بعد فوزها بجائزة نوبل للسلام.. من هي الإيرانية المحبوسة نرجس محمدي؟
فازت الناشطة الإيرانية نرجس محمدي المدافعة عن حقوق المرأة والداعية إلى إلغاء عقوبة الإعدام في بلادها، الجمعة، بجائزة "نوبل للسلام" لعام 2023.
ورددت رئيسة لجنة "نوبل" النرويجية بيريت ريس أندرسن، في بداية حديثها كلمات "نساء.. حياة.. حرية" بالفارسية، وهي من بين شعارات الاحتجاجات السلمية التي خرجت ضد الحكومة الإيرانية، وأشادت بمحمدي ووصفتها بأنها "مقاتلة في سبيل الحرية".
وقالت لجنة الجائزة: "قررت اللجنة منح جائزة نوبل للسلام لعام 2023 إلى نرجس محمدي تكريمًا لنضالها ضد قمع النساء في إيران ومحاربتها من أجل تعزيز حقوق الإنسان والحرية للجميع".
ومن المقرر تسليم الجائزة، وقيمتها 11 مليون كرونة سويدية (نحو مليون دولار) في أوسلو في 10 ديسمبر، وهو تاريخ يتزامن مع ذكرى وفاة ألفريد نوبل، الذي أسس الجائزة في وصيته عام 1895، لكن نرجس ربما لا تتمكن من حضور حفل تسلم الجائزة بسبب وجودها في السجن.
من هي نرجس محمدي؟
ولدت نرجس كريم محمّدي في مدينة زنجان بإيران، 21 أبريل 1972، وهي ناشطة إيرانية في مجال حقوق الإنسان ونائبة رئيس مركز المدافعين عن حقوق الإنسان.
والتحقت بجامعة الإمام الخميني الدولية، وحصلت علي شهادة في الفيزياء، وأصبحت مهندسة محترفة، وخلال مسيرتها الجامعية، كتبت مقالات تدعم حقوق المرأة في الصحيفة الطلابية، وألقي القبض عليها في اجتماعين لمجموعة الطلاب السياسيين "مجموعة الطلاب المضيئة"
ثم عملت كصحفية في عدة صحف إصلاحية، ونشرت كتابًا عن مقالات سياسية بعنوان الإصلاحات والاستراتيجية والتكتيكات.
وفي عام 2003، انضمت إلى مركز المدافعين عن حقوق الإنسان، برئاسة الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2003 شيرين عبادي، وأصبحت في وقت لاحق نائبًا لرئيسة للمنظمة.
وفي عام 1999، تزوجت من زميلها الصحافي الموالي للإصلاح تقي رحماني، الذي لم يمض وقت طويل على اعتقاله الأول، والذي انتقل إلى فرنسا في عام 2012 بعد أن قضى 14 عامًا في السجن، ولديهما توأم علي وكيانا.
أين نرجس محمدي الآن؟
أصبح اسم نرجس محمدي مرادفًا للنضال من أجل حقوق الإنسان في إيران، وهي معركة كلفت هذه الناشطة كل شيء تقريبًا، إذ تقضي الآن أحكامًا عدة في سجن "إيفين" بالعاصمة طهران بمجمل عقوبات تصل إلى 12 عامًا تقريبًا، إثر إدانتها باتهامات "نشر دعاية ضد الدولة"، وفقًا لمنظمة "فرانت لاين ديفندرز"، المعنية بالدفاع عن الحقوق.
وبحسب شبكة "CNN" الأميركية حُكم عليها أيضًا بـ 154 جلدة، وهي عقوبة تعتقد جماعات حقوقية أنها "لم تطبق حتى الآن".
وتعد محمدي المرأة الـ19 التي تفوز بالجائزة التي تمنح منذ 122 عامًا والأولى منذ فوز الفلبينية ماريا ريسا بالجائزة في 2021 بالمشاركة مع الروسي دميتري موراتوف.
رسالة من السجن
وفي أغسطس، حُكم على نرجس بالسجن لمدة عام إضافي، بسبب نشاطها المستمر داخل السجن، بعد أن أجرت مقابلة إعلامية وأصدرت بيانًا بشأن الاعتداءات الجنسية في السجن.
وأرسلت نرجس إلى شبكة "CNN" رسالة مطولة تنتقد فيها 4 عقود من الحجاب الإلزامي في إيران، وتنتقد ما تقول إنه "نفاق دولة دينية تستخدم العنف الجنسي ضد المعتقلات".
وقالت: "عندما وصل إلى السلطة قبل 4 عقود، استخدم النظام الحجاب الإلزامي لإظهار صورة الهيمنة والقهر والسيطرة على المرأة كوسيلة للسيطرة على المجتمع".
وأضافت: "أجبر النظام بسهولة نصف سكان إيران على الحجاب الإلزامي، والشادور (زي نسائي شعبي ترتديه المرأة الإيرانية) والسراويل الداكنة لتقديم الوجه البغيض للنظام الاستبدادي للعالم".
وتابعت نرجس: "أُجبرت النساء الإيرانيات على مدى 44 عامًا على ارتداء غطاء الرأس والمعاطف الطويلة والسراويل الداكنة في حرارة الصيف، والأسوأ من ذلك تعرضهن لضغوط نفسية للالتزام الصارم بالحجاب الإلزامي (...) هؤلاء النساء يتعرضن للاعتداء والتحرش الجنسي".
وأعرب تقي رحماني، زوج نرجس، الذي يعيش في فرنسا، عن فخره بالجوائز الدولية المرموقة التي حصل عليها نيابة عنها، قائلًا: "لدى نرجس طاقة لا نهاية لها من أجل الحرية وحقوق الإنسان".
وأثار رحماني وجماعات حقوقية مخاوف بشأن صحة نرجس وحصولها على الرعاية الطبية بعد إصابتها بنوبة قلبية وخضوعها لجراحة، العام الماضي.
ويحمل سجن "إيفين" شديد الحراسة الذي شُيّد في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، قبل نصف قرن، ذكريات مؤلمة في وجدان الإيرانيين، إذ لطالما ذكرت تقارير دولية استنادًا إلى تحقيقات وشهادات معتقلين سابقين أن السجن يشهد انتهاكات إنسانية بين جدرانه.