حوار| د. علي الدين هلال: الانتخابات التنافسية التعددية تعطي شرعية للرئيس.. والنظام السياسي لم يتبلور حتى الآن (1-2)
- يجب على أجهزة الدولة إزالة أي عراقيل أمام المرشحين كافة
- قوة أي نظام سياسي ديمقراطي تأتي من العملية الانتخابية حتى لو أحدث ذلك صداعا
- لا يمكن تأسيس نظام مستقر لمدة طويلة ورئيس الجمهورية لا يرأس حزب
- لا يجب أن نخاف من الحرية ومن حق مؤسسات الدولة أن تضمن الاستقرار والأمن
- التعبير عن الرأي لا يقلق ولا يهدد الأمن ولا الاستقرار
- أتمنى أن يكون للانتخابات المقبلة دورا فاعلا في تشكيل النظام السياسي المصري مستقبليا
- لا نمتلك تقاليد واضحة فيما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهوررية.. وتجاربنا محدودة
أكد الدكتور علي الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية ومقرر عام المحور السياسي بالحوار الوطني، أن الانتخابات التعددية تقوي من مؤسسات الدولة والنظام السياسي وتعطي شرعية للرئيس أنه يأتي من خلال انتخابات تنافسية تعددية.
وقال علي الدين هلال في حواره مع “الرئيس نيوز” إنه يجب على كل أجهزة الدولة المسؤولة أن تدفع في اتجاه انتخابات تنافسية تعددية، وإزالة أي عراقيل أمام المرشحين كافة، لأن قوة أي نظام سياسي ديمقراطي تأتي من العملية الانتخابية حتى لو أحدث ذلك صداع تكلفته ستكون أقل كثيرا من منعه.
وأضاف أنه لا يجب أن نخاف من الحرية ومن حق مؤسسات الدولة أن تضمن الاستقرار والأمن فهذا واجبها، لكن التعبير عن الرأي لا يقلق ولا يهدد الأمن ولا الاستقرار، وفي النهاية يجب توسيع المجال العام وفتح دائرة الحوار لسياسي والفكري والثقافي. وإلى نص الجزء الأول من الحوار.
في البداية.. ماذا عن رأيك في أجواء دورة الانتخابات الرئاسية التي بدأت إجراءاتها؟
بالطبع أتابع جيدا كل ما يجري على الأرض، ولدينا عدد من المرشحين منهم الرئيس عبدالفتاح السيسي وفريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي، والمهندس حازم عمر، والدكتور عبدالسند يمامة، حصلوا على التزكيات، وهناك أحمد الطنطاوي يحاول جمع التوكيلات، وفي خلال الأيام المقبلة سنعرف من يتوافر له الشروط القانونية للترشح، وهنا أتوقف أمام الرئيس السيسي تحديدا لأن كلامه عن الترشح كان مختصرا، وقال نريد انتخابات تعددية، وهذا نفس التعبير الذي استخدمه مجلس أمناء الحوار الوطني، لأن الانتخابات التعددية تقوي من مؤسسات الدولة والنظام السياسي وتعطي شرعية لرئيس الدولة أنه يأتي من خلال انتخابات تنافسية تعددية، ودائما المحللين وأجهزة المخابرات ترصد وتحلل وتتابع نسبة المشاركة للمواطنين أولا لتقييم مدى شعورهم بسلامة العملية الانتخابية، وهذا يظهر مدى الوعي السياسي، والرئيس السيسي قال “أرجوكم انزلوا بأكبر عدد عايزين العالم كله يتابع الديمقراطية المصرية”، ويجب على كل أجهزة الدولة المسؤولة أن تدفع في هذا الاتجاه وتزيل أي عراقيل أمام جميع المرشحين، لأن قوة أي نظام سياسي ديمقراطي تأتي من العملية الانتخابية سواء الرئيس أو البرلمان، وأتمنى فعلا أن يشهد شهري نوفمبر وديسمبر المقبلين حركة سياسية في البلاد، وأراء مختلفة ومتنوعة، حتى لو أحدث ذلك صداع تكلفته ستكون أقل كثيرا من منعه.
