عسكري إسرائيلي يضطر للتنكر في زي حاخام للتعرف على مصابي الاحتلال في حرب أكتوبر
بعد أقل من أسبوعين من إفراج الموساد عن وثائق حرب أكتوبر، التي رفعت عنها السرية مؤخرًا، في محاولة لتبرئة قياداته من العديد من الإخفاقات الاستخباراتية قبل الحرب وأثنائها، كشف قائد عسكري إسرائيلي سابق عن حجم الصدمة التي انتشرت في أوساط الحكومة وجيش الاحتلال بسبب ارتفاع عدد القتلى والمصابين الإسرائيليين منذ شنت القوات المسلحة المصرية هجومًا منسقًا بالاشتراك مع الجيش السوري وبدعم الشعوب العربية ونجاح المصريين في عبور قناة السويس ودك النقاط الحصينة في شبه جزيرة سيناء.
ووصف موقع "واي نت نيوز" التابع لصحيفة يديعوت أحرونوت الجنرال "يوم طوف تامير" بأنه القائد الذي اضطر للتنكر في هيئة حاخام خلال الحرب، التي يطلق عليها الإسرائيليون اسم "يوم الغفران"، وحدث ذلك في أعقاب سماح القوات المسلحة المصرية فقط لموظفي الحاخامية بدخول الأراضي الخاضعة لسيطرتها في سيناء للتعرف على جثث القتلى، وكان "تامير" ضابطًا برتبة عميد وتولى قيادة اللواء المدرع التاسع آنذاك، واضطر للتظاهر بأنه حاخام لاستعادة جثث رفاقه الذين سقطوا في القتال.
وأثناء اندلاع الحرب، كانت الكتيبة التاسعة في سلاح المدرعات بقيادة تامير، قد منيت بخسائر كبيرة، قال عنها تامير "أكثر من أن تحصى" وأدى الهجوم غير المتوقع للقوات المصرية إلى خسارة 67 جنديًا في يوم واحد وبعد العبور الناجح لقناة السويس، بقي تامير مع الجيش الإسرائيلي من الجانب الغربي والآن، بعد مرور 50 عامًا، شارك تامير موقع "واي نت" تفاصيل فريدة عن تجربته الاستثنائية خلال تلك الأيام المضطربة التي تعتبر أسود أيام في تاريخ دولة إسرائيل.
ويستذكر تامير، الحائز على وسام الخدمة المتميزة، "خلال وقف إطلاق النار، علمت أن هناك نقاشات مع المصريين بشأن فصل القوات، وكانت إحدى النقاط المتفق عليها هي إمكانية البحث عن جنود إسرائيل الذين اعتبروا في عداد المفقودين"، مضيفًا: "سمعت في ذلك الوقت أن الفرق الحاخامية العسكرية كانت متجهة إلى المنطقة التي قاتلنا فيها والتي كانت آنذاك تحت السيطرة المصرية، شرق قناة السويس، ومن ثم، ذهبت إلى مقر الفرقة والتقيت بقائد الفرقة أرييل شارون وقلت له: ماذا؟ "هل يسمح للحاخامات بدخول سيناء؟ أريد الذهاب إلى هناك وخلال الحرب، كانت لدي لحية ولم أحلقها لفترة طويلة ولذلك قال لي شارون بطريقته المعتادة: لقد تم ترسيمك حاخامًا".
ويتذكر قائلًا: "لقد أزلت رتبتي وتخليت عن الزي العسكري وأخذت القلنسوة من أحد الجنود وسافرت عائدًا إلى المنطقة التي حررها المصريون"، وهكذا وجد القائد العلماني نفسه متنكرًا بزي حاخام وتواصل طوال الوقت مع الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي، مردخاي بيرون، وبدأ تجهيزه لدخول سيناء، وسأله بيرون أين درس وسلمه للحاخام يسرائيل زنجريفيتش، كبير حاخامات الفيلق لتلقينه دوره الجديد.
وقبل شهرين من اندلاع الحرب، كان زنجرفيتش لا يزال حاخام اللواء 7، حتى تمت ترقيته إلى منصب حاخام الفرقة 252 في سيناء وكان تركيز تامير ينصب على استكشاف المواقع التي اشتبه في سقوط جنوده بها ولم يتمكن أحد من استعادة جثثهم أثناء القتال وفي البداية، لم يُسمح إلا لأفراد الحاخامات العسكريين بالدخول.
يتذكر يوم طوف تامير قائلًا:"كان برفقتنا ضابط هولندي من الأمم المتحدة وضابط مخابرات مصري، ولاحظت أن الضابط المصري يرتاب في شكلي وهيئتي، ثم بدا عليه القلق، لكني لم أعرف السبب، ولما أردت الوصول إلى دبابة قائد السرية التي كانت قد تعرضت لهجوم كبير، لاحظ الضابط المصري أنني أعرف إلى أين أذهب جيدًا وفجأة قال لي بالعبرية: "أنت لست حاخامًا. أنت قائد الفرقة 9"، ولكنني أنكرت ذلك" وفي ذلك الموقع دار حوار مثير بين تامير والضابط المصري، ويقول تامير: "بدأنا نتحدث وسألني الضابط المصري أين أدرس، وكان هو يحمل درجة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط من جامعة نيودلهي وبينما كنا نتحدث أكثر، وقال لي: "ما لا أفهمه عنكم أيها اليهود هو لماذا تأخذون دم الأطفال لمائدة الفصح، فقلت له: أنت إنسان مثقف يا محمد، كيف تصدق مثل هذه الخرافات؟ أعتقد أنه قرأ قصص تشهير الدم، وربما بروتوكولات حكماء صهيون".
وتابع: "وصلنا إلى دبابة قائد الفصيلة أوري حكمان، وكانت محترقة ولم نجد داخل الدبابة شيئًا ولاحظت أن الأرض بجانب الدبابة غير مستوية، فأخذت مجرفة من الدبابة وتم الحفر لأعثر على جثتي قائد الفصيلة وسائقه مئير أكريش، وقمنا بجمع الجثث ونقلها إلى موقع الدفن في إسرائيل.