قمة "القاهرة للسلام" توفر زخم جديد لحل الدولتين وسط مطالب بمزيد من المساعدات لغزة
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية صورًا لمتطوعين وموظفي منظمات الإغاثة وعمال إغاثة مصريين بينما يحتفلون بعد تفريغ حاويات تحتوي على الإمدادات وتعود من غزة إلى الجانب المصري من الحدود أمس السبت.
وقالت الصحيفة: "وصلت شاحنات المساعدات إلى غزة يوم السبت للمرة الأولى منذ بداية الحرب، ودخلت عبر معبر رفح الحدودي المصري.
بينما اجتمع زعماء العالم في القاهرة لبحث حل للقضية الفلسطينية، قالت إسرائيل إنها تنتوي زيادة وتيرة هجماتها على حماس.
وقال منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن جريفيث إن القافلة المتجهة إلى غزة كانت تحمل "إمدادات منقذة للحياة" بما في ذلك الغذاء والماء والدواء، مضيفا أن الأزمة وصلت إلى "مستويات كارثية".
وحذر الفلسطينيون يوم السبت من أن القطاع المدمر الذي يسكنه 2.3 مليون نسمة، على وشك الانهيار، مع نزوح أكثر من نصف السكان بسبب القتال.
وفي الوقت نفسه، قالت إسرائيل إنها تكثف هجماتها على غزة استعدادًا للمراحل التالية من الحرب.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي الأدميرال دانييل هاجاري في مؤتمر صحفي: “سنعمق هجماتنا لتقليل المخاطر التي تتعرض لها قواتنا في المراحل التالية من الحرب”، مضيفًا: “سنزيد الهجمات اعتبارًا من اليوم”.
وفي القاهرة، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بعبوز الدفعة الأولى من المساعدات ولكنه دعا إلى تقديم “مساعدات إنسانية فورية وغير مقيدة ومستدامة” لغزة، قائلًا إنه يرحب بما تم السماح بعبوره من شاحنات يوم السبت، في حين حذر من أنها غير كافية إلى حد كبير للمساعدة في تخفيف الأزمة ولكن إسرائيل أعلنت عن "حصار كامل" على غزة منذ ما يقرب من أسبوعين، بعد أن شنت حماس هجومًا مفاجئًا على القواعد العسكرية والمستوطنات القريبة من الحدود، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1400 شخص.
ومن جانبه، أشار الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى قافلة المساعدات قائلًا: “إن افتتاح طريق الإمداد الأساسي هذا كان نتيجة أيام من الجهود الدبلوماسية على أعلى المستويات وقد أوضحت منذ بداية هذه الأزمة... أن المساعدة الإنسانية كانت حاجة ملحة وعاجلة ويجب أن تتحرك قدمًا".
وجددت الإغاثة الطارئة يوم السبت – والإفراج يوم الجمعة عن رهينتين أمريكيتين محتجزتين لدى حماس الآمال في إمكانية وجود مجال للمفاوضات الإنسانية وأثناء قمة القاهرة للسلام التي عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي في القاهرة، نقلت مجموعة من القادة العرب رسالة موحدة: يجب أن تتوقف الهجمات على المدنيين في غزة ويجب السماح بدخول المساعدات الإنسانية وحث القادة العرب على استئناف عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية بطريقة أو بأخرى كما وجه الزعماء العرب، الذين جلسوا مباشرة مقابل وزراء خارجية فرنسا وألمانيا ودول غربية أخرى، اتهامات مريرة بشأن ما وصفوه بالمعايير الأوروبية والأمريكية المزدوجة.
وحذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الغرب من أنه من "الخطير" التغاضي عن معاناة المدنيين الفلسطينيين، وقارن إدانات الزعماء الغربيين القوية للانتهاكات في الصراعات الأخيرة الأخرى - في إشارة واضحة إلى الضربات الروسية على المدنيين في أوكرانيا - بما قال إنه عدم وجود إدانات مماثلة للحصار الإسرائيلي وقصف غزة.
وتزامنت القمة، في مصر، مع مرور أسبوعين على بدء الحرب التي بدأت بهجوم فلسطيني خاطف على إسرائيل ما أدى إلى مقتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل، ويعتقد أن حماس تحتجز أكثر من 200 رهينة ويقول مسؤولون فلسطينيون إن الغارات الإسرائيلية قتلت 4385 شخصا في غزة.