كيف ترى إدارة المشهد الانتخابي للانتخابات الرئاسية 2024؟
الطبيعي أن رئيس الدولة هو الحلقة المركزية في نظام الحكم والنظام السياسي، الرئيس هو الحلقة الحاكمة للنظام السياسي، ومنذ سنة 2014 كان هناك تحديات ضخمة منها إرهاب داخل القاهرة وغيره ومئات المظاهرات أعقاب صلاة الجمعة واهتزاز وقصور بعض الجهات الحاكمة، والرئيس تحدث عن تثبيت مؤسسات الدولة، وكان له تعبير صدم المصريين عندما قال "مصر شبه دولة" وهو كان يقصد أن المؤسسات القائمة في مصر لا تصنع دولة قوية، وليس لديها قدرة تمكنها من الوفاء بدورها، واعتقد أننا مازلنا في مرحلة انتقالية ليس بالمعنى القانوني ولكن بالمعنى السياسي، وشكل النظام السياسي لم يتبلور حتى الأن، والعادة أن الأحزاب ترشح ناس لرئاسة الدولة ولازلنا في طور تشكل النظام السياسي، وأتمنى أن الانتخابات القادمة يكون لها دور فاعل في تشكيل النظام السياسي المصري مستقبليا، خاصة أننا لا نمتلك تقاليد واضحة فيما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، فمنذ 1952 وحتى 2005 كان هناك استفتاء وليس انتخابات، وتجاربنا في انتخاب رئيس الجمهورية محدودة بدأت عام 2005، ومن بعدها كان لكل تجربة منهم سمات مختلفة، وحقيقة ليس لدينا تقاليد سياسية لانتخاب الرئيس لا على مستوى النخبة ولا على المستوى الشعبي.
الحياة الحزبية ليست بالقوة الكافية لتقديم بدائل حقيقية للحكم.. دستوريا هي آخر فترة للرئيس السيسي ومستقبليا نجد أنفسنا بلا بدائل قوية سواء من داخل النظام أو خارجه.. فكيف نواجه هذا الأمر؟
أفضل في السياسة والتحليل السياسي في الديمقراطية أن أصف الأحزاب بأنها هي موتور وماكينة العمل السياسي، وتعبر عن التعددية السياسية، ولذلك المطلوب منا كلنا دعم الأحزاب السياسية المصرية والبحث بداخلها عن بدائل، وقدمنا في الحوار الوطني اقتراحات لهذا منها إعطاء دعم قانوني للأحزاب وتعديل بعض مواد القانون، ودور الأحزاب مهم والحوكمة المالية والإدارية للأحزاب مهمة جدا، والهدف توفير بيئة قانونية وسياسية تنشط الأحزاب، وحقيقة أنا ضد الكلام وكأن مصر عقمت ولا يوجد بها سياسيين، فإذا أعطيت الأحزاب السياسية الفرصة ودخل فيها أصحاب الخبرات والشباب ليتعلم مثل تجربة التنسيقية ستفرغ قيادات واعدة. فهناك أحزاب يسارية وأحزاب وسط وأحزاب ليبرالية وأخرى محافظة، وكله يقدم بدائل مختلفة وكل هذه الأفكار موجودة في مصر ولديهم رموز سياسية وفكرية محترمة وأسماء لامعة، ويجب إتاحة الفرصة لهم، والسماح لهم بالتجمع والتعبير عن أنفسهم والتواصل مع الناس في إطار الدستور والقانون، لا يجب أن نخاف من الحرية (الحرية مش بتخوف) ومن حق مؤسسات الدولة أن تضمن الاستقرار والأمن فهذا واجبها، لكن التعبير عن الرأي لا يقلق ولا يهدد الأمن ولا الاستقرار، وفي النهاية يجب توسيع المجال العام وفتح دائرة الحوار لسياسي والفكري والثقافي.
من الطبيعي أن يكون رئيس الدولة تابع لحزب أو يمثله حزب بينما الرئيس السيسي ليس له ظهير سياسي.. كيف نعالج ذلك؟
السبب عندما كان هناك فترة التعدد الحزبي كان الرئيس هو رئيس حزب ويرشحه الحزب، ولديه برنامج متكامل، والوضع الحالي سببه أن وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسي ساهم في الحركة الشعبية ضد الإخوان ونظر إليه المصريون جميعا كبطل وهذا ظرف استثنائي، والوضع كالتالي (واحد الشعب كله معاه وعنده ظهير شعبي كبير عايز تقوله سيبك من دول واعمل حزب طبعا، مستحيل) والرئيس السيسي له وضع خاص ولكن هذا الوضع سيتغير ولابد في النهاية النظام السياسي العادي الطبيعي أن الأحزاب ترشح والمنافسة تكون حزبية، والحالة التي نمر بها استثنائية، فالرئيس اعتمد على توكيلات شعبية لأنه ليس له ظهير سياسي حزبي منظم برغم وجود 60 حزبا يؤيدونه، ولكن ولا حزب منهم ظهير سياسي منظم للرئيس.
