هل تكبح مبادرة الحكومة لخفض أسعار السلع جماح التضخم؟
واصلت معدلات التضخم فى مصر ارتفاعاتها لمستويات قياسية، بعدما قفز المعدل السنوى لإجمالي الجمهورية إلى 40.3% لشهر سبتمبر 2023 مقابل 15.3% لنفس الشهر من العام السابق، وقد سجل المعدل فى حضر الجمهورية نحو 38% خلال سبتمبر الماضي، مقابل 37.4% في أغسطس الماضي.
تتزامن التضخمية الأخيرة مع استعدادات الحكومة لإطلاق مبادرتها لخفض أسعار عدد من السلع الغذائية الأساسية بنسبة تتراوح بين 15 و25% بالتنسيق مع ممثلي التجار والصناع، وذلك في ظل موجة تضخمية حادة تعاني منها البلاد مع تراجع قيمة الجنيه.
ومن المقرر أن تدخل المبادرة حيز التفيذ اعتبارًا من السبت القادم، وتشمل السلع الآتية: الفول، ومنتجات الألبان، والجبن الأبيض، والزيت الخليط، والمكرونة، والسكر، والعدس، وكذا منتجات الدواجن والبيض، والأرز.
وفى هذا الإطار، تعتزم الحكومة إعفاء السلع المدرجة فى المبادرة من أية جمارك أو رسوم لمدة 6 أشهر، مع الاتفاق مع التجار على كتابة الأسعار على المنتجات وإتاحتها بكميات كبيرة في السلاسل التجارية.
تعليقًا على المبادرة، قال الدكتور صلاح فهمي الخبير الاقتصادي واستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن أى مبادرة لخفض الأسعار أمر محمود ويخفف بكل تأكيد من معاناة المواطنين التى تتفاقم بشكل متسارع منذ أزمة الحرب الروسية وما تبعها من شح فى الدولار، وارتفاع غير مسبوق فى أسعار مختلف السلع، لكنه اعتبر توقيت إطلاقها وتحديد إطار زمنى لتفعيل المبادرة لمدة 6 أشهر يجعلها من قبيل المبادرات الإنتاخبية، ونوع من التودد ومصالحة الشعب.
وأكد الخبير الاقتصادي، فى تصريحات خاصة، أن الوضع الراهن يتطلب العديد من المبادرات المستدامة تتدخل على أساسها الحكومة بشكل مستمر ومستدام للسيطرة على الأسعار عن طريق إحداث التوازن بين العرض والطلب من خلال تشجيع زيادة الإنتاج الصناعى والزراعى وتوفير الدولار لاستيراد السلع الأساسية وحث المواطنين على ترشيد الاستهلاك وترتيب أولويات الإنفاق.
وتابع: إطلاق المبادرة فى هذا التوقيت وتقديم كافة التسهيلات مع التجار والصناع فتح المجال أمام العديد من التساؤلات حول سبب تأخر تلك المفاوضات طيلة الأشهر الماضية، أين كانت الحكومة فى هذا الوقت كان فيه فترة خصبة لتصحيح الأوضاع، وواصلًا: هناك حاجة إلى نية صادقة لإنهاء الأزمة وتحمل كل جهة مسئوليتها للسيطرة على الأسواق المنفلته والبحث عن حلول نهائية وليس مسكنات.
وتوقع رئيس قطاع الإحصاءات الاقتصادية بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء مصطفى سعد، انكسار ارتفاعات التضخم اعتبارًا من نوفمبر القادم مع إطلاق مبادرة خفض أسعار السلع الأساسية، مشيرًا إلى أن السلع الغذائية تشكل أكثر من ثلث وزن سلة السلع الإجمالية وتأثيرها كبير على معدل التضخم.
وأضاف "سعد"، فى تصريحات خاصة، أن الجهاز سيرصد تأثير مبادرة خفض أسعار السلع الغذائية الأساسية بواسطة فرق الباحثين المنتشرة فى مختلف أنحاء الجمهورية لرصد التغير فى متوسطات الأسعار لشهر أكتوبر مقارنة بشهر سبتمبر الماضى ضمن أعمال بحث الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين الذي يجري شهريًا.