عاجل| تحذيرات أمريكية لإسرائيل من جَرِّ حزب الله إلى الحرب.. ما علاقة إيران؟
حَضَّ الرئيس الأمريكي جو بايدن وكبار مساعديه قادة إسرائيل على تجنب شن هجوم كبير ضد حزب الله اللبناني، لتجنب جره إلى الحرب التي تخوضها تل أبيب ضد حركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة.
ويخشى المسؤولون الأمريكيون من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ربما يوافق على ضربة وقائية ضد حزب الله في أعقاب هجمات 7 أكتوبر التي شنتها حماس، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 1400 قتيل وإصابة المئات.
وفي الوقت الحالي يريد بعض الأعضاء الأكثر تشددًا في حكومة الحرب الإسرائيلية مواجهة حزب الله، حتى في الوقت الذي تبدأ فيه إسرائيل صراعًا طويلًا ضد حماس بعد هجمات 7 أكتوبر الجاري.
هذه الرغبة الإسرائيلية اصطدمت برفض المسؤولين الأمريكيين وأبلغوا الإسرائيليين -بحسب ما أوردته نيويورك تايمز الأمريكية- بصعوبات محاربة كل من حماس في الجنوب، وحزب الله الأكثر قوة في الشمال.
وأعرب المسؤولون الأمريكيون عن اعتقادهم بأن إسرائيل ستواجه صعوبات في خوض حرب على جبهتين، وأن مثل هذا الصراع يمكن أن يجر كلًا من الولايات المتحدة وإيران، الداعم الرئيسي للجماعة.
وهذه الجهود التي يبذلها كبار المسؤولين الأمريكيين لتجنب هجوم إسرائيلي على حزب الله، تعكس مخاوف إدارة بايدن بشأن التخطيط الحربي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومستشاريه، حتى في الوقت الذي تسعى فيه الحكومتان إلى تشكيل جبهة موحدة قوية أمام الجميع.
ويريد المسؤولون الأمريكيون أيضًا كبح جماح حزب الله، وفي عدد كبير من الاجتماعات في أنحاء الشرق الأوسط، حض دبلوماسيون أمريكيون نظراءهم العرب على المساعدة في تمرير الرسائل إلى حزب الله، بما في ذلك خلال اتصالاتهم مع إيران، في محاولة لمنع اندلاع أي حرب بين إسرائيل وحزب الله، سواء كان ذلك من خلال إجراءات تتخذها الجماعة أو الإسرائيليون.
هجوم استباقي
وعلى الرغم من أن هذه المخاوف، قد تراجعت في الوقت الراهن، لأن نتنياهو لم يعد متحمسًا للفكرة، لا تزال المخاوف قائمة بشأن احتمالين، هما: رد فعل إسرائيلي مبالغ فيه على هجمات حزب الله الصاروخية، وتكتيكات إسرائيلية عنيفة في هجوم بري متوقع ضد حماس في غزة من شأنه أن يجبر حزب الله على دخول الحرب.
ونصح المسؤولون الأمريكيون نظراءهم الإسرائيليين خلال اجتماعات هذا الأسبوع بالحرص على ألا تعطي أفعالهم في الشمال ضد حزب الله، وفي الجنوب في غزة، حزب الله ذريعة سهلة لدخول الحرب.
دارت هذه المحادثات الحساسة خلال زيارة بايدن إلى تل أبيب، الأربعاء، وخلال مفاوضات مطولة أجراها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في إسرائيل في وقت سابق هذا الأسبوع.
وفي كلتا الزيارتين، التقى المسؤولون الأمريكيون مع نتنياهو ومجلسه (وزرائه) الحربي، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ إسرائيل، وتجنبوا استخدام لهجة حادة لتحذير الإسرائيليين من (تنفيذ) عمليات عسكرية استفزازية، لأنهم يتفهمون الضعف الذي شعر به المسؤولون الإسرائيليون بعد هجمات 7 أكتوبر، لكن كلًا من بايدن وبلينكن أعربا بشكل واضح عن مخاوفهما.
وقال المسؤولون، إن واحدًا من أشد المؤيدين لفكرة شن هجوم استباقي على حزب الله، هو وزير الدفاع يوآف جالانت، الذي قال إن الجهد العسكري الإسرائيلي الرئيسي يجب أن يركز على حزب الله، لأنه يشكل تهديدًا أكبر من حماس.