الإخوان في فترة حكمهم كان لديهم جماعة تنظيمية وكان هناك هيكل قد يكون نواه لنظام لم يكتمل.. فماذا عن النظام بعد 30 يونيه.. هل اكتمل الهيكل التنظيمي أم لازلنا في طور التشكل؟
بالطبع قولا واحدا النظام السياسي في مصر بعد 30 يونيو مازال في طور التشكل لكي تتضح معالمه، هناك حراك وعملية إصلاح وتكوين نظام، ولا يمكن تأسيس نظام مستقر لمدة طويلة ورئيس الجمهورية لا يرأس حزب، أي رئيس جمهورية منتخب يجب أن يكون له ظهير سياسي، وهناك مسؤلية تاريخية للرئيس السيسي لتأسيس هذا النظام، خاصة أن الدستور يفترض أن رئيس الجمهورية يأتي دائما من خلفية حزبية وعندما يتم انتخابه عليه أن ينهي علاقته بالحزب أو الائتلاف الحزبي التابع له.
ومازلنا في مرحلة انتقال سياسي والنظام يتبلور وله عناصر مختلفة، دور الأحزاب السياسية والتعددية وتوسيع دائرة المجال العام، والحوار بين الناس، وكل هذه الأمور كانت محل توصيات من الحوار الوطني في المحور السياسي وطرحنا أفكار كثيرة منها قضية الرئيس وعلاقته بالأحزاب السياسية.
وماذا عن التجارب الحالية والتي ظهرت في عهد الرئيس السيسي "تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين"؟
هذه التجربة بدأت "تنسيقية شباب الأحزاب" حتى نكون محددين، وفي لحظة ما تغير اسمها وأصبحت "تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين"، والمرحلة الأولى كنت متابع لها وقريب منها ولكني لم أكن جزء منها، وطلب حينها من كل حزب ترشيح شبابه المميزين، وجميع الأحزاب رشحت واختارت أفضل عناصرها المعبرة عن آرائها وأيدلوجيتها، وعندما اجتمعوا معا ومع المسؤلين قيل أن ليس الهدف دمج الأحزاب، ولكن كل فرد سيظل مخلصا لتوجهاته وانتمائه الحزبي، وهو نوع من الائتلاف الوطني للاتفاق على قضايا معينة تجمعنا، وهي قريبة لفكرة الحوار الوطني من أجل الوصول لنقاط تلاقي وتوافق حول قضايا بعينها.
وفي الجزء الأول هي تجربة ناجحة جدا من حيث الفكرة والاختيارات والعناصر بعضها أشخاص فاهمة وقوية، وبعدها حدث توسع وأضيف السياسيين وأصبح من الصعب معرفة اتجاهاتهم السياسية، والتقييم على المجموعة الحزبية فقط وهم لازالوا الأغلبية، والشكل العام لأدائهم مقبول جدا والتجربة قابلة للتطوير، خاصة أن عدد منهم دخل البرلمان ولديهم رؤية وقوة ووعي حقيقي، وبصفتي مقرر للمحور السياسي بالحوار الوطني تابعتهم جيدا وبعضهم دارس وفاهم جيدا ولديه رسائل محددة وإيجابية.
هل كانت هذه المحاولات جادة من النظام أم الهدف منها الحشد الشعبي فقط؟
الحشد ده موجود طول الوقت ولا يحتاج نخبة، لأن من يقوم بالحشد هي السلطة التنفيذية مثل المدارس والمصانع والشركات، ولكن الحديث عن صناعة النخبة كان دائما مقلق للنظام، خوفا من تناميه وسيطرته، فدائما الأنظمة تخشى من تقوية الكيانات المستقلة لدرجة معينة حتى لا تؤثر على هذه الأنظمة نفسها.