المسألة اللبنانية.. هل تنجح قطر فيما أخفقت فيه فرنسا؟
وسط إحباط متزايد واضح بشأن الجمود في الوضع السياسي في لبنان، عادت إلى السطح، في الأسابيع الأخيرة، التقارير حول تحركات قطرية تشير إلى طموحات الدوحة لكي تحل محل المبادرة السياسية الفرنسية في لبنان، حيث توقع المحللون أن هذه الخطوة من المحتمل أن تكون إضافة مرغوب فيها لمساعي الدوحة لإثبات "المصداقية" كوسيط مقبول بين الأحزاب المنقسمة في بيروت.
وتصاعدت التكهنات حول التحول المحتمل في الأدوار في ملف الرئاسة اللبنانية في الأسابيع الأخيرة على الرغم من الجهود المستمرة منذ أشهر بقيادة المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان لانتخاب زعيم لبناني جديد.
وفي فبراير، اجتمعت مجموعة خماسية - تتألف من خمسة أحزاب هي قطر والمملكة العربية السعودية ومصر والولايات المتحدة وفرنسا - في محاولة لكسر الجمود المستمر منذ أشهر للضغط من أجل انتخاب رئيس جديد. ثم اجتمعت المجموعة للمرة الثانية في الدوحة في يوليو.
ومع ذلك، وفقًا لصحيفة "دوحة نيوز"، مع عدم تحقيق أي تقدم ملموس أو حلحلة لجمود المشهد السياسي في لبنان، تفيد التقارير أن الولايات المتحدة تقوم الآن بتسليم زمام الأمور إلى قطر، حسبما ذكرت قناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني.
وأبرز التقرير إحجامًا لدى الخماسي عن الاجتماع في مقر البعثة الفرنسية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك بسبب الانقسامات بين الأعضاء، مشيرًا إلى اعتراض أمريكي على أسلوب الإدارة الفرنسية للملف اللبناني.
وأضاف أن “مداولات اللقاء جاءت متناقضة مع الأجواء السعودية الفرنسية التي سادت بيروت خلال حضور لودريان.
وكان من الواضح أن الأمريكيين، الذين كانوا يدفعون باتجاه إسناد المهمة إلى قطر، لم يدعموا التقارب الفرنسي السعودي الذي حرص لو دريان ووليد البخاري المبعوث السعودي إلى بيروت على إظهاره”.
وأضافت الوكالة اللبنانية أن وزير الدولة القطري بوزارة الخارجية الدكتور محمد بن عبد العزيز بن صالح الخليفي حضر أيضًا الاجتماع المذكور في نيويورك، والذي انتهى دون بيان نهائي ولكن مصادر المنار نفت ما تردد عن وصول وفد قطري إلى بيروت هذا الأسبوع “للتوصل إلى تفاهم داخلي”.
وبدلا من ذلك، قالت المصادر إن القطريين أجلوا زيارتهم إلى الأسبوع الأول من أكتوبر، تزامنا مع زيارة المبعوث الفرنسي المرتقبة إلى لبنان.
وذكر تقرير منفصل لصحيفة الأخبار اللبنانية اليومية أن الأمريكيين "يضغطون بشكل واضح من أجل إسناد مهمة" محادثات الرئاسة إلى حليفتهم الخليجية قطر.
تصاعد الإحباط
ينبع الجمود السياسي الطويل الأمد في لبنان من الانقسامات العميقة بين الأطراف المختلفة، فضلًا عن عدم وجود اتفاقات بشأن مرشح للرئاسة وفشلت الدولة المنكوبة بالأزمات في انتخاب رئيس 12 مرة على الأقل منذ ترك الرئيس السابق عون منصبه، حيث ضغط كل حزب من أجل مرشحه المفضل.
وهيمنت هذه القضية على جدول أعمال اجتماع الدوحة في يوليو، حيث شددت المجموعة على “الحاجة الملحة إلى قيام القيادة اللبنانية بتسريع الانتخابات الرئاسية”.
وناقشت تنفيذ "الإصلاح الاقتصادي الحتمي" الذي تشتد الحاجة إليه كما اتخذت المجموعة الخماسية "خيارات ملموسة فيما يتعلق بتنفيذ الإجراءات ضد أولئك الذين يعيقون التقدم" في انتخاب الرئيس.
وفي الآونة الأخيرة، أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على الحاجة إلى التضامن الدولي في أزمة لبنان المتعددة الأوجه.
وفي لبنان، حيث الخطر يخيم على مؤسسات الدولة، جاء التأكيد القطري على ضرورة إيجاد حل مستدام للفراغ السياسي، وإدخال الآليات التي تحبط تكراره، وتشكيل حكومة قادرة على تلبية تطلعات الشعب اللبناني والحصول عليها.
وقال الشيخ تميم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء الثلاثاء: “خرجنا من أزماتنا الاقتصادية والتنموية”.
وأضاف أمير قطر: “إن المعاناة الطويلة التي يعيشها هذا الشعب الشقيق بسبب حسابات سياسية وشخصية، أمر مؤسف”.
وفي نيويورك أيضا، التقى رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، اليوم الأربعاء، رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي وجرى خلال اللقاء بحث علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى مناقشة مخرجات الاجتماع الخماسي حول لبنان الذي استضافته الدوحة.