وأخبر جالانت الوزير بلينكن خلال اجتماع مصغر، الاثنين، أنه دعا الأسبوع السابق إلى شن ضربة استباقية على حزب الله، لكن مسؤولين آخرين رفضوا الفكرة.
تجنب تكرار الأخطاء
والتقى بايدن، الأربعاء، مع مجلس الحرب الإسرائيلي، حيث كان جالانت حاضرًا، وشدد على مخاطر خوض حرب على جبهتين من خلال طرح أسئلة صعبة بشأن الكثير من التداعيات على إسرائيل إثر صراع شامل مع حزب الله.
كما حذر بايدن من القرارات الكارثية (على غرار) التي اتخذها مسؤولون أمريكيون لغزو العراق، وشن حرب طويلة ومفتوحة في أفغانستان.
في حين، أصدر ممثل عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بيانًا قال فيه إن إسرائيل متحدة في الحرب ضد حماس، وإذا انضمت جماعة حزب الله إلى الحرب، فسوف ترتكب خطأ ًفادحًا، وستدفع ثمنًا باهظًا على نحو غير مسبوق.
وخلال الفترة من 12 أكتوبر إلى 18 أكتوبر، خلال أسبوع جولة بلينكن الماراثونية للشرق الأوسط وزيارة بايدن لتل أبيب، تطورت إدارة بايدن في كيفية نقل مخاوفها إلى إسرائيل، وقررت في نهاية الأمر أن تواجهها بالدروس المستفادة من رد الفعل الأمريكي المبالغ فيه والمكلف على هجمات 11 سبتمبر 2001.
وخلال مؤتمر صحافي في تل أبيب في 12 أكتوبر، تجنب بلينكن الإجابة مباشرة على سؤال من مراسل أمريكي بشأن ما إذا كان لديه أي دروس لنقلها إلى إسرائيل من الرد على هجمات 11 سبتمبر.
ولكن بحلول 18 أكتوبر، كان هو وبايدن يتحدثان عن أخطاء الولايات المتحدة سرًا مع الإسرائيليين، وكان بايدن يشير إليها علنًا في خطاب ألقاه في تل أبيب.
وكان لدى بايدن 3 خطوط بارزة في خطابه الذي ألقاه من تل أبيب أشارت إلى أخطاء ارتكبتها الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر.
وقال بايدن: احذروا هذا بينما تشعرون بهذا الغضب، بعد 11 سبتمبر كنا غاضبين في الولايات المتحدة، وبينما سعينا لتحقيق العدالة، ارتكبنا أخطاء أيضًا.
دور إيران
ويقول مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون، إنهم لم يعثروا بعد على أدلة على أن حزب الله، أو إيران لعبا دورًا في التخطيط لهجمات حماس على إسرائيل.
ورجح المسؤولون أن العديد من كبار المسؤولين في حزب الله، وإيران فوجئوا بالهجمات التي شنتها حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر.
وتشير تقديرات مسؤولون أمريكيون منذ سنوات إلى أن قادة حزب الله اللبناني المدعوم إيرانيًا سعوا لتجنب حرب شاملة مع إسرائيل.
وقدرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) منذ فترة طويلة، أن إسرائيل ستواجه تحديات كبيرة في حرب ضد كل من حزب الله وحماس.
وأوضح المسؤولون أن الأبحاث الأخيرة تتضمن تحليلًا بأن الانقسامات العميقة في إسرائيل بشأن التغييرات التي اقترحها نتنياهو على النظام القضائي، تركت جيش الاحتلال الإسرائيلي أضعف.
مسؤولو البيت الأبيض يساورهم قلق كبير من احتمال اتساع الحرب عندما سمعوا، بعد وقت قصير من هجمات حماس في 7 أكتوبر، عن نقاش بين مسؤولين إسرائيليين بشأن ضربة استباقية ضد حزب الله، وتركيز جهود القتال الرئيسية للبلاد على تلك الجماعة.
تراجع إسرائيل
وفي الوقت الراهن، تجنب نتنياهو دعم هجوم كبير على حزب الله، على الرغم من تشجيع جالانت وكبار جنرالات جيش الاحتلال.
