة.
وفيما يخص المنتجين (الشركات)، أوصت اللجنة المشتركة بضرورة التزام الشركات الحكومية المتعاقدة بسد احتياجات السوق المحلي من الأسمدة قبل التوجه نحو التصدير بأسعار مقبولة، والاستفادة الكاملة من التقنيات الحديثة في صناعة الأسمدة، والاهتمام بجودة المنتج والعبوات طبقا للمواصفات العالمية.
وفيما يخص الموزعين والتجار، أوصت اللجنة المشتركة بوضع حد أقصي لحصة كل تاجر شهريا، لكسر الاحتكار لهذه السلعة الاستراتيجية، والعمل على صرف الأسمدة على الجميع من خلال الجمعيات التعاونية الزراعية لتحقيق الشفافية، وعدم التلاعب بالأسعار، وضرورة إحكام الرقابة والتفتيش المستمر على كبار موزعي الأسمدة للتأكد من عدم وجود حالات احتكار للأسمدة.
وفيما يخص المزارعين، أوصت اللجنة بضرورة الالتزام بالزراعة وفقا للتركيب المحصولي المدون بالبطاقات الزراعية، والاستخدام الكفء للسماد بدءا من مرحلة الإنبات إلى مرحلة النضج، ومراعاة الطرق المختلفة لإضافة الأسمدة وفقا لطبيعة المحصول، ونوع التربة، والظروف المناخية الملائمة للمحصول، وضرورة توفير الأسمدة التي اعتاد الفلاح على شرائها، من خلال قيام الشركات المنتجة بإنتاج النوعيات التي يحتاج إليها السوق دون فرض سماد متطور غالي لا يطلبه الفلاح.