موقع أمريكي: هل كان من الممكن تجنب الحرب بقبول عرض السادات للسلام؟
سلط تقرير نشره موقع "جويش نيوز سندكيت" الأمريكي، المتخصص في شؤون الدولة اليهودية، الضوء على حجم الندم الهائل والمرارة التي لا يمحوها مرور خمسة عقود من الزمن منذ انتصرت القوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر، وتساءل التقرير: "هل كان من الممكن تجنب حرب 1973 بقبول عرض السادات للسلام؟".
وأكد التقرير أن الزعيم المصري الراحل محمد أنور السادات كان يرغب في أن يتفاوض من موقع قوة؛ ومن أجل تحقيق ذلك، كان عليه أن يتغلب على هزيمة 1967.
وأشار ميتشل بارد، وهو محلل في السياسة الخارجية وخبير في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ومؤلف 22 كتابًا بما في ذلك كتاب "اللوبي العربي"، إلى أن الفرصة التاريخية التي أهدرتها إسرائيل لمنع تصاعد الصراع قبيل الحرب، حينما رفض الإسرائيليون عرض الرئيس الراحل أنور السادات للسلام في عام 1971، وانتظمت الصحف الإسرائيلية في ذلك الوقت ضمن جوقة تعزف لحنًا واحدًا زاعمة أن السادات لم يعرض السلام على إسرائيل؛ وإنما طالب بالاستسلام.
وفي غضون أسابيع من نهاية ذلك الصراع، بدأت مصر حرب الاستنزاف بقصف المواقع الإسرائيلية بالقرب من قناة السويس وفي 21 أكتوبر 1967، أغرقت مصر المدمرة الإسرائيلية إيلات، مما أسفر عن مقتل 47 شخصًا وبعد بضعة أشهر، بدأت المدفعية المصرية في قصف المواقع الإسرائيلية على طول قناة السويس، وتعرضت الدوريات العسكرية الإسرائيلية لكمائن لا يزال القادة الإسرائيليون يذكرونها جيدًا ثم في صيف عام 1970، أقنعت الولايات المتحدة إسرائيل ومصر بقبول وقف إطلاق النار وكان الهدف من وقف إطلاق النار هو أن يؤدي إلى مفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة.
ومع ذلك، في 7 أغسطس، نشر السوفييت والمصريون صواريخ أرض - جو متطورة في المنطقة المحظورة التي يبلغ عمقها 32 ميلًا على طول الضفة الغربية لقناة السويس رغم مخالفة ذلك لاتفاق وقف إطلاق النار الذي كان من المفترض أن يمنع إدخال أو إنشاء أي منشآت عسكرية في هذه المنطقة ووصفت الترتيبات المصرية بأنها "أضخم نظام مضاد للطائرات تم إنشاؤه على الإطلاق" وهو ما وفر لاحقًا تغطية جوية للهجوم المصري المفاجئ والضربة المباغتة في حرب أكتوبر.
واستؤنفت المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، وشاركت إسرائيل راغبة في تصدير صورة لها وكأنها حريصة على إحراز تقدم نحو السلام، وهو ما يفنده هشرات السنين من المراوغات الإسرائيلية في عملية السلام، وسرعان ما تم اختصار المحادثات من قبل المبعوث الخاص للأمم المتحدة آنذاك، جونار يارينج، عندما تمسك بتفسير للقرار 242 ودعا إلى انسحاب إسرائيل الكامل من خطوط ترسيم الحدود قبل 5 يونيو 1967.
وعلى هذا الأساس، أعرب أنور السادات، رئيس مصر الجديد (توفي جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970)، عن استعداده "للدخول في اتفاق سلام مع إسرائيل" في رسالة بتاريخ 20 فبراير 1971 إلى يارينج، وهي مبادرة رفضتها إسرائيل زاعمة رفضها لأي تحفظات وشروط مسبقة، ومن ثم أعطى السادات إسرائيل إنذارًا نهائيًا: "قبول العرض بالكامل أو رفضه بالكامل"، أي أنه أصر على أن تختار إسرائيل أحد خيارين لا ثالث لهما، إما الانسحاب غير المشروط من جميع الأراضي التي احتلتها والاعتراف بحقوق الفلسطينيين وإما الحسم العسكري.
وكانت مطالب السادات غير مقبولة بالنسبة لإسرائيل وعلاوة على ذلك، شكك الإسرائيليون في صدق السادات بعد أن وعد الرئيس المصري الراحل اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في القاهرة عام 1971 بأنه سيدعم منظمة التحرير الفلسطينية حتى النصر وبعد خمسة أيام من إعلان السادات استعداده لصنع السلام مع إسرائيل، كتب محمد حسنين هيكل، رئيس تحرير صحيفة الأهرام وأحد المقربين من السادات: "ليس للسياسة العربية في هذه المرحلة سوى هدفين. الأول، إزالة آثار عدوان 1967 من خلال انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي التي احتلتها في ذلك العام والهدف الثاني هو إزالة آثار عدوان 1948".
وحاول التقرير تبرئة رئيسة وزراء الاحتلال جولدا مائير من تهمة إهدار فرصة لصنع السلام وتجنب حرب عام 1973، دون جدوى، فقد أخفقت جولدا في الرد بشكل إيجابي على مبادرات السادات، وكان السادات قد هدد بالذهاب إلى الحرب إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي وطالب بانسحاب إسرائيل الكامل من سيناء، وقد أثبت التاريخ أنه كان جادًا تمامًا.