وسط مخاوف توسُّع الحرب.. إسرائيل تُعلن استعدادها لاجتياح غزة برًا
تستعد إسرائيل لتنفيذ اجتياح بري على قطاع غزة، وذلك في رد على هجوم واسع النطاق وغير مسبوق اقتحم فيه مقاتلو حركة حماس بلدات إسرائيلية في مطلع الأسبوع الماضي وقتلوا نحو 1300 إسرائيلي واحتجزوا رهائن، فيما طلبت روسيا من مجلس الأمن الدولي التصويت على مشروع قرار لوقف النار بين الجانبين، وسط تحذير من إيران لعواقب بعيدة المدى على المنطقة.
ولم يبدأ الهجوم البري المتوقع حتى صباح الأحد، لكن إسرائيل تعهدت بالقضاء على حماس، وتواصل قصفها العنيف على قطاع غزة وفرض الحصار الكامل عليه، وتدمير جزء كبير من بنيته التحتية.
وبحسب آخر إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن ضحايا القصف الإسرائيلي على قطاع غزة ارتفع إلى 2300 شهيد، ربعهم من الأطفال، وأصيب نحو 10 آلاف، فيما يبحث عمال الإنقاذ عن ناجين من الضربات الجوية الليلية.
وفيما أوقع قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي المكثف على القطاع أكثر من 2300 ضحية، أكد أمس السبت استعداده لهجوم واسع النطاق على قطاع غزة، عبر البر والبحر والجو.
وبحسب بيان لجيش الاحتلال فإن كتائبه وجنوده في جميع أنحاء البلاد، على استعداد للمراحل التالية من الحرب، مع التركيز على عملية برية كبيرة.
وبعد أسبوع من الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل، زار أمس السبت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المواقع المتضررة، ووحدات من الجنود على حدود غزة، معلنًا استمرار الحرب على القطاع.
وظهر نتنياهو في فيديو متحدثًا إلى جنود منتشرين على الحدود مع غزة، وقال لهم:هل أنتم مستعدون لما هو آت؟ سيأتي المزيد.
ووفق آخر إحصائية معلنة من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن 279 جنديًا على الأقل لقوا حتفهم منذ الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس السبت الماضي، وما لا يقل عن 126 أسيرا إسرائيليًا.
الموقف الأمريكي
وأفادت وزارة الخارجية الأمريكية بأن وزير الخارجية أنتوني بلينكن أجرى اتصالًا مع نظيره الصيني وانج يي، أمس السبت، وطلب خلاله مساعدة بكين لمنع توسع الحرب إلى أطراف أخرى في المنطقة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، إن بلينكن اتصل بوانج يي من الرياض، ليطلب من الصين استخدام أي نفوذ لها في الشرق الأوسط لمنع الدول والجماعات الأخرى من دخول الصراع بين إسرائيل وحركة حماس.
ولم يذكر ميلر ما هي الدول والجماعات التي تعتقد الولايات المتحدة أن بكين لها تأثير عليها، ولكنه أشار إلى أن للولايات المتحدة والصين، وفق اعتقاد واشنطن، المصلحة مشتركة في استقرار الشرق الأوسط.
وعقد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اجتماعًا مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض، الأحد، في إطار سعيه مع حلفاء بالمنطقة للحيلولة دون تحول الحرب إلى صراع أوسع ومحاولة إطلاق سراح الرهائن.
وقال بلينكن إن اجتماعه في الرياض مع ولي العهد السعودي الذي استمر ما يقل قليلًا عن الساعة كان مثمرًا للغاية.
ومن جانبه، أكد بن سلمان، ضرورة العمل لبحث سبل وقف العمليات العسكرية التي راح ضحيتها الأبرياء، مشيرا إلى سعي المملكة لتكثيف التواصل، والعمل على التهدئة، ووقف التصعيد القائم، واحترام القانون الدولي الإنساني بما في ذلك رفع الحصار عن غزة، والعمل على تهيئة الظروف لعودة الاستقرار، واستعادة مسار السلام بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وتحقيق السلام العادل والدائم.
وشدد ولي العهد السعودي على رفض المملكة استهداف المدنيين بأي شكل أو تعطيل البنى التحتية والمصالح الحيوية التي تمس حياتهم اليومية.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت أن المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات أيزنهاور ستبدأ التحرك نحو شرق البحر المتوسط للانضمام إلى مجموعة حاملة طائرات أخرى موجودة بالفعل.
وقال وزير الدفاع لويد أوستن إن ذلك يعد جزءًا من جهودنا لردع الأعمال العدائية ضد إسرائيل أو أي جهود لتوسيع هذه الحرب في أعقاب هجوم حماس.
مشروع قرار لوقف النار
وفي نيويورك، طلبت روسيا من مجلس الأمن الدولي التصويت، الاثنين، على مشروع قرار بشأن الصراع يدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، ويدين العنف ضد المدنيين وجميع أعمال الإرهاب.
ويدعو مشروع القرار المؤلف من صفحة واحدة إلى إطلاق سراح الرهائن والسماح بدخول المساعدات الإنسانية والإجلاء الآمن للمدنيين الذين يحتاجون إلى إجلاء.
ويشير مشروع القرار إلى إسرائيل والفلسطينيين، لكنه لا يذكر حماس بشكل مباشر.
ويحتاج أي قرار لمجلس الأمن إلى 9 أصوات مؤيدة على الأقل وعدم استخدام الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا أو الصين أو روسيا حق النقض (فيتو).
وتحمي الولايات المتحدة تقليديًا حليفتها إسرائيل من أي إجراء في مجلس الأمن.