ولم يرد جيش الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن بقوة مفرطة على إطلاق الصواريخ المستمر على مستوى منخفض من حزب الله، لكن الأحداث سريعة الحركة للحرب يمكن أن تغير ذلك.
وأشار مسؤولون إسرائيليون، إلى أنه خلال المناقشات الإسرائيلي الداخلية، أعرب نتنياهو عن بعض الدعم للضربة، وبعض المسؤولين العسكريين الإسرائيليين توصلوا إلى خطة تركز على مهاجمة حزب الله، باستخدام ذريعة غزو غزة كغطاء لهجوم أكبر في الشمال.
وأضاف المسؤولون أن نتنياهو أحجم عن تنفيذ الخطة، ما أثار استياء جالانت، القائد السابق للقوات الخاصة البحرية، وغيره من مؤيدي الخطة.
وبحلول الوقت الذي وصل فيه بلينكن إلى تل أبيب في 12 أكتوبر، أصبح المسؤولون الأمريكيون أقل قلقًا بشأن مثل هذه الضربة، لكنهم ما زالوا قلقين بشأن رد فعل إسرائيلي مفرط محتمل على هجمات حزب الله الصاروخية المستمرة.
وقبل زيارة بايدن إلى تل أبيب، الأربعاء، قالت فيكتوريا نولاند، المسؤولة رقم 3 في وزارة الخارجية، وغيرها من كبار الدبلوماسيين لمجموعة صغيرة من المشرعين الأمريكيين إن إدارة بايدن قلقة من احتمال قيام إسرائيل بتوسيع نطاق الحرب من خلال توجيه ضربة كبيرة إلى حزب الله وجماعات مسلحة أخرى.
كما أعرب دبلوماسيون عن قلقهم من أن يكون الغضب من هجمات حماس في 7 أكتوبر أعمى بعض المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم نتنياهو وجالانت.
وتعهد نائب الأمين العام لحزب الله أمس السبت بأن إسرائيل ستدفع ثمنا باهظا إذا ما بدأت هجوما بريا في قطاع غزة، وقال إن الحزب هو بالفعل في قلب المعركة.
واتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي حزب الله اللبناني بالسعي للتصعيد العسكري في منطقة الحدود وحذر من أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى حرب في لبنان.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، جوناثان كونريكوس، أكد أن حزب الله يعمل على تصعيد الوضع وشن هجمات متزايدة.
وأشار إلى أن هذا التصعيد يمكن أن يضر بلبنان ولن يكون له فائدة، مشيرا إلى أنه يمكن أن يكون للدولة اللبنانية عواقب وخيمة إذا ما تورطت في تحفيز حماس في غزة، على حد تعبيره.
يأتي ذلك فيما عززت الولايات المتحدة جاهزيتها العسكرية في الشرق الأوسط بسبب التصعيد الأخير التي تشهده المنطقة.
وأعلنت أنه سيتم نشر منظومة ثاد المضادة للصواريخ بطاريات باتريوت إضافية للدفاع الجوي في المنطقة.
كما تم زيادة عدد القوات في تأهب استعدادا للانتشار في إطار خطة طوارئ احترازية لزيادة الجاهزية والقدرة على الاستجابة بسرعة.
وقال وزير الدفاع لويد أوستن إن هذه التدابير ستعزز جهود الردع الإقليمي وستعزز حماية القوات الأمريكية في المنطقة وتساهم في الدفاع عن إسرائيل، مشيرا إلى أنه سيواصل تقييم حاجات الجهاز العسكري الأمريكي في المنطقة ويدرس نشر وسائل إضافية في حال الضرورة.
وأشار أوستن إلى أنه اتخذ هذا القرار بعد محادثات مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، من غير أن يوضح عديد القوات الإضافية التي سيتم نشرها.
ومن جانبه، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، إن الاتصالات الدبلوماسية التي تجريها بيروت دوليا وعربيا واللقاءات المحلية، مستمرة، بهدف وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديدا، ومنع تمدد الحرب الدائرة في غزة إليه.
وتشهد حدود لبنان مع إسرائيل تبادلا لإطلاق النار بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي تقريبا، منذ شنت حركة حماس هجوما مفاجئا على إسرائيل في السابع من أكتوبر الجاري.