وصرحت القائمة بالأعمال الأمريكية، السفيرة بيث جونز، بأن الولايات المتحدة ممتنة للقمة، وقالت للحاضرين: “ما زلنا أكبر مساهم في العالم في المساعدات للشعب الفلسطيني ونظل ملتزمين بتطلعاتهم إلى حل الدولتين”.
وقد أعرب بايدن والعديد من الزعماء الأوروبيين عن دعمهم القوي لإسرائيل، لكنهم دعوا مرارًا وتكرارًا إلى تقديم الإغاثة الإنسانية في غزة وحماية المدنيين مع تزايد عدد القتلى هناك ويتهم بعض منتقدي الغرب في الشرق الأوسط وأماكن أخرى الزعماء الغربيين بالفشل في ممارسة ضغوط كافية على إسرائيل لكبح جماح قصفها لغزة أو رفع حصارها.
إجراءات صارمة
قال تشارلز ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي، في قمة يوم السبت: “علينا اتباع كل السبل الممكنة لحماية المدنيين، وخاصة الأطفال”، مضيفا أن دفاع إسرائيل يجب أن يكون “ضمن إطار القانون الدولي”.
وجاء التقدم المحدود الذي تحقق يوم السبت بعد أن أعلن بايدن هذا الأسبوع أنه توصل إلى اتفاق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسماح بإيصال المساعدات عبر مصر إلى غزة، مع مراعاة شروط صارمة.
وقالت إسرائيل في البداية إنها لن تسمح بدخول أي كهرباء ومياه ووقود وغيرها من الضروريات إلى غزة حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن الذين تم احتجازهم خلال هجوم 7 أكتوبر.
وقال المركز الصحفي الحكومي الذي تسيطر عليه حماس في غزة يوم السبت إن السلطات تنتظر قيام الأونروا، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، بتوزيع المساعدات وكان الشرط الأمريكي والإسرائيلي بعدم وصول أي شحنات إلى حماس من بين العقبات الرئيسية التي تنازع القادة والدبلوماسيون حول شروط دخول المساعدات خلال الأيام الماضية وظلت أكثر من 200 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية عالقة على الجانب المصري لعدة أيام وكان معظمهم لا يزالون ينتظرون دخول القطاع يوم السبت.
وقالت نبال فرسخ، المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، عبر الهاتف من مدينة رام الله بالضفة الغربية لصحيفة واشنطن بوست، إنها تشعر بخيبة أمل لأن قافلة يوم السبت لم توفر الوقود، الذي قالت منظمة الصحة العالمية إنه ضروري ليشمل مولدات المستشفيات وسيارات الإسعاف ومحطات تحلية المياه ولا تزال الحكومة الإسرائيلية تعارض تسليم الوقود وتصر على تفتيش المساعدات خشية وجود أسلحة وفقًا للمزاعم الإسرائيلية.
صعوبات ومخاطر
صرحت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، في مقابلة يوم السبت: "من الواضح أن هذا ليس كافيًا" وأضافت أن ثلاث شاحنات محملة بحصص إعاشة طارئة لبرنامج الأغذية العالمي كانت من بين 20 مركبة تمكنت من العبور يوم السبت.
وأضافت: “نحن بحاجة إلى إطعام حوالي 800 ألف إلى مليون نسمة داخل غزة ولا يمكننا أن نفعل ذلك بعشرين شاحنة فقط”.
وتابعت أنه من المتوقع أن يبدأ تسليم المساعدات “جديًا” يوم الاثنين، على الرغم من أنها لن تصل على الفور إلى مستوى 100 شاحنة يوميًا، وهو ما كانت الأمم المتحدة تطالب به.
وقالت ماكين إن سلامة الموظفين والأشخاص الذين يتلقون المساعدات تظل مصدر قلق رئيسي، وأنها تحاول الحصول على ضمانات بأن المساعدات الغذائية يمكن توزيعها بأمان قدر الإمكان.
وفي الأثناء تعرضت كنيسة تاريخية تؤوي المدنيين للقصف في انفجار مميت بمدينة غزة وقصفت إسرائيل أحد المساجد في القطاع.
