عاجل| مصر تقطع الطريق على حلفاء إسرائيل لإقناعها بمخطط تهجير الفلسطينيين
بدا أن مُخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة المحاصر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، يرجى تمريره من قبل العديد من العواصم الأوروبية المحورية، رغم الرفض المصري القاطع له، على اعتبار أنه تصفية للقضية الفلسطينية التي يتجاوز عمرها عن نحو 7 عقود.
وتناهض القاهرة المُخطط الإسرائيلي الأمريكي، وعبرت أكثر من مرة على عدم السماح له، وترى أن الحل الوحيد لتلك القضية، هو إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
ومنذ شنت المقاومة الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" التي قتلت على إثرها نحو 1400 إسرائيلي، وأصابت نحو 5000 أخرين، فضلًا عن أسر نحو 400 شخص بين جندي ومستوطن في غلاف غزة.
ووفق تقارير فإن رسالة مصر إلى الدبلوماسيين الغربيين واضحة: "أنها ستسلم المساعدات إلى غزة، لكنها ستقاوم أي ضغط يدفعها لقبول أعداد كبيرة من الفلسطينيين".
ووفق التقارير فإن مسؤول أوروبي قال: "هل تريد منا أن نأخذ مليون شخص؟ حسنًا، سأرسلهم إلى أوروبا، أنت تهتم بحقوق الإنسان كثيرًا، حسنًا، خذها".
وقال المسؤول الأوروبي مستذكرا المحادثة التي دارت بينهما: "المصريون غاضبون جدًا جدًا" من الضغوط التي يتعرضون لها لاستقبال اللاجئين.
وتابعت التقارير: "الضغط من المرجح أن يتصاعد كلما طال أمد الهجوم الإسرائيلي، حيث من المتوقع على نطاق واسع أن تقوم إسرائيل بتوغل بري في غزة، وهي منطقة فقيرة ومكتظة بالسكان تضم 2.3 مليون نسمة، أي ما يقرب من أربعة أضعاف سكان سيناء".
وتفرض قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارا على غزة، إلى جانب قصف عشوائي أدى إلى استشهاد أكثر من 4250 شخصًا.
الباحث في الشؤون الإقليمية، علي رجب، يقول لـ"الرئيس نيوز": "مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء قديم، وظهر للعلن وقتما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي هو شارون، ووقتها رفضت مصر المخطط، لكن هذه المرة تم تجديده مع محاولة مستميتة من قبل إسرائيل وأمريكا وحلفاء الاحتلال الأوروبية مثل بريطانيا وألمانيا تمريره بالضغط على مصر، لكن الإدارة المصرية بدعم شعبي يرفضون بشكل قاطع تمرير المخطط، وان هذا الرفض ليس نابعًا من منطلق رفض مصر استقبال نازحين من المعارك، وإنما خوفًا على القضية الفلسطينية من تصفيتها بهذا الشكل الممنهج".
لفت رجب إلى أن العدوان هذه المرة يزداد همجية، ولا سبيل إلى وقفه إلا عن طريق ضغوط أمريكية أوروبية على إسرائيل، وأن هذه الضغوط سوف تأتي لكن بعد أن تتأكد حكومة الاحتلال أن فاتورة الدم ارتفعت بشكل لن تستطيع تحمله أمام المجتمع الدولي، وقال: "ضغط أمريكا على إسرائيل لإدخال المساعدات لقطاع غزة جاء بعد جريمة قصف المستشفى المعمداني، على الرغم من الدعم المطلق من أمريكا للاحتلال".
رجح رجب أن تستمر مصر على موقفها ولن تقبل بالتهجير القسري للفلسطينيين في قطاع غزة، وأن القاهرة تملك من الأوراق ما يجعلها تفسد جميع تلك المخططات، وقال: "ظني أن مستوى التواصل بين الجانبين المصري الإسرائيلي مستمر، لكن ليس على دون المستوى من التوافق بشأن أمد في القريب العاجل لوقف تلك المجازر في القطاع الفلسطيني المحاصر".
أشار رجب إلى أن التقارير الأوروبية تذهب إلى أن زيارة المستشار الألماني، شولتس، ورئيس الوزراء البريطاني، ريشى سوناك، حاولوا إقناع الإدارة المصرية بمخطط التهجير لكن تلك المساعي قوبلت برفض تام، من القاهرة.
وأشارت تقارير صحفية إلى أن أمريكا وعواصم أوروبية عرضت على القاهرة تسوية جزء كبير من الديون، وكذلك تقديم دعم اقتصادي في ظل الأزمة الاقتصادية المصرية، إلا أن القاهرة رفضت كل تلك العروض لعدم تصفية القضية الفلسطينية.
مخطط قديم
ووثقت صحيفة الدستور الأردنية قبل عدة عقود التحركات والمخططات الإسرائيلية التي تهدف لتهجير 300 ألف مواطن فلسطيني من قطاع غزة إلى خارج الأراضي المحتلة، وهي نفس الخطة التي سعى عدد كبير من قادة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تطبيقها لتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها والقضاء على أي محاولات لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو عام 1967.
نشرت صحيفة الدستور مانشيت رئيسي قبل سنوات تحت عنوان "بدء تفريغ قطاع غزة من السكان"، وهو المانشيت الذي يتفق مع طبيعة المرحلة الراهنة التي تشهدها القضية الفلسطينية من مخططات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربي باتجاه الأردن وسكان قطاع غزة باتجاه مصر، وهو ما رفضته القاهرة وعمان في تصريحات رسمية صادرة عن قيادة البلدين.
في العام يونيو 1967، ومع احتلال إسرائيل قطاع غزة، برزت قضية وجود 400 ألف لاجئ فلسطيني في القطاع كعائق ديمغرافي يمنع حكومة الاحتلال من ضم القطاع والتهامه. ما جعل هذه القضية حاضرة وبقوة على طاولة الحكومة الإسرائيلية التي بدأت تناقش خياراتها، والتي كان أولها مشروع توطين اللاجئين في العريش، فيما ذهب وزراء عدة في تلك الحكومة إلى توسيع الخيارات بالتوطين في مساحات أخرى من سيناء.
جاء اقتراح سيناء من صاحب أولى المشاريع الاستيطانية بعد الاحتلال عام 1967، الوزير في تلك الحكومة يغيئال آلون، والذي جاء بمقترح نقل اللاجئين إلى ثلاث مناطق من العريش، بتمويل يهودي، على أن تبدأ المرحلة الأولى بـ 50 ألفًا. كما وقف الوزير إلياهو ساسون عند علاقة مصر بقطاع غزة، وشدد على ضرورة منع مصر من التدخل في القطاع فلولا "وجود 400 ألف لاجئ لما سمحت مصر للشقيري بإقامة منظمة عسكرية وكتائب "محربين.. ما يهمني هو التأكيد على سلخ قطاع غزة عن مصر".
ورغم عدم نفاذ المخطط، لأسباب تتعلق بالتوازنات الإقليمية ورفض مصر المطلق له، إلا أنه بقي حاضرًا وبقوة في العقل والسلوك السياسيين الإسرائيليين، ففي العام 1971، اقتلع أرئيل شارون 12 ألف لاجئ من القطاع ووضعهم في محطات لجوء أخرى في سيناء. لكن مصر بقيت على موقف صلب تجاه هذه المحاولات، وأصبح رفض التوطين في سيناء جزءًا راسخًا من العقيدة الأمنية والسياسية للدولة المصرية.
لاحقًا، ومع تصاعد قضية قطاع غزة والفعل المقاوم فيها، أصبح القطاع هاجسًا أمنيًا وسياسيًا لإسرائيل، ما قاد رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير جيش الاحتلال الأسبق، اسحق رابين لمقولته "أتمنى أن أستيقظ يومًا وأجد البحر قد ابتلع غزة"، ولذلك أيضًا كانت غزة أول ما انسحبت منه إسرائيل مع عملية التسوية.