وسط تفاقم الوضع الإنساني.. غزة تترقب دخول المساعدات عبر معبر رفح
فيما تتواصل الحرب على غزة في يومها الرابع عشر منذ بدء عملية طوفان الأقصى، ومعها يتزايد عدد الضحايا ويتفاقم الوضع الإنساني في القطاع المحاصر، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إلى وقف إطلاق نار إنساني في غزة.
وقال جوتيريش في مؤتمر صحفي من أمام معبر رفح، إن المنظمة الأممية تعمل بشكل فعال مع مصر وإسرائيل والولايات المتحدة لإدخال المساعدات في أقرب وقت ممكن إلى قطاع غزة.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة، إدخال المساعدات إلى أكثر من مليوني شخص دون ماء أو طعام أو وقود في قطاع غزة بأنه الفارق بين الحياة والموت للكثيرين.
وأضاف: نريد إدخال المساعدات بشكل يومي لتوفير الدعم الكافي لسكان غزة، مشددًا على الحاجة إلى دخول عدد كبير من الشاحنات إلى القطاع يوميًا.
وأوضح جوتيريش أن هناك شروط وضعت لاتفاق إدخال المساعدات إلى غزة، ونعمل على تقليص هذه الشروط لتسريع وصول المساعدات.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، إن مصر بلد ذات سيادة ويجب الإقرار بالقوانين المصرية، وسندخل المساعدات لغزة وفق قوانينها.
وتابع جوتيريش أنه من الضروري للغاية حل أزمة وصول المساعدات لقطاع غزة، ولا يجب معاقبة الشعب الفلسطيني مرتين، مرة خلال العدوان عليهم، والمرة الثانية من خلال منع المساعدات، مشيرا إلى أن مصر هي العمود الأساسي لتوفير الأمل لأهالي غزة.
ووصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، اليوم الجمعة، إلى مطار العريش بمحافظة شمال سيناء قرب الحدود مع قطاع غزة، تمهيدًا لدخول المساعدات من مصر إلى القطاع عبر معبر رفح.
وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إنه يجري محادثات متقدمة مع جميع الأطراف المعنية بالصراع بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية لضمان بدء إدخال المساعدات إلى غزة قريبًا.
وقال المتحدث باسم المكتب ينس لاركيه: نجري مفاوضات مستفيضة ومتقدمة مع جميع الأطراف المعنية لضمان بدء عملية المساعدات في غزة في أسرع وقت ممكن، وفي ظل الظروف المناسبة.
وأضاف: لقد شجعتنا التقارير التي تفيد بأن الأطراف المختلفة تقترب من التوصل إلى اتفاق بشأن الأساليب، وأن تسليم أول (مساعدات) من المقرر أن يبدأ بعد غد أو نحو ذلك.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة، الجمعة، إن المنظمة الدولية تركز جهودها على إنشاء عملية مستدامة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأضاف المتحدث أن غزة محرومة من الوقود والطعام والماء والدواء لما يقرب من أسبوعين الآن، وتعمل الأمم المتحدة على توصيل المساعدات إلى سكان القطاع.
ويبلغ عدد الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة المحاصر أمام معبر رفح المصري، أكثر من 175 شاحنة.
وظل معبر رفح بين مصر وغزة مغلقًا، مما عرقل دخول المواد الغذائية والمياه والإمدادات الطبية للقطاع.
وأفادت مصادر اليوم الجمعة، بأن الآلات المصرية تعمل الآن على إصلاح الأضرار التي لحقت بمعبر رفح من الجانب الفلسطيني، تمهيدًا لإدخال المساعدات.
وبحسب مصدر الفلسطيني سيتواجد بالمعبر منسق من هيئة المعابر (تابعة لحماس) لتنسيق دخول المساعدات إلى حين إيجاد آلية لتأمين وصول موظفي المعبر.
وقال مصدر فلسطيني مسؤول في معبر رفح البري لوكالة AWP إن الإصلاحات المصرية الجارية لبوابة المعبر، الذي يقع أقصى جنوب قطاع غزة، قد يحول دون فتح المعبر اليوم.
وأوضح المصدر، أن بعض المعدات الثقيلة في الجانب المصري تعمل على تسوية الطريق، لتسهيل مرور حركة الشاحنات المحملة بالمساعدات الإغاثية التي تنتظر السماح لها بالعبور إلى قطاع غزة.
وبدأ المسؤولون بمعبر رفح البري رفع الحواجز الخرسانية في المعبر، وتوجهت شاحنات المساعدات إليه اختصارا للوقت ولدخول أكبر كمية من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وجهز المسؤولون بالمعبر الطريق المؤدي إلى الجانب الفلسطيني، كما بدأ سائقو الشاحنات التي تقل المساعدات الإنسانية والطبية بالتحرك من مدينة العريش في اتجاه معبر رفح البري.
وصرح الدكتور لواء محمد عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، بأنه يتم الدفع بالشاحنات للميناء لكسب عنصر الوقت وقت فتح الميناء والتمكن من توفير ممر آمن لعبور المساعدات الإنسانية للقطاع.
وأعلن المحافظ عن وصول كميات من المساعدات إلى محافظة شمال سيناء، حيث وصلت 14 طائرة من عدة دول تحمل نحو 3 آلاف طن من المساعدات الغذائية والطبية والأدوية مقدمة من عدد من الجهات لصالح قطاع غزة.
نقاط خلافية
وقالت مصادر أممية إن خلافات اللحظة الأخيرة بين مصر وإسرائيل قد تؤجل دخول المساعدات إلى قطاع غزة يوم الجمعة، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى ذلك.
