إعادة تركيب عطور الماضي في مصر القديمة (صور)
أن تكون إنسانًا يعني أن تتساءل عما يحدث بعد أن نموت، وهل هناك حياة آخرة؟ ولكن السؤال الذي ربما لم تطرحه على نفسك هو: كيف تبدو رائحة الحياة الآخرة؟ ومع ذلك، بالنسبة للمصريين القدماء، كانت هناك إجابات محددة للغاية، وسلطت الأبحاث الجديدة الضوء على هذا الجانب من ممارسات الدفن الخاصة بهم.
وكشف تحليل الزيوت العطرية والراتنجات الموجودة في أوعية من الحجر الجيري والتي كانت تحتوي على أعضاء سينيتناي، وهي سيدة نبيلة من الأسرة الثامنة عشرة عاشت حوالي عام 1450 قبل الميلاد، عن مزيج من المكونات تم إعداده وإعادة تركيبه بعناية فائقة، وفقًا لمجلة "كونفرسيشن" البريطانية.
وقد قدم الباحثون ذلك على أنه "رائحة الآخرة" في تقرير علمي وسيتم الكشف عن الرائحة في معرض تفاعلي في متحف "مويسجارد" في الدنمارك بعنوان مصر القديمة – هوس نادر بالحياة النابضة، ومن المقرر أن يفتتح المعرض يوم الجمعة الموافق 13 أكتوبر 2023.
وعملت السيدة سينيتناي كممرضة للملك المستقبلي أمنحتب الثاني ما ضمن مكانتها في الحياة الآخرة وأدى لدفنها في وادي الملوك ولسوء الحظ، لم تنجو أحشائها من عبث اللصوص ولكن راتنجات التحنيط المستخدمة في تحنيط جثمانها كانت ذات رائحة مميزة انعكاسًا لمكانتها في الدوائر الملكية وبيانًا لثروة الملك وسلطته.
وورث أمنحتب الثاني واحدة من أكبر الإمبراطوريات المعروفة على الإطلاق من والده تحتمس الثالث.
كان سينيتناي محظوظًا لأنه عاش في وقت ازدهار كبير لمصر، ولأنه كان جزءًا من حاشية الملك وتم انتشال جرارها الكانوبية (الحاويات التي حفظت أحشاء الموتى للحياة الآخرة) من المقبرة KV42 بواسطة هوارد كارتر في عام 1900.
لم يكن الراتينج نموذجيًا للدفن المصري القديم - حتى لو كان ذو مكانة عالية - لأنه كان باهظ الثمن للغاية، ويحتوي على مكونات من أراضٍ بعيدة، ما يشير إلى التبادل التجاري بين مصر وبلدان العالم القديم، وتوفر هذه الراتنجات والزيوت المستخدمة في التحنيط روائح طيبة ووظائف عملية في عملية الحفظ، ولكنها كانت لها أيضًا أهمية روحية.
تميل البقايا البشرية المحنطة إلى أن تكون رائحتها حميدة نسبيًا بعد ضخ الزيوت العطرية والراتنجات ذات التأثير الدائم كما ساعد الملح ونبيذ النخيل المستخدم في تحضير الجسم نفسه في الحفاظ على خصائص المكونات الأخرى وغالبًا ما يكون هناك رائحة مميزة من الصنوبر أو الأرز، مع بعض البهارات من القرنفل والكمون والمر، وكميات محسوبة بعناية من النباتات والزهور وأوراق وأخشاب عدد من الأشجار.
ويعتمد بلسم السيدة سينيتناي إلى حد كبير على شمع العسل والزيوت النباتية وراتنج الأشجار، مع الدهون الإضافية والقار والراتنجات الأخرى وتمثل المكونات لمحة سريعة عن الإمبراطورية المصرية ومدى انتشارها، وقد جاء العديد منها من مسافة بعيدة ومن المحتمل أنه تم الحصول على راتنج شجرة الصنوبر من شمال البحر الأبيض المتوسط، بمنطقة لبنان وسوريا الخالية أما القرنفل فتم جلبه من جنوب شرق آسيا (وربما الهند بشكل أكثر تحديدًا).