الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

ريسبونسبل ستيتكرافت: ماذا لو لم تساعد الولايات المتحدة إسرائيل في حرب أكتوبر 73؟

الرئيس نيوز

في مثل هذا الأسبوع قبل خمسين عامًا، هاجمت القوات المسلحة المصرية، جيش الاحتلال الإسرائيلي في سيناء التي كانت تحتلها تل أبيب، مع هجوم سوري متزامن في مرتفعات الجولان المحتلة، لبدء ما أصبح يعرف باسم نصر أكتوبر، وقد أظهرت الحرب وتداعياتها الدبلوماسية بعض طرق النظر إلى دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والتي تنعكس في قضايا السياسة اليوم وعززتها، وفقًا لتحليل "بول ر. بيلار"، زميل مركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون وزميل مركز جنيف للسياسة الأمنية.

وفي قراءة "بيلار" التي نشرتها مجلة "ريسبونسبل ستيتكرافت"، كان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر ينظران إلى الصراع العربي الإسرائيلي، كما كانا ينظران إلى أغلب سياساتهما الخارجية، من خلال عدسة الحرب الباردة في المقام الأول.

وعلى مستوى علاقات القوى العظمى، يمكن لوجهة النظر هذه أن تسفر عن نجاحات مثل الانفتاح على الصين، وهو ما اعتبر نجاحًا جزئيًا كوسيلة للالتفاف على الاتحاد السوفييتي. لكن فرض نموذج الحرب الباردة على الصراعات المحلية قد يؤدي إلى تفسيرات خاطئة غير مفيدة لمضمون مثل هذا الصراع إلى حد كبير.

ويكاد يكون من المؤكد أن هذا التفسير كان تفسيرًا خاطئًا لطبيعة الصراع والأهداف الإسرائيلية، فقد ساعد الجسر الجوي للأسلحة من الولايات المتحدة إسرائيل على الإفلات من مصير مجهول في نهاية المطاف وكان كيسنجر هو مدير اتفاقيات فك الارتباط اللاحقة بين إسرائيل ومصر، مما أدى إلى إغلاق المجال أمام السوفييت وليس أقلها أن الأحداث المتعلقة بالحرب وتداعياتها دفعت الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات إلى إلغاء معاهدة الصداقة التي أبرمتها مصر مع الاتحاد السوفييتي في عام 1976، وأن يصبح شريكًا لواشنطن أكثر من موسكو.

لا يزال إطار الحرب الباردة قائمًا في بعض الرؤى الأمريكية الحالية لدور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط - على الرغم من أن الصين يُنظر إليها أحيانًا على أنها القوة العظمى الخصم ويؤكد المروجون لجهود إدارة بايدن للتوسط في علاقات دبلوماسية كاملة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، في غياب أي تفسير آخر لكيفية تعزيز هذه الجهود للمصالح الأمريكية، أن اتفاق التطبيع من شأنه أن يحد من النفوذ الصيني في منطقة الخليج العربي.

وبقدر ما تبتعد ذكريات حرب أكتوبر 1973 عن عقليات الحرب الباردة وتركز على ما كان يفعله العرب والإسرائيليون، فإن تلك الذكريات في الغرب جاءت مشوهة وتميل إلى الرواية الإسرائيلية المزيفة المستندة إلى المظلومية والتي تصور إسرائيل على أنها مسالمة ومحاصرة وتنفي عنها أي اعتداء أو سفك للدماء بل تزعم أنها كانت تدافع ببسالة عن نفسها ضد جيران عدوانيين ومعاديين حريصين على مهاجمتها وقذفها الدولة اليهودية في البحر في أول فرصة.

لا شك في أن هذه الصورة شكلت المليارات من الدولارات من المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل وصحيح أن اثنتين من تلك الدول العربية المجاورة، مصر وسوريا، هما اللتان شنتا حرب أكتوبر 1973، ويغيب عن الرواية الإسرائيلية أن الأمر الأقل بروزًا في تشكيل صور دائمة ومؤثرة هو حقيقة أن القوات المصرية والسورية كانت تهاجم الأراضي التي استولت عليها إسرائيل بالقوة في الحرب التي بدأتها إسرائيل بمهاجمة مصر في الخامس من يونيو 1967 كما يغيب عن الرواية الإسرائيلية أن الهدف العسكري المباشر لمصر وسوريا في عام 1973 وبالتالي كان الهدف هو استعادة الأراضي التي كانت جزءًا من هذين البلدين حتى استولت عليها إسرائيل بقوة السلاح قبل ست سنوات.

وكانت إسرائيل أيضًا قد أطلقت الطلقات الأولى في حرب سابقة أخرى ضد مصر في عام 1956 ثم بدأت لاحقًا أعمالًا عدائية أخرى في المنطقة، بما في ذلك غزو لبنان وغير ذلك من الأعمال التي تشكل في مجملها استخدامًا للقوة العسكرية خارج الأراضي الخاضعة لسلطة الاحتلال، وحديثًا كانت الحملة الجوية الأكثر نشاطا للهجمات العسكرية عبر الحدود في المنطقة هي الهجوم الجوي الإسرائيلي على أهداف في سوريا.

وبعد نصف قرن من حرب أكتوبر 1973، لا تزال إسرائيل بعيدة كل البعد عن كونها دولة محاصرة، بل هي بدلًا من ذلك الدولة الأكثر نشاطًا عسكريًا في الشرق الأوسط، مع القليل من التردد في إلقاء ثقلها العسكري ولكن صورة الدولة الصغيرة التي تتعرض للتهديد من جيرانها العدوانيين لا تزال ذات نفوذ في وسائل الإعلام الغربية.

إن التداعيات السياسية والدبلوماسية لحرب 1973 هي جزء آخر من إرث الحرب وتمكن الجيش المصري من القيام بعمل جيد بما فيه الكفاية في الأيام الأولى للحرب لاستعادة الكرامة الوطنية في أعقاب عام 1967 وقد منح أداء القوات المسلحة المصرية السادات المجال السياسي للقيام برحلة صنع السلام إلى القدس في عام 1977 وأدى ذلك بدوره إلى اتفاقيات كامب ديفيد التي توسطت فيها الولايات المتحدة في عام 1978، وهي واحدة من الأحداث البارزة فيما لا يزال يسمى عملية "السلام العربي الإسرائيلي".