إيران وحزب الله
بدورها، حذرت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، في ساعة متأخرة من مساء السبت، من أنه إذا لم يتم وقف جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل على الفور، فإن الوضع قد يخرج عن السيطرة وتكون له عواقب بعيدة المدى.
في المقابل، طلبت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من حزب الله اللبناني ألا تبدأ حربًا على جبهة ثانية، وهددت بتدمير لبنان إذا فعلت ذلك.
وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي إن إسرائيل تحاول عدم الانجرار إلى حرب على جبهتين، محذرًا حزب الله بالبقاء بمنأى عن القتال.
ورد حزب الله بأنه أطلق صواريخ موجهة وقذائف مورتر على 5 مواقع إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها جنوب لبنان.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية العامة أن الحصار فُرض على 5 قرى حدودية، ردًا على توغل مشتبه به من لبنان.
من جهته، حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن وغيره من زعماء العالم من قيام أي دولة بتوسيع نطاق الصراع، فيما دعت المنظمات الدولية وجماعات الإغاثة إلى الهدوء، وتضغط على إسرائيل للسماح بدخول المساعدات الإنسانية.
واتصل بايدن بنتنياهو، السبت، وبينما أكد دعمه لإسرائيل، ناقش التنسيق الدولي لضمان حصول المدنيين الأبرياء على الغذاء والرعاية الطبية.
كما تحدث بايدن مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي شدد على الحاجة الملحة للسماح بممرات المساعدات الإنسانية العاجلة في غزة.
تهجير سكان غزة
يأتي ذلك في وقت، طلب جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجمعة، من سكان النصف الشمالي من قطاع غزة، الذي يضم مدينة غزة، أكبر مدينة في القطاع، التحرك جنوبًا على الفور.
لكن حماس طالبت السكان عدم المغادرة، قائلة إن طرق الخروج غير آمنة، وأن عشرات الأشخاص سقطوا في ضربات على سيارات وشاحنات تقل لاجئين، الجمعة.
وترى إسرائيل إن حماس تمنع الناس من المغادرة لاستخدامهم كدروع بشرية، وهو ما تنفيه الحركة.
ورفض بعض سكان غزة المغادرة، واستعادوا ذكرى النكبة عندما أُجبر الكثير من الفلسطينيين على ترك منازلهم في فلسطين خلال حرب عام 1948 التي صاحبت قيام إسرائيل.
وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إن أهالي قطاع غزة متمسكون بمنازلهم وأراضيهم في وجه البربرية الهمجية، ولن يخرجوا منها حتى يحرروها.
وشدد هنية، في كلمة متلفزة أمس السبت، على أنه لا هجرة من غزة إلى مصر، مشيدًا بموقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين من غزة، مؤكدًا عزم الفلسطينيين على الوقوف في وجه المخطط الصهيو أمريكي.
وأضاف أن ما يفعله العدو بدعم أميركي وغربي غارق في ازدواجية المعايير، مشيرا إلى أن العدو يعتقد بهجماته البربرية الهمجية أنه سيدفع أهل غزة إلى الخروج من أرضهم، لكن هيهات فأهل غزة متجذرون في أرضهم، وفي بيوتهم ومساجدهم.
وقال إن الضربة التي لحقت بالعدو الإسرائيلي استراتيجية وحاسمة، وتؤكد أن تحرير الأرض والعودة إلى الديار أصبحت قريبة، ونحن الآن نستأنف استراتيجية التحرير والعودة.
واعتبر أن كل أدوات القمع لن تمحو آثار ضربة القسام السياسية، والعسكرية، والاستراتيجية، والأمنية، ولن يستطيع العدو مهما فعل يمحو عار الهزيمة وعار الذل وعار الانكسار الذي لحق به مع الضربة الاستراتيجية في 7 أكتوبر.
موقف مصر
يشار إلى أن الطريق الوحيد للخروج من غزة ولا يخضع للسيطرة الإسرائيلية هو معبر رفح، الذي يفصل القطاع عن مصر، إذ أعلنت رسميًا إن جانبها مفتوح، لكن حركة المرور متوقفة منذ أيام بسبب الضربات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من المعبر.
وأعلنت مصادر أمنية مصرية، السبت، أنه يجري تعزيز الجانب المصري، وأن القاهرة ليس لديها نية لقبول تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين.
وأضافت المصادر أن مصر رفضت طلبات غربية للسماح بدخول حاملي جوازات السفر الأجنبية من غزة إلى معبر رفح، حيث اشترطت مصر تزامن ذلك مع السماح بدخول مساعدات إنسانية إلى الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأوضح مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة تعمل على فتح المعبر للسماح لبعض الأشخاص بالخروج، وإنها على اتصال بأمريكيين من أصل فلسطيني يريدون مغادرة غزة.
في حين ترى الأمم المتحدة إنه لا يمكن نقل عدد كبير من الأشخاص على نحو آمن داخل غزة دون التسبب في كارثة إنسانية.
وبدوره، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الأحد، إن إسرائيل تتصرف مع قطاع غزة بحمى جنونية وحالة سعار لآلة القتل، مشددًا على أن ذلك تجسيد لقبح الاحتلال ووحشيته ولا بد أن يستيقظ الضمير العالمي أمام ما يجري من جرائم.
وأشار أبو الغيط إلى جرائم حرب متراكمة ومخالفات هائلة للقانون الدولي الإنساني، منبهًا أن الموقف الدولي آخذ في التغير والاستفاقة من هوس دعم إسرائيل، مؤكدا مواصلة التحركات والاتصالات السياسية حتى يتغير هذا الوضع.