ويواجه العاملون في المجال الإنساني مخاطر جسيمة في غزة. وقال المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني إن 17 شخصا يعملون لدى الأونروا قتلوا منذ بدء الحرب، مضيفا أن الرقم الحقيقي من المرجح أن يكون أعلى وأصبح مستشفى الشفاء، وهو أكبر مجمع طبي في غزة، نقطة جذب للسكان اليائسين حتى في الوقت الذي يعاني فيه طاقم المستشفى من نقص الإمدادات.
وذكر محمود جندية (40 عاما)، وهو حلاق في حي الشجاعية بمدينة غزة، أنه يحصل على الكهرباء من المستشفى لتشغيل مجموعة من ماكينة الحلاقة لكسب قوته وإطعام أطفاله.
وأكد: "لقد رحلنا من بيوتنا وتم تدميرها بالكامل... نهرب إلى أحد المنازل، لكنه يتعرض للقصف، فنهرب إلى مكان آخر.. الى اين يمكن ان نذهب؟ لن نهاجر وسنموت على أرضنا”.
وقال عيسى دغموش (27 عاما) إنه يتناول هو وأسرته وجبة واحدة يوميا معقبًا “ذلك غفط بشرط أن نكون محظوظين”. وأضاف: "الحزن العميق واضح على وجوه الناس".
زخم جديد لحل الدولتين
وقد وفرت الضربات الإسرائيلية في غزة زخمًا للقادة العرب الذين يدعون إلى حل الدولتين ودعا السيسي في كلمته الافتتاحية إلى “البدء العاجل للمفاوضات لإحياء عملية السلام”.
وقال العاهل الأردني الملك عبد الله: “لا يجب علينا، ولا يمكننا، شطب هذا الصراع باعتباره ذهب إلى أبعد من اللازم، من أجل الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء”.
واختتم كلامه بالقول: "حان وقت العمل الآن" وأرسلت المملكة المغربية، التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل عام 2020، وزير خارجيتها إلى مؤتمر السلام لنقل رسالة مماثلة ودعا وزير الخارجية ناصر بوريطة إلى “دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل”.
كما دعت المملكة العربية السعودية – التي كانت تجري محادثات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وهي أولوية رئيسية في السياسة الخارجية لإدارة بايدن – إلى “وقف فوري” للقتال، مع دعم وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان الجهود المبذولة لمساعدة “الفلسطينيين على إقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة” على حدود 1967.
ويواجه أي تجديد لعملية السلام العديد من العقبات، بما في ذلك معارضة كلا الجانبين من فصائل مثل حماس والإسرائيليين اليمينيين الذين دعموا توسيع المستوطنات في الضفة الغربية.
وفي إحدى فعاليات الحملة الانتخابية يوم الجمعة، قال بايدن إن هجوم حماس هذا الشهر كان يهدف جزئيًا إلى تعطيل المفاوضات التي تيسرها الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية، حسبما ذكرت رويترز وحدث مسؤولون إسرائيليون عدد الرهائن الذين قالوا إنهم محتجزون في قطاع غزة إلى 210 اليوم السبت.
حماس تفرج عن رهينتين
وفي مؤتمر صحفي، قال هاجاري، المتحدث باسم قوات الاحتلال الإسرائيلي، إن هذا الرقم قد يرتفع، حيث تعمل السلطات الإسرائيلية على تحديد هوية الأشخاص الذين اختطفوا من بين 100 إلى 200 شخص فقدوا بعد 7 أكتوبر ولم يشمل هذا الرقم جوديث رعنان وابنتها ناتالي رعنان، الرهينتين الأمريكيتين اللتين أفرجت عنهما حماس يوم الجمعة بعد وساطة قطرية.
وقال بايدن في بيان إنه يشعر "بسعادة غامرة" بعودة الأمريكيتيْن، ووعدهما "بالدعم الكامل" من الحكومة الأمريكية ونشرت السفارة الأمريكية في إسرتئيل صورة لهما وهما تبتسمان ويتحدثان عبر الهاتف مع بايدن.
وتنفس أوري رانان، زوج جوديث السابق ووالد ناتالي، الصعداء عندما كان يتحدث إلى الصحفيين في إلينوي.
وقال أوري رعنان للصحفيين: “لقد كنت أنتظر هذه اللحظة لفترة طويلة ولم أنم منذ أسبوعين لقد تحدثت مع ابنتي في وقت سابق اليوم وهي تبدو جيدة جدًا وكانت سعيدة جدًا، وهي تنتظر العودة إلى أمريكا”.