الجارديان: نهاية اللعبة تتلخص في دفع الفلسطينيين خارج أرضهم
بينما تسقط القنابل خلفهم، يتجمع الفلسطينيون اليائسون عند معبر رفح الحدودي وهذا بالضبط ما يريده بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، وبعد ساعات فقط من الهجوم المباغت الذي شنه الفلسطينيون على المستوطنات في غلاف غزة، خرج بنيامين نتنياهو إلى موجات الأثير ليعلن الحرب على حماس ويصدر تحذيرًا للفلسطينيين في غزة: “ارحلوا الآن”.
وتقول صحيفة الجارديان البريطانية: "لم يُطرح السؤال حول المكان الذي يجب أن يذهب إليه 2.3 مليون فلسطيني، غالبيتهم العظمى من اللاجئين الذين عاشوا تحت حصار وحشي على مدى الأعوام الستة عشر الماضية".
وشرعت إسرائيل في شن هجوم جوي غير مسبوق، حيث أسقطت أكثر من 6000 قنبلة على القطاع المكتظ بالسكان في الأيام الخمسة الأولى وحدها ثم جاء الأمر: توجيه لسكان شمال غزة البالغ عددهم 1.1 مليون نسمة بإخلاء منازلهم خلال 24 ساعة وظهرت الخرائط التي تظهر ممرات الإخلاء التي طُلب من الفلسطينيين الفرار عبرها، كمظهر من مظاهر الخيال الاستعماري: سهمان طويلان يشيران جنوبًا، بعيدًا عن فلسطين.
وتقاوم الدول المجاورة ضغوط الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لفتح البوابات وقبول طوفان من الفلسطينيين الفارين من الاعتداء المتواصل والأزمة الإنسانية وبدلًا من الضغط على إسرائيل لوقف حملة القصف وحماية حياة المدنيين والسماح بدخول المساعدات، حاولت العديد من الحكومات الغربية بدلًا من ذلك التوسط في صفقات ملخصها رحيل الفلسطينيين من أراضيهم، وعرضت خلال هذه المباحثات حوافز اقتصادية مقابل السماح بدخول الفلسطينيين إلى الدول المجاورة.
ومع ذلك، ظلت الدول المجاورة متمسكة بموقف عربي مبدئي ثابت على رفض السماح بإعادة التوطين الجماعي للفلسطينيين في أي منطقة عربية، وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي: “نرفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم”، مشددًا على أن “القضية الفلسطينية هي أم القضايا ولها الأثر الكبير على الأمن والاستقرار” كما حذر من خطورة سياسات الاحتلال.
وحذر وزير الخارجية سامح شكري، في حديث لشبكة سي إن إن، من أن إعادة التوطين القسري للفلسطينيين يشكل جريمة حرب" ويبدو رفض سياسة ترقى في الأساس إلى نكبة ثانية (التهجير الجماعي للفلسطينيين خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948) أمرَا جديرًا بالثناء، والرغبة الأكيدة في تجنب ما قد يعتبر سيناريو كابوسي يتمثل في مواجهة أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين خارج أراضيهم التاريخية.
وفي الوضع الراهن، وصل الوضع في غزة إلى طريق مسدود كارثي فالغذاء والماء ينفد، ولا يكفي ما تم دخوله من مساعدات عاجلة لإعاشة أكثر من مليون فلسطيني في قطاع غزة المحاصر وقد استنفدت الأدوية والإمدادات الحيوية الأخرى، حيث يقوم الأطباء بإجراء عمليات جراحية على الأرض، وغالبًا بدون تخدير ولا يوجد سوى القليل من الوقود أو الكهرباء وحتى ألوان الجدران تم طمسها، وتحولت أحياء بأكملها الآن إلى أنقاض يعلوها الغبار الخرساني الرمادي.
وحتى يوم الخميس، بلغ عدد الشهداء في غزة 3478، من بينهم أكثر من ألف طفل، وفقا لوزارة الصحة في غزة ويعتقد أن 1300 شخص آخرين مدفونون تحت الأنقاض، أحياء أو أمواتا ونزح نحو مليون شخص والعديد من الفظائع التي لا توصف والتي لم تكتشف بعد.
ويروي الفلسطيني "محمد الغلاييني"، الذي فر من منزله في مدينة غزة إلى خان يونس ويقيم عند بعض معارفه: "أعتقد أن نهاية اللعبة بالنسبة لإسرائيل هي أن يتم إخراج الفلسطينيين من غزة إلى الدول المجاورة وهذه هي خطة لعبهم بنسبة 100% وأعتقد أن هذا تطهير عرقي وإبادة جماعية في آن واحد”، وفكرة توطين الفلسطينيين في خارج أراضيهم ليست جديدة وفي منتصف الخمسينيات، وضعت الأمم المتحدة خطة لنقل آلاف اللاجئين الفلسطينيين وهو مشروع قوبل بغضب شعبي وتم سحقه في انتفاضة شعبية وفي عام 1967، طرح الإحتلال الإسرائيلي تصورات لخطة الألون، التي صاغها السياسي الإسرائيلي ييجال ألون، وفي عام 1971، تم نقل حوالي 400 عائلة فلسطينية شردها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حين تم ترحيل 12 ألف من أقارب المسلحين الفلسطينيين المشتبه بهم إلى معسكرات الاعتقال ولم يتمكنوا من العودة إلى غزة إلا بعد عقدين من الزمن بعد ضغوط دولية كبيرة.
إسرائيل تغتنم الفرصة والغرب يهلل للاحتلال
وبينما تهتف الحكومات الغربية بدعم جيش الاحتلال، فإنهم يدفعون الفلسطينيين في غزة إلى حافة الهاوية وربما يحاولون إخراجهم من غزة تمامًا، من أجل مد الأسهم على الخرائط إلى الخارج ولكن المشاهد التي نشهدها في إسرائيل وغزة تمثل فصلًا جديدًا في الصراع في الشرق الأوسط والعواقب وحجم الخسائر مدمرة بالفعل، ومن المرجح أن يعمل الهجوم الأخير والحرب البرية المحتملة في تشكيل السياسة العالمية لسنوات قادمة.