الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

هل تجمع بريكس يمثل تهديدًا استراتيجيًا لأمريكا؟

الرئيس نيوز

قبل أسبوعين، أعلنت مجموعة البريكس أن الأرجنتين، ومصر، وإثيوبيا، وإيران، والسعودية، والإمارات سوف تنضم إلى الكتلة الاقتصادية في عام 2024، وعلى الرغم من الحماس واسع النطاق في الدوائر المناهضة للغرب، فإن المجموعة التي ستضم قريبا 11 دولة ضمن الكتلة الاقتصادية الأعضاء هي شراكة مصالح، لا تشكل تحالفًا طويل الأمد ولا تشكل تهديدًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، بحسب تحليل نشره موقع مجلة "يورآسيا ريفيو" المتخصصة في تحليلات الشأن الدولي.

ويشير التحليل إلى معايير الانضمام إلى البريكس على أنها لا تزال تنطوي على قدر من الغموض فلا يوجد حتى الآن ميثاق للبريكس ولا تتولى شؤون الكتلة أمانة عامة ثابتة ولا تمتلك موقع ويب وظيفي ويشير التحليل إلى البريكس بعبارة "النمر الاقتصادي" الذي لا يزال حلمًا على الورق ولديه أيضًا قائمة طويلة من التحديات الهيكلية التي يتعين عليه التغلب عليها، فثمة قدر من عدم التماسك الأيديولوجي، والذي يتسم بقضايا تتراوح بين تضارب المصالح الداخلية إلى وجهات نظر دولية متباينة، سوف يفرض تحديات معقدة على "الكتلة" في المستقبل المنظور.

وتعاني بعض الدول من أزمات اقتصادية راهنة ولكل منها تحدياتها الخاصة وتظل بعض دول البريكس مثقلة بالديون لدائنيها الدوليين، وعلى وجه التحديد المؤسسات التي أنشأتها الولايات المتحدة أي صندوق النقد والبنك الدوليين، ومن مصلحة تلك الدول التي تتحقق عبر الانضمام إلى مجموعة البريكس أن تستمر في موازنة اعتمادهما على الغرب من خلال تحويل أعبائها المالية إلى أكتاف الدائنين المحتملين الآخرين. 

وفي حين أنه من المرجح أن تستفيد بكين من انخفاض قيمة عملة الأرجنتين لشراء الأصول بأسعار منافسة وزيادة عدد المعاملات المبرمة باليوان بدلًا من الدولار، فإن بوينس آيرس تستفيد من زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر وتجديد الوصول إلى العملات الأجنبية، وهو ما ينطبق على مصر كذلك.

وبالنظر إلى إثيوبيا التي دمرتها حرب تيجراي، ويتفاقم هذا الدمار بسبب الجفاف والمجاعة في شمال البلاد وعلى الرغم من أن إثيوبيا تشهد نموًا اقتصاديًا هائلًا بالأرقام، إلا أن أزمة إثيوبيا تتفاقم بسبب هروب رؤوس الأموال التاريخي ويقدر البروفيسور أليمايهو جيدا أن إثيوبيا سجلت ما لا يقل عن 45 مليار دولار من تدفقات رأس المال إلى الخارج خلال العقد الماضي مؤكدًا أن هذا المبلغ يتجاوز المبلغ الإجمالي خلال فترة الـ 44 عامًا السابقة.

وفي حين قدمت السعودية والإمارات مساعدات أمنية لا تقدر بثمن للحكومة الإثيوبية خلال الحرب الأهلية، فإن الحجم الأكبر من الاستثمار الأجنبي المباشر في إثيوبيا يأتي الآن من الصين. إن تعزيز كل هذه العلاقات من خلال الانضمام إلى مجموعة البريكس هو ثمرة سهلة المنال وليس لعبة قوة دبلوماسية.

أما إيران، فتخضع لعقوبات الولايات المتحدة وهي مثل موسكو وبيونغ يانغ، تجد طهران نفسها الآن عالقة في قبضة بكين وعلى الرغم من "التقارب الدبلوماسي" الذي توسطت فيه الصين، فإن أكبر تهديد للأمن القومي للمملكة العربية السعودية والإمارات لا يزال يتمثل في إيران.

وتعد الصين، إلى جانب السعودية والإمارات، ثلاثة من أكبر خمسة شركاء اقتصاديين للهند ومع ذلك، لا تزال دلهي وبكين على خلاف بشأن العديد من القضايا وعلى الرغم من المخاوف بشأن أمريكا من جانب الصين، وباكستان من جانب الهند، فإن دلهي وبكين تشكلان بلا أدنى شك التهديد الجيوسياسي الأعظم على المدى الطويل لبعضهما البعض، قبل نهاية القرن الحادي والعشرين، ستصبح الصين والهند قوتين رئيسيتين تشتركان في حدود أطول من 3400 كيلومتر. 

وبدون الخوض في تفاصيل النزاعات الحدودية الطويلة الأمد بين البلدين، فإن تغير المناخ، الذي يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي، سوف يشكل مصدرًا لا نهاية له من التوتر لهذين البلدين، كما أن أنظمتهما السياسية غير متوافقة. 

كما أن الصين وروسيا لا تستفيدان من "السلام الديمقراطي"، وهذا يزيد من احتمال نشوب صراع عسكري واسع النطاق مع مرور الوقت، ولهذه الأسباب وغيرها، تعمل الهند على الموازنة بين اعتمادها على الأسلحة الروسية وعلاقاتها الاقتصادية مع الصين من خلال كونها عضوًا في الرباعية، وهو منتدى أمني يضم أستراليا واليابان والولايات المتحدة.

وعلى عكس دول البريكس، فإن المؤسسات الغربية بقيادة واشنطن توحدها القيم الأساسية مثل الديمقراطية ويعد حلف شمال الأطلسي، ركيزة الغرب، المنظمة الدولية الأكثر نجاحا في التاريخ وعلى الرغم من منتقديه، فقد نجح هذا الدرع في حماية أمريكا الشمالية وأوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وفي الواقع، لم تحاول أي دولة رجعية استخدام القوة العسكرية لانتهاك السلامة الإقليمية لدولة عضو في منظمة حلف شمال الأطلسي منذ ما يقرب من قرن ومن المؤسف أن نفس الشيء لا يمكن أن يقال عن الدول الأوراسيوية الأخرى خارج التحالف، مثل قبرص، وجورجيا، ومولدوفا، وأوكرانيا. ويتكرر نجاح حلف شمال الأطلسي في مؤسسات غربية أخرى، والتي تشمل مؤسسات سياسية مثل الاتحاد الأوروبي، ومنتديات دبلوماسية مثل مجموعة السبع، وقائمة طويلة من اتفاقيات التجارة الحرة، والاتفاقيات الأمنية بين الولايات المتحدة واليابان، وواشنطن وسيول، والاتحاد الأوروبي في الولايات المتحدة.

واختتم التحليل بالقول: "إن خطر الاستغناء عن الدولرة الذي تفرضه مجموعة البريكس مبالغ فيه وباستثناء وقوع كارثة عالمية، فإن مثل هذا التغيير الجذري لن يحدث بين عشية وضحاها وفي الواقع، تظل الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تتمتع باقتصاد كبير بما يكفي وعملة ونظام مصرفي مستقر بما يكفي لضمان المعاملات الدولية في حين تفرض الصين، البديل الوحيد، ضوابط صارمة على رأس المال، وهو ما يفضل نموها الاقتصادي القائم على التصدير ولكنه يخنق المدفوعات عبر الحدود، لذا من المهم التأكيد على أن رأس المال لا يبحث فقط عن الأسواق، والمستثمرون لا يسعون فقط إلى تحقيق الأرباح فهم يسعون، بين أمور أخرى، إلى سيادة القانون، وحماية حقوق الملكية الفكرية، والعملة المستقرة، والنظام المصرفي السليم، والحد من تدخل الدولة، والاستقرار السياسي. وعلى النقيض من بكين، تفي واشنطن بكل هذه المعايير بكل وضوح".