وشككت المصادر في إمكانية دخول المساعدات الأولى إلى القطاع منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر، الجمعة، ما لم يتمكن الطرفان من تجاوز الخلافات التي تتركز حول ملفي آلية توزيع المساعدات وإجراءات التفتيش في معبر كرم أبو سالم.
وأوضحت المصادر أن الملف الأكثر تعقيداً يتعلق باشتراط إسرائيل عدم تدخل أي جهة لها علاقة بحركة حماس من قريب أو بعيد في توزيع المساعدات، وهو ما يشكل تحدياً إجرائياً لكون ما تسمى لجنة التنسيق الأهلية في غزة، المتوقع أن تتولى تنظيم عملية التوزيع، تتكون غالبيتها من شخصيات مرتبطة بحماس التي تحكم القطاع، كما أن كثيراً من رؤساء البلديات مقربون من الحركة.
أما وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فلم تعد مؤهلة للقيام بهذا الدور حالياً، بحسب المصادر، بعد انسحابها من مناطق رئيسة شمال ووسط القطاع، عقب الأوامر الإسرائيلية للسكان بالإخلاء إلى الجنوب.
من جانبها، اقترحت إسرائيل دخول طواقم الهلال الأحمر المصري إلى القطاع وتوليها توزيع المساعدات بشكل مباشر، وهو خيار استبعدت المصادر أن يلاقي ترحيب القاهرة لما يمثله من تحديات أمنية ولوجستية، كما أن الجانب المصري لا يملك المعلومات التفصيلية الكافية بشأن الأوضاع المحلية لقطاع غزة حتى يتمكن من اتخاذ القرار منفرداً بشأن الجهات والمناطق الأكثر استحقاقاً، وآليات التوزيع.
وكان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، رجح أن يظل معبر رفح مغلقًا حتى يوم الجمعة إلى أن تنتهي الإصلاحات المطلوبة على الطريق تمهيدًا لإدخال المساعدات لقطاع غزة المحاصر.
واتفق بايدن والرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اتصال هاتفي، الأربعاء، على إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح بشكل مستدام، مع قيام الجهات المعنية في الدولتين بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية الدولية تحت إشراف الأمم المتحدة، لتأمين وصول هذه المساعدات.
ويتعرض قطاع غزة لقصف جوي إسرائيلي مكثف دمر أحياء بكاملها، وأسفر عن سقوط آلاف الضحايا المدنيين، ونزوح مئات الآلاف من سكان غزة عن منازلهم، تزامناً مع قطع تل أبيب إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأمور الأساسية الأخرى عن القطاع.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن عدد الضحايا في غزة ارتفع إلى 3785، بينهم 1524 طفلاً، منذ بداية العدوان الإسرائيلي، فيما ارتفع عدد الضحايا في الضفة الغربية المحتلة إلى 69.
يشار إلى أن توصيل إمدادات الإغاثة إلى غزة أحد أهم الأهداف التي تسعى لها مصر وبذلت جهودا كبيرة في ظل القصف المتواصل من إسرائيل على القطاع المحاصر.
وكان القادة العرب، بمن فيهم الرئيس السيسي، قد ألغوا اجتماعًا كان مقررًا مع بايدن في الأردن عقب القصف الإسرائيلي لمستشفى في قطاع غزة أدى إلى استشهاد 500 فلسطينيا أغلبهم من الأطفال.
إرسال المساعدات إلى فلسطين
وأشار بايدن إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته لم يعترضا على قرار إرسال المساعدات.
صرح مكتب نتنياهو أنه لن يمنع المساعدات الإنسانية من الذهاب من مصر إلى جنوب غزة، طالما استمر تطبيق الإجراءات التي تحول دون نقلها إلى حركة حماس.
وفي المقابل، أكدت مصر أنها لم تغلق معبر رفح منذ بدء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، ولكن التطورات على الأرض والقصف الإسرائيلي للجانب الفلسطيني من المعبر، حالا دون عمله.
جاء ذلك وفقًا لما أفاد به الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتز في القاهرة يوم الأربعاء.
السيسي طالب بضرورة السماح بدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع الذي يتعرض لقصف عنيف منذ أكثر من أسبوع، وتيسير عمل المنظمات الأممية والإغاثية، منبهًا إلى أن مصر مستمرة في استقبال المساعدات وملتزمة بنقلها عن طريق المعبر، لدى سماح الأوضاع بذلك.
الحديث عن المساعدات ليس جديدًا، فخلال الأيام الماضية حاولت الولايات المتحدة العمل مع مصر وإسرائيل وقطر لفتح المعبر أمام الأمريكيين والأجانب للخروج من القطاع، مع احتشاد عدد كبير من حاملي الجنسيات الأجنبية أمام المعبر في انتظار العبور إلى مصر.
من جهته، قال الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاجاري في 14 أكتوبر الجاري، إن أي عبور للمدنيين من قطاع غزة إلى مصر سيجري بالتنسيق مع إسرائيل، مستبعدًا حدوث ذلك في الوقت الحالي.
وكان مصدر أمني مصري أشار في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي، في اليوم نفسه، إلى أن عبور حاملي الجنسيات الأجنبية من قطاع غزة إلى مصر لا يمكن أن يتم إلا بعد السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
كما قال كمال الخطيب، مندوب السفارة الفلسطينية في معبر رفح، إن السلطات المصرية تربط السماح بدخول وعبور الأجانب وحاملي الجنسيات الأجنبية العالقين حاليًا في معبر رفح من الجانب الفلسطيني بدخول المساعدات.
وشنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، هجومًا مباغتا وغير مسبوق في 7 أكتوبر الجاري على إسرائيل قتل فيه أكثر من 1400 إسرائيليا.
ردًا على ذلك الهجوم؛ شنت إسرائيل غارات جوية واسعة النطاق على غزة، مما أسفر عن استشهاد الآلاف في فلسطين.