تقرير| مصر وتركيا هما الوجهتان السياحيتان المفضلتان في الشرق الأوسط
على الرغم من مواجهة المنافسة الشديدة من جانب أوروبا وجنوب الكرة الأرضية، والتي غالبًا ما تعتبر الملاعب السياحية الرئيسية في العالم، فإن شعبية الشرق الأوسط تتزايد بين المسافرين في الوقت الحالي، حيث يختار عدد متزايد من السائحين المكان المشمس لقضاء عطلاتهم بدلًا من البقاء في أوروبا بطقسها المائل إلى البرودة، رغم أن دولًا مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر غالبًا ما يتم إدراجها كوجهات سياحية مغرية في المنطقة، إلا أن هناك دولتين أخريين تقودان تريند الحجز الآن، وهما بلا شك مصر وتركيا بعد أن سجلتا زيادة كبيرة في أعداد الزوار، وهما لا تمثلان مفاجأة بالنسبة للعديد من خبراء السياحة.
وطرح تقرير لموقع "ترالفل أوف باث" المهتم بشؤون السياحة هذا السؤال المهم: "لماذا إذن تجتذب المدن المصرية والتركية كل هذا العدد من الأجانب، وخاصة الغربيين؟"، ولماذا يؤكد الخبراء أن تركيا ومصر لا تزالان الوجهتين المفضلتين الجديدتين القديمتين في الشرق الأوسط.
ووفقًا لخبرا شركة السفر "أون ذا بيتش" ومقرها المملكة المتحدة، والمتخصصة في عروض العطلات المشمسة، فإن تركيا، ومصر الأكثر رواجًا بين عملائها، مع أكثر من ضعف عدد الحجوزات التي تلقوها في عام 2018-2019.
وأشار التقرير بصفة خاصة إلى منتجعات دهب الشاطئية في مصر، كاختيار ذهبي يعتز به الغربيون، كما أوضح خبراء السفر، فإن ذلك يُعزى جزئيًا إلى ضعف الليرة التركية، العملة الوطنية التركية، وتراجع الجنيه المصري، العملة المصرية وفي السنوات الخمس الماضية، انخفضت قيمة العملة التركية بشدة بأكثر من 80% مقابل الدولار.
وفي عام 2018، كان الدولار الأمريكي يساوي 4.5 ليرة، بينما اليوم يشتري ما يصل إلى 23 ليرة، ويرجع ذلك إلى السياسات الاقتصادية غير التقليدية التي تنتهجها تركيا، وبالمثل، يمر الجنيه المصري بمرحلة صعبة، وعلى الرغم من ضرورة أخذ التضخم في الاعتبار، فلا يمكن إنكار أن انخفاض قوة العملة لم يعزز الصادرات فحسب، بل عزز حجوزات العطلات أيضًا.
ففي نهاية المطاف، أصبح الغربيون الذين ضربتهم الأزمة الاقتصادية، وخاصة الأمريكيين والبريطانيين، يفضلون بقوة الآن الوجهات الأقل تكلفة والأرخص حيث ترتفع قيمة دولاراتهم السياحية.
ما مدى تكلفة تركيا ومصر؟
قضاء العطلة في بودروم، إحدى مدن المنتجعات الرائدة في تركيا، وواحدة من أكثر المدن السياحية بأسعار معقولة في عام 2023، يبلغ متوسط سعر الفندق حدًا معقولًا إلى حد ما 57 دولارًا في الليلة، مع متوسط سعر أقل يبلغ 51 دولارًا فقط، وفقًا لما أوردته شركة "بادجت يور تريب".
كما أن أسعار المستهلكين في بودروم أقل بكثير من وجهات البحر الأبيض المتوسط الأخرى، حيث تكون الوجبات في المطاعم متوسطة المستوى أرخص بنسبة تصل إلى 60.2% مقارنة بماربيا في إسبانيا، أو 56.1% مقارنة بسان تروبيه، في الساحل الجنوبي الباهظ التكلفة لفرنسا.
ولا تعتبر مصر مختلفة كثيرًا من حيث القدرة على تحمل التكاليف، واستنادًا إلى البيانات التي تم جمعها من 121 فندقًا، يبلغ متوسط سعر الفندق في شرم الشيخ، التي ربما تكون منطقة المنتجعات الأكثر فخامة في البلاد، 84 دولارًا كما أن تناول الطعام غير المكلف والفنادق الصديقة للميزانية ليست هي الأسباب الوحيدة التي تجعل المنتجعات المصرية أكثر جاذبية في الشرق الأوسط وقد ساهم انخفاض تكلفة العطلات والإقامة في تجديد شعبية المقاصد السياحية المصرية في الوقت الراهن.
ما الذي يجب أن تقدمه هذه الدول أيضًا؟
قد تكون تركيا ومصر وجهات شاطئية واعدة تتميز بشواطئها الرملية التي تغمرها المياه الفيروزية واستراحات المدينة النابضة بالحياة، لكن جاذبيتها الرئيسية تعتمد على تاريخها المتراكم الذي يمتد لآلاف السنين والكنوز القديمة وقبل وجود تركيا كدولة، كانت شبه جزيرة الأناضول التي تقع فيها موطنًا لبعض أهم المدن في العصور القديمة، مثل طروادة وأفسس، حيث كتبت أجزاء من الكتاب المقدس، وأتاليا، وهي ميناء تجاري رئيسي لا تزال أتاليا - أنطاليا الحديثة - مليئة بالمعالم التاريخية، بما في ذلك بوابة هادريان، وهي بوابة مدينة رومانية تعود إلى القرن الأول الميلادي، وأسوار المدينة المحفوظة جيدًا. وتجتمع كل هذه الأشياء جنبًا إلى جنب مع الأجواء الصاخبة للمنتجع الحديث المطل على البحر، مما يجعل أنطاليا وجهة فريدة من نوعها.
وفي إسطنبول، تكمل بقايا الإمبراطورية الرومانية القوية مباني أخرى تعود إلى العصر البيزنطي والعثماني المتأخر، مع تحول أيقونات المدينة مثل آيا صوفيا، التي كانت في السابق أكبر كاتدرائية مسيحية في العصور القديمة، إلى مسجد.
وتتمتع مصر بمزايا فائقة وهي بالتأكيد لا تحتاج إلى مقدمة، بأهراماتها ذات الشهرة العالمية، وعدد لا حصر له من المزارات والمقابر والمعابد، والمدن الأثرية مترامية الأطراف التي تقف فوق حضارات ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ الإنساني وتأتي مصر في صدارة أي قائمة سياحية مهمة يحصل عليها عملاء وكالات السفر على مستوى الشرق الأوسط، ومن الممكن أن تنافس أوروبا والكاريبي، بل يمكنها أن تتفوق